شبراوى خاطر يكتب : مؤتمر الروتاري للاستدامة بأسيوط


لقد شرفت بدعوة من لجنة البيئة في المنطقة الروتارية المصرية برئاسة الدكتور /ماجد ذكري (المحترم جداً) للتحدث عن تسويق المبادرات والأنشطة المجتمعية خلال مؤتمر خاص بالاستدامة البيئية في محافظة أسيوط.
لقد استمعت باهتمام بالغ إلى بعض الجهود والبرامج والمبادرات التي تتصدى لها نوادي الروتاري في محافظات مصر المختلفة، وأكثر ما جذب انتباهي هذا الكم من الخبرة المتراكمة لأعضاء نوادي الروتاري المصرية فيما يخص معالجة النفايات الصلبة والبلاستيكية والعضوية، والبرامج الخاصة بالمحميات الطبيعية والمواقع الأثرية، وقضايا التغير المناخي وتأثيرها على مصر، وحتى حماية السلاحف البحرية في السواحل المصرية، وتسليط الضوء على مشروعات التشجير وإنشاء الغابات الشجرية المصرية.
لقد رأيت وشاهدت وشهدت مواطنون مصريون نساء ورجال وشباب، يعملون بجد وشغف وجدية وإخلاص وسعادة من أجل إحداث تغيير إيجابي لشكل الحياة في المستقبل على أرض مصر. تاركين أعمالهم وعائلاتهم وراحتهم لكي يقدموا خبراتهم المتنوعة والمتراكمة لخدمة قضايا الوطن.
والشيء الملفت للانتباه أن العدد الغفير من أعضاء نوادي الروتاري المصرية جاءوا من كل المدن المصرية من أجل تبادل الأفكار، ليس لمجرد تعزيز الوعي بقضايا البيئة المصرية فقط، بل من أجل إحداث التأثير، والعمل معاً لتغيير الوضع الراهن.
وكان الاكتشاف الأكبر بالنسبة لي هو الاختراع المذهل الذي يطلق عليه "أسيوط" وناسها أصل الحضارة والتاريخ والتعبير الصادق عن الوحدة الوطنية في أروع صورها.
وكان كل ما يهمني من زاوية تخصصي في "العلاقات العامة التسويقية" ليس فقط مفهوم البيئة، بقدر ماهي الرؤية التي ينبغي للبشر أن يكونوها عن هذه البيئة، ومدى فهم "الناس العادية" لهذه الأمور ومدى إسهامهم في تأطير الاهتمامات البيئية ضمن أسلوب حياتهم. والتي لم تذهب في كثير من الأحيان إلى ما هو أبعد من بناء الوعي بها.
ولأن جميعنا نتشارك هذه البيئة ولنا دور فعّال فيما هو ممكن أن نفعله الآن لنستفيد منه في المستقبل. فأردت أن أؤكد على أنه بناءً على سلوكنا اليوم، إما أن نعمل على أن يرث أبنائنا وأحفادنا عالمًا مُحسّنًا صالحًا للسكن والحياة، أو أن يحيوا في شقاء، ناقمين علينا، في حياة أشبه بالجحيم. ولضمان أن نُورثهم كوكبًا صالحًا للعيش، علينا أن نبدأ بالتفكير الآن فيما يخبئه لنا المستقبل إذا لم نتحرك، وعلينا أن نسعى جاهدين لفهم أصول هذا المستقبل وما يجب فعله للمساعدة في تشكيله. لأن المستقبل لم يبدأ الآن.. بل لقد بدأ بالفعل.
فأسلوب الحياة الذي نعيشه ونحن على الأرض الآن، يوحي بأننا نعيش بمفهوم "الإنسان ضد الأرض" وعلى الخبراء أن يعيدوا الأمور إلى نِصابها لكي يتصالح الإنسان مع الأرض التي يتمتع بخيراتها، لذلك كيف لنا أن نستهدف شريحة أوسع من الجمهور وحتى ولو كان محدودا في بيئة شديدة المحلية وبخطوات بطيئة تلائم التغيرات البطيئة التي تحدث فيها وبها. لأن المخاطر التي تهدد البيئة، هي نفسها التي تهدد البشر الذين هم جزأ أساسي من هذه البيئة.
وكانت كلمتي في هذا المؤتمر الهام عن موضوع "فن التسويق الاجتماعي أو تسويق الأنشطة المجتمعية"، ولقد وصلت أهميته إلى الذروة حيث أن الخبراء حول العالم يلجئون يشكل متزايد لاستخدام قوة "التسويق الاجتماعي والأدوات التسويقية" في حل العديد من المشكلات الاجتماعية. من أجل الصالح العام في نشر الوعي وتغيير السلوكيات. والذي أدى لأن يصبح التسويق الاجتماعي: " منهج للتغيير الاجتماعي المخطط" ولإحداث التغيير المرجو باستخدام الجهود التسويقية لابد من مراعاة الاعتبارات التالية:
أولاً، لنعتبر أن البيئة المحلية هي جزء من نظام بيئي أكبر يشمل عوامل إنسانية وصحية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
وثانياً، يجب أن يُدرج في صميم جهودنا كلّها تحقيق دمج قطاعات مختلفة من المواطنين، وأصحاب المصلحة وإشراكهم للتفاعل وللإسهام في البرامج البيئية، حيث أن هذه الخطوة تشكّل حجر الزاوية لتأمين مشاركة مجتمعية فعالة، تشعرهم بدورهم الإيجابي في نهضة المجتمع الذي يعيشون فيه. ليكونوا نشطاء لحمايته والمحافظة عليه.
وثالثاً، دعونا نعيد التفكير فيما يُروى عن البيئة، لا بوصفها تكلفة، بل استثمار في مستقبلنا المشترك. ومستقبل أبنائنا وأحفادنا.
هذه الخطوة تٌعنى بالدمج بين التسويق التجاري والتسويق الاجتماعي، وبين مبادرات قضايا المجتمع التي ينشأ عنه قدر كبير من القوة، ذلك أن قطاع الأعمال التجارية هو بمثابة أحد الموارد الضخمة التي يتم استخدامها للتأثير الإيجابي على السلوكيات. من خلال ما يسمى بالرعاية التسويقية أو دعم مبادرات المسؤولية الاجتماعية وهذه الرعاية من منظور المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، إذا ما صُممت بشكل صحيح ونُفذّت بإبداع، تمثل قوة لا مثيل لها في بناء العلامات التجارية، وإشراك ودمج لأصحاب المصلحة، وتوفير فرص تجارية مربحة.
ومن هنا أدعو المؤسسات والشركات المصرية لدعم الجهود التي تهدف إلى معالجة القضايا الإنسانية والاجتماعية من أجل الإسراع لعملية النهضة الشاملة التي تسعى إليها الدولة المصرية