الثلاثاء 20 مايو 2025 02:15 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وفاء انور تكتب : العروبة.. بين الحقيقة والوهم

الكاتبة الكبيرة وفاء انور
الكاتبة الكبيرة وفاء انور

"الاستقلال التام أو الموت الزؤام" عبارة طالما رددها المصريون في زمن فائت، استوقفتني تلك العبارة وبشدة بعد أن تابعت أحداث القمة العربية التي عقدت في بغداد، حينما شاهدت مشاعر الحزن والأسى تتجسد على وجه السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية" هذا الرجل الذي كان قدره أن يتحمل من الأهوال أعتاها من أجل الحفاظ على مصرنا العزيزة، فقد قام ولا زال يقوم بمجابهة مخططات شيطانية أعدت لإضعاف مصر والأمة العربية بأكملها.

لقد حمل هذا الرجل الوطني الشريف أعباء لا حد ولا حصر لها، صارع الأمواج، سبح ضد تيارات الفرقة التي أتت نحوه زاحفة، ظاهرة تارة ومتخفية تارة أخرى، استطاع بفضل من -رب العالمين- أن يقضي على أغلبها في مهدها، ثم توجه ببصره نحو وطنه الأكبر الذي كان شغله الشاغل ولم يزل، فهو من نشأ على فكرة القومية العربية منذ الصغر، سعى من أجل تحقيق استقلال تام لقرارها من خلال الدعوة لتفعيل مبدأ الرؤية الموحدة لمعنى الحرية بإيجاد موقف عربي مشترك يثبت حق الأمة في استقرار وسلام دائمين لها ولأبنائها.

أراد الخير لأمته التي تراءت له عظيمة الشأن تستحق السعي من أجل تحريرها من عبودية معاصرة، عبودية لها وجه آخر يتشكل في زمن العولمة، ربما تجلت أمامه صورة وحدتها التي طالما تغنينا بها صغارًا، فكم استيقظ بداخلنا حلم العروبة وكم راودنا، راح يدق بابنا وهو يمر بيننا بين اللحظة والأخرى باحثًا عن مقاتل عنيد يفتدي بروحه وطنًا جريحًا، فلا يجد أمامه إلا هذا الرجل الذي سعى بكل دأب من أجل إعادة الحقوق لأصحابها؛ ولهذا فقد مسه بعض من ضيق، من غضب ومن حسرة على حال أمة آثرت الفرقة ونبذت الاتحاد، بعد أن ساد الحزن أروقة تلك الساحة التي أعدت من أجل استقبال من قرروا ألا يتفقوا في أغلب الأزمنة.

عذرًا، فأنا لست متمكنة بالكتابة في الشأن السياسي، لا أعلم الكثير عن خفايا السياسة ومكنون أسرارها، لكني متابعة لا بأس بها لتحليلات بعض الخبراء المتخصصين في هذا الشأن المعقد البالغ الصعوبة، أصدقكم القول أنا لا أدري لماذا جالت تلك العبارة بخاطري- الاستقلال التام أو الموت الزؤام- على الرغم من استقلال مصر بحمد الله منذ زمن بعيد، ربما شعرت بأن الاستقلال التام يشمل استقلالًا في الرأي وحرية في الفكر، حرية كاملة ومطلقة، يتم تنفيذ بنودها دون خضوع لإملاءات خارجية، وبأن من يحمي مصالح غيره ويفضلها على مصالح وطنه وأمته لم ينل بعد حريته الكاملة.

الحرية والعبودية كلمتان لا تقترنان بمفهومي الفقر أو الغنى؛ فقد تكون فقيرًا لكنك حرًا لا تقبل بهوان ولا تقبل بمهادنة في حق مبين، واضح وجلي، ربما تضطرك الظروف أن تقف وحيدًا في ميدانك بعد أن قررت الوقوف في صف الحق، لكن هذا الأمر بالطبع لا يقلل من حجم مساعيك النابعة من قلب شعور إنساني يحثك على السعي دومًا من أجل إنصاف مظلوم، تم اغتصاب أرضه فعاثت فيها قوى شر ظالمة وغاشمة.

كلمة الحق غالية، تعلي من شأن صاحبها مهما اختلت الموازين من حوله، سيبقى للعدل ميزان لا يختل، لقد بدا السيد الرئيس آسفه على ضياع جديد لحلم العروبة المفقود، بعد أن لاحظ أن هذا الغياب المتعمد لمن كان يهمهم الأمر، وكأنه تخل صريح منهم وموافقة ضمنية بالانسحاب من أي محفل يناقش تداعيات تلك القضية التي نالت ما نالت من هذه الأمة؛ ما أقسى الخذلان عندما يأتينا من أقرب الناس إلينا!

وفاء انور مقالات وفاء انور العروبة.. بين الحقيقة والوهم الجارديان المصرية