السبت 5 يوليو 2025 09:17 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور محمد عطا عبدالتواب يكتب : إعادة بناء الحضارات من نبذ التعصب بين الشعوب والدول العربية والإسلامية.

الدكتور محمد عطا عبدالتواب
الدكتور محمد عطا عبدالتواب

في عالم يتسم بالتنوع والاختلاف، من الأهمية بمكان أن نتجاوز التعصب والانغلاق الفكري بين الدول العربية والإسلامية. تشترك هذه الدول في الكثير من القيم والتقاليد الإسلامية والعربية المشتركة، ولكن في الوقت نفسه تتمتع كل منها بخصوصياتها وثقافتها الفريدة ،إن التعصب والتمييز على أساس الانتماء الديني أو القومي له عواقب وخيمة على المجتمعات. ينتج عنه انقسام وتوتر بين الشعوب، ويحول دون تحقيق التكامل والتعاون الذي من شأنه تعزيز التنمية والرخاء المشترك لذا، من الضروري جداً أن تتبنى الدول العربية والإسلامية سياسات وممارسات تعزز التسامح والتفاهم المتبادل كما ينبغي التركيز على ما يجمع بين الشعوب بدلاً من إبراز الخلافات والاختلافات كما ينبغي تشجيع الحوار البناء والتبادل الثقافي والعلمي بين هذه الدول وفي النهاية، إن نبذ التعصب وتعزيز التكامل بين الدول العربية والإسلامية هو مسؤولية مشتركة لجميع القادة والمجتمعات المعنية من خلال هذا النهج، يمكن للمنطقة العربية والإسلامية أن تنهض وتحقق التقدم والازدهار الذي تستحقه ، فهنالك عدة أمثلة على الدول التي نجحت في تعزيز التسامح بين مختلف المجموعات الدينية والعرقية داخل مجتمعاتها مثل

ماليزيا فهي دولة متعددة الأعراق والديانات، حيث يعيش المسلمون والبوذيون والهندوس والمسيحيون جنبًا إلى جنب حيث تبنت الحكومة الماليزية سياسات تعزز التعددية الثقافية والتسامح الديني، مثل إقامة أعياد دينية مختلفة والتشجيع على الاحتفال بها بالاضافة لإصدار بعض التشريعات والقوانين لحماية حقوق الأقليات الدينية والعرقية وضمان المساواة في الفرص.

تونس من الدول الواعدة فى هذا المجال حيث نجدهم بعد الثورة في 2011، أقرت تونس دستورًا جديدًا يؤكد على الحريات الدينية والمدنية من خلال إلغاء القوانين التي كانت تمييز ضد المرأة وتقييد حرياتها حتي أصبحت تونس نموذجًا للتسامح الديني في المنطقة، حيث يعيش المسلمون والأقليات الدينية الأخرى بسلام.

إندونيسيا فعلى الرغم من كونها أكبر دولة مسلمة في العالم، إلا أن إندونيسيا تتميز بالتنوع الديني والعرقي حيث أقرت الحكومة الإندونيسية قوانين تحمي حرية العبادة وتشجع التعددية الثقافية حيث تم تمثيل الأقليات الدينية والعرقية في المؤسسات الحكومية والسياسية ومثل هذه النماذج المتميزة والأمثلة توضح أن التسامح والتعايش السلمي بين المجموعات المختلفة في المجتمعات أمراً ممكناً ، بشرط أن تلتزم الدول بسياسات وقوانين داعمة لذلك ولا نستطيع إغفال وجود عدة تحديات رئيسية تواجه تلك الدول في تعزيز التسامح بين المجتمعات المختلفة ومنها ؛

التطرف والخطابات الكراهية حيث أدي ظهور الحركات والجماعات المتطرفة تنشر خطابات الكراهية والعداء تجاه الأقليات فهذه الخطابات قد تؤدي إلى التوترات والصراعات العرقية والدينية.

التمييز المؤسسي والسياسي
فبعض الدول لا تزال تمارس التمييز ضد الأقليات في مجالات التعليم والتوظيف والخدمات العامة إضافة إلي غياب التمثيل السياسي العادل للأقليات مما قد يعزز شعورهم بالإقصاء.

الفوارق الاقتصادية والاجتماعية
حيث نجد التفاوت الهائل في الفرص الاقتصادية والاجتماعية بين المجموعات المختلفة قد يؤدي إلى توترات اجتماعية إضافة إلي الفقر والبطالة المرتفعة في بعض المناطق قد تغذي الاستياء والكراهية.

الانقسامات التاريخية والثقافية والصراعات والنزاعات التاريخية بين المجموعات قد تترك آثارًا عميقة وتعيق التقارب بينهم ناهيك عن الاختلافات الثقافية والدينية التي قد تزيد من صعوبة التواصل والتفاهم المتبادل.

أضف إلي ما سبق غياب السياسات والقوانين الداعمة وعدم وجود إطار قانوني وسياسي واضح لحماية حقوق الأقليات وتعزيز التسامح.
وضعف إنفاذ القوانين المناهضة للتمييز والتطرف.

وفى نهاية المطاف نلتمس معطيات التغلب على هذه التحديات حيث يتطلب يتطلب هذا التزامًا سياسيًا قويًا وجهودًا متكاملة على مستوى المجتمع بأكمله مما يمكن المجتمع المدني من المساهمة بفاعلية في تعزيز التسامح من خلال عدة طرق، منها:

التوعية والتثقيف من خلال تنظيم حملات توعية وتثقيف حول قيم التسامح والتعايش السلمي وإطلاق برامج تعليمية وتدريبية لتنمية المهارات الحوارية والتفاعل بين الثقافات.

تعزيز الحوار والتواصل من خلال إنشاء منصات للحوار والتفاعل بين مختلف الجماعات والطوائف وتنظيم لقاءات ومناسبات مشتركة لتعزيز التفاهم والتقارب بالإضافة لتتبع ورصد التمييز والتطرف ورفع التقارير عن ممارسات التمييز والخطابات المتطرفة مما يؤدي للضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات فعالة ضد هذه الممارسات.

تعزيز التنوع والشمولية من خلال دعم وتمكين المؤسسات والجمعيات التي تعنى بقضايا الأقليات والفئات المهمشة وضمان تمثيل كافة الفئات في الهياكل والمبادرات المجتمعية والمساهمة في السياسات والتشريعات والمشاركة في وضع السياسات والقوانين الداعمة لحقوق الإنسان والتعددية وفى نهاية تلك المرحلة تقديم المقترحات والتوصيات لصناع القرار لتعزيز التسامح والمساواة.

وفى الختام وحتي نصل لبر وشواطيء الأمان فإن مساهمة المجتمع المدني في هذه المجالات تعد أساسية لتحقيق تقدم ملموس نحو مجتمعات أكثر تسامحًا وشمولاً.

#المؤسس والرئيس التنفيذي
مدرسة القيادة الذكية

الدكتور محمد عطا عبدالتواب مقالات محمد عطا عبدالتواب نبذ التعصب بين الشعوب والدول العربية والإسلامية