دكتور علاء الحمزاوى يكتب : إدمان السوشيال ميديا إثــم وضرر
ــ يأتي هذا الموضوع في إطار مواجهة الانحراف الأخلاقي والتطرف الفكري لبيان خطر مواقع التواصل الاجتماعي على السلوك الشخصي والنسيج المجتمعي والقيم الإنسانية الإيجابية، وقد أصبحت مواقع الفضاء الإلكتروني بشكل عام ضرورة من الضرورات الأساسية للأفـــراد والمؤسسات؛ لمَا تتميز به من سهولة استخدامها وقلة تكلفتها وتوافرها في الأجهزة الحديثة وسرعة تداول المعلومات فيها؛ ما يجعل عدم استخدامها يصف الشخص بالأمية، وقد صارت تلك المواقع وسيلة قوية سريعة لمعرفة الأخبار والتحصيل العلمي والإشباع الثقافي والتواصل الاجتماعي، ونحن مطالبون أن نتعامل معها وأن نفيد منها.
ــ ومع النفع الكبير لمواقع التواصل فإن لها ضررا بالغا، من مظاهره أن بعض المحتويات المعروضة خاطئة أو مغلوطة أو مضلِّلة؛ ما قد يُحدِث خللا في الفكر الشخصي والنسيج المجتمعي؛ فينبغي التثبت من كل معلومة مخالفة لما هو معروف قبل تصديقها ونشرها؛ عملا بقوله الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، وأهم المعلومات التي يجب التثبت منها ما يتعلق بالقرآن والسنة والقيم الأخلاقية والدولة والوطن، ومن المعلومات المغلوطة قصدا الطعن في بعض الأحاديث الواردة في صحيح البخاري الذي هو أصح الكتب بعد القرآن، والهدف من ذلك هو التشكيك في السُّنة النبوية تمهيدا للتشكيك في القرآن؛ لأن القرآن وصلنا بالسند المتصل عبر الصحابة والتابعين وتابعيهم، وكذلك الأمـر بالنسبة للأحاديث الصحيحة، فالتشكيك في الحديث هدم للسنة ثم هدم للقرآن ثم هدم للإسلام؛ فينبغي على المسلم الحق إذا قرأ أو سمع بأن حديثا ما غير صحيح لا يسلِّم بذلك دون تثبُّت، فليرجع إلى العلماء الثقات في التخصص عملا بقول الله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، ولا يجوز تحكيم العقل في كل شيء؛ فيرفض ويقبل من النصوص المتواترة حسب استيعابه العقلي؛ لأن العقل محدود وقد يضل، والعقول متفاوتة في الاستيعاب، ولو كان العقل وحده كافيا للإيمان ما احتاج البشر إلى الرسل.
ــ ومن أضرار مواقع التواصل اختراق خصوصيات الآخرين؛ فذلك يعد اعتداءً على المجتمع، إذ يسيء إلى الناس ويقطع التماسك المجتمعي؛ لذا حرَّمه الإسلام، قال الله: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، بل أمر الإسلام باحترام خصوصية الآخر، فجاء في الحديث «مِنْ حُسْنِ إسلامِ المَرْءِ تَركُه مَا لا يَعنِيه»، فكل من يمس الآخرين بسوء على صفحات التواصل هو آثــم إثما عظيما، فيجب أن ينشغل كل إنسان بنفسه، ولا يقتحم الناس، بل إن رأى عيبا في أحد يستره عليه ولا يفضحه، وله أجر عظيم؛ ففي الحديث «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، و«مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه، ومَن تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه»، فالمسلم مطالَب بالستر على كل الناس، فينبغي على مستخدم الفضاء الإلكتروني أن يلتزم بالآداب والقيم الأخلاقية كالحياء والصدق والأمانة والاحترام، والابتعاد عن السب واللعن والتشهير بالآخرين وتجنب كل ما يثير المشاحنة والبغضاء؛ لأن ذلك يفكك الترابط والتلاحم المجتمعي، وهذا ما حرمه الله؛ فقال للنبي: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْـحَقِّ}.
ــ وينبغي ألا يكثر الشخص الجلوس أمام مواقع التواصل؛ لأن ذلك يؤدي إلى الإحساس بالعزلة والبعد عن الأسرة والمجتمع مع أنه يعيش بينهم؛ فأضحت مواقع التواصل مواقع تباعد واغتراب، فضلا عن ضياع الوقت وتفويت ما هو أهم كالعبادة والعمل والمذاكرة وقضاء المصالح، إضافة إلى أن كثرة التصفح تؤثر على صحة الإنسان ولاسيما في بصره، وقد تؤدي كثرة استخدام مواقع التواصل إلى الاكتئاب والقلق والشعور بالإحباط نتيجة للمحتويات السلبية التي يطلع عليها، وكل هذا ينعكس على المجتمع بالضرر والسلب، وقد حرَّم الإسلام كل ما يضر بالفرد أو المجتمع.
ــ ونظراً للحرية التي تمنحها المواقع الإلكترونية لمستخدميها مع ضعف الرقابة الأسرية والمجتمعية يأتي دور الوازع الديني فهو خير رقيب على من يختلي بهاتفه الذي يعد نافذة واسعة على عالم مفتوح، فينبغي استشعار مراقبة الله عملا بقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، فإن غابت الرقابة الذاتية فتلك مصيبة كبرى، إذ يؤدي ذلك إلى الانحلال الأخلاقي والانحراف الفكري؛ لذا حذَّر النبي من استغلال غياب الرقابة الذاتية في ارتكاب أخطاء تحبط الأعمال الصالحة، فقال: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُوراً، فقَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا ألَّا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا»، جبال تهامة جبال شامخة بالسعودية، وجَلِّهم: مِنَ التَّجليةِ، وهو الكَشفُ والإيضاحُ، وجِلدتكم جنسكم.












اليوم.،. استئناف المتهم بقتل شقيقه في الجيزة على حكم المؤبد
حبس عامل لاتهامه بسرقة محل تجاري في كفر الشيخ
حبس 6 متهمين بسرقة أجانب تحت تهديد السلاح فى الجيزة
حبس عاطل سرق أسطوانة بوتاجاز بعد تداول فيديو على مواقع التواصل
سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم في البنوك
أسعار الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 7 نوفمبر
اسعار الذهب مساء اليوم الأربعاء فى محلات الصاغة
توقيع اتفاقية مصرية إيطالية لإنتاج الغاز الحيوي ودعم الطاقة النظيفة