السبت 7 يونيو 2025 11:50 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

مدحت الشيخ يكتب : غزة تُباد

الكاتب الكبير مدحت الشيخ
الكاتب الكبير مدحت الشيخ

غزة تُباد.
هذه ليست مبالغة، ولا جملة إنشائية.
هي الحقيقة العارية التي تُبث يوميًا بالصوت والصورة والدم، بينما العالم يكتفي بالمشاهدة… وربما "القلق".

تُقصَف الأحياء، وتُجَرَّف العائلات، وتُهدَم المستشفيات فوق المرضى، ولا أحد يتحرك.
العدوان لا يفرّق بين طفل وشيخ، ولا بين مدرسة وملجأ، ولا بين بيت وشارع.
كل شيء مستهدف. حتى الحياة نفسها.

عالم بلا خجل

في الوقت الذي تُزهق فيه الأرواح بالجملة، يوزّع المجتمع الدولي بيانات متوازنة بين القاتل والضحية.
قلق "متزن"، ولغة باردة، ومواقف رمادية… لا تُسمن ولا تُنقذ.

الأمم المتحدة توثق، ولا تحاسب.
الدول الكبرى تحسب مصالحها، لا الأرواح.
أما وسائل الإعلام العالمية، فمشغولة بتدوير الكلمات حتى تُصبح المجزرة "نزاعًا"، والمحتل "طرفًا في معادلة معقدة".

الصمت العربي… والتواطؤ الصريح

الأنظمة العربية تتقن فنون الشجب، لكن لا تجرؤ على تجاوز البيان.
اجتماعات طارئة… دون قرارات طارئة.
خطابات غاضبة… لا تقطع علاقة، ولا توقف تطبيعًا.

أما بعض العواصم، فمشغولة بتهدئة الموقف خشية أن تغضب الراعي الأمريكي… أو المُصنِّع الإسرائيلي.

غزة: ساحة سقوط العالم

غزة ليست مجرد مدينة محاصَرة.
هي ساحة اختبار أخلاقي… فشل فيه العالم.

لا قوانين تُطبَّق، لا محاكمات، لا مواقف إنسانية تُعلن بلا حسابات.
غزة تنزف، والإنسانية تختنق تحت أنقاضها.

شعب يريد الحياة… لا الشهادة

أهل غزة لا يطلبون المستحيل.
لا يريدون أن يُصنَّفوا "أبطالًا"، ولا أن يُقدَّموا في نشرات الأخبار كأرقام.
يريدون فقط أن ينجوا. أن يعيشوا يومًا بلا غارة، وساعة بلا شهيد.

لكن يبدو أن طلب الحياة بات جريمة… في زمنٍ تُمنَح فيه الحقوق على مقاس المصالح.

وفي الختام…

في غزة، لا أحد يموت ميتة طبيعية.
وفي هذا العالم، لا أحد يملك الشجاعة ليقول: "كفى".

غزة تُباد،
والعالم يوثّق… ويصمت.
ثم يغسل يديه، ويكتب في النهاية:

"نشعر بالقلق.

غزة تُباد مدحت الشيخ مقالات مدحت الشيخ الجارديان المصرية