الأربعاء 29 أكتوبر 2025 05:53 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

خارج الحدود

لافروف: روسيا بحاجة لضمانات بأن لقاء بوتين وترامب سيحقق نتائج ملموسة

لافروف
لافروف

في تصريحات تعكس منهجاً دبلوماسياً حذراً وواقعياً، وضع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، شروطاً واضحة لأي لقاء مستقبلي محتمل بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقب محادثات "بريكس" الوزارية، حيث أكد أن موسكو ليست بحاجة إلى لقاءات من أجل الصور أو التصريحات الإعلامية، بل إلى ضمانات عملية بأن مثل هذا اللقاء سينتج عنه نتائج ملموسة ومعلنة لمعالجة القضايا العالقة بين البلدين.

**دبلوماسية النتائج.. لا دبلوماسية الصور**

لم يخفِ لافروف تشككه من طبيعة اللقاءات التي قد لا تخرج سوى بصور للذاكرة وتصريحات عامة. وقال بوضوح: "نحن لسنا بحاجة إلى لقاء من أجل اللقاء نفسه". هذه العبارة تختصر فلسفة الدبلوماسية الروسية الحالية في التعامل مع واشنطن، خاصة في ظل المناخ المشحون بالخلافات والأزمات الدولية المتعددة، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. إنها دعوة لتبني "دبلوماسية النتائج" التي تقيس نجاحها بما يتم إنجازه على أرض الواقع من اتفاقيات وخرائط طريق، وليس بعدد اللقاءات أو سطوع الأضواء الإعلامية.

**الاستعداد للحوار.. ولكن بشروط**

من ناحية أخرى، لم يغلق لافروف الباب تماماً أمام فكرة الحوار. بل على العكس، أكّن أن روسيا مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة، بما في ذلك على مستوى القيادتين، ولكن بشروط محددة. الشرط الأساسي هو أن يكون هذا الحوار "قائماً على مبادئ المساواة واحترام المصالح". هذا التأكيد يأتي كرد مباشر على أي محاولة أمريكية محتملة لفرض أجندة من طرف واحد أو للدخول في مفاوضات من مركز قوة. تريد موسكو أن يكون اللقاء، إن حدث، بين ندين، وليس بين منتصر ومنهزم، وهو ما يعكس رؤيتها لموقعها كلاعب دولي رئيسي لا يمكن تجاوزه أو تهميشه.

**الضمانات المطلوبة.. ما هي؟**

السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما طبيعة هذه الضمانات التي تتحدث عنها موسكو؟ تشير قراءة التصريحات والسياقات إلى أن روسيا تريد تأكيدات مسبقة، ربما عبر قنوات دبلوماسية سرية، بأن الطرف الأمريكي جاد في معالجة ملفات معينة، مثل ملفات الأمن الاستراتيجي والحد من التسلح، أو ملفات الأزمات الإقليمية. كما قد تبحث عن إشارات واضحة من واشنطن بوجود نية حقيقية للوصول إلى صفقات قابلة للتنفيذ، وليس مجرد حوار للمماطلة أو لكسب الوقت. بمعنى آخر، تريد روسيا أن تكون "قواعد اللعبة" و"جدول الأعمال" واضحاً ومتفقاً عليه مسبقاً لضمان عدم ضياع الوقت والجهد.

**انعكاسات على المشهد الدولي**

هذا الموقف الروسي الحازم له انعكاسات كبيرة على المشهد الجيوسياسي العالمي. فهو يؤكد أن عصر الهيمنة الأحادية الأمريكية قد ولى، وأن القوى الدولية الأخرى أصبحت تفرض شروطها الخاصة للتعامل. إنه يرسل رسالة إلى البيت الأبيض مفادها أن أي إدارة أمريكية، سواء كانت بقيادة ترامب أو غيره، يجب أن تتعامل مع روسيا كشريك في إدارة الأزمات العالمية، وليس كطرف يمكن إملاء الأوامر عليه. في النهاية، يظل الكرة في الملعب الأمريكي؛ فإما أن تقدم واشنطن الضمانات العملية التي تطلبها موسكو لفتح صفحة جديدة من الحوار المنتج، أو ستستمر حالة الجمود والتصعيد التي لا يرغب فيها أحد، ولكن يبدو أن الجميع مستعد لتحمل تبعاتها في غياب بدائل أخرى تحفظ ماء الوجه وتحقق المصالح للطرفين.