الجمعة 26 ديسمبر 2025 10:52 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

زكريا سليمان يكتب : مفاهيم خاطئة عن الإسلام.

الكاتب الكبير زكريا سليمان
الكاتب الكبير زكريا سليمان

هناك مفاهيم خاطئة ، ومتغلغلة في أذهان كثير من الناس عن الإسلام ، وهذه المفاهيم ترقى أحيانا لمستوى الجهل الجسيم ، والتقصير الشديد ، وأحيانا أخرى ترقى لمستوى السذاجة ، والغباء .. وكل منهما يصدق نفسه أنه من أولياء الله
الصالحين ، ويعتقد أنه على صواب ، وقد أدى ما عليه من واجبات على أكمل وجه ! والأدهى من ذلك أنه يتسق مع نفسه ، ويحمد الله تعالى على عبادته العرجاء ، وتقربه المزعوم ! كما أن إيمانه هذا إيمان باهت لا لون فيه ، ولارائحة ! وأن ما يقوم به إلا تشويها للدين ، ودين الله منه براء ، براءة الذئب من
دم ابن يعقوب ! وفى نفس الوقت إذا جهّز أحدهم طعاما متواضعا للإفطار ، فتجده نشيطا فرحا
، ومتهلل الوجه ! إنه دقيق للغاية في إعداد الطعام ، فيضع الملح ، والتوابل بدقة متناهية ، وبعد وقت طويل يأتي لك بالطعام ، فتفاجأ أنه "طعام بسيط " ! لا يحتاج إلى كل هذا الوقت ! ولا يحتاج إلى هذه الدقة المبالغ فيها !
فالفهم الخاطئ لفهم القرآن طامة كبرى ، فعلى سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى "وما خلقت الجن ، والإنس إلا ليعبدون" فإنه يفهم هذه الآية حسب فهمه القاصر ، وتفكيره السقيم ، فيعتقد أن العبادة هي كثرة الصيام ، وكثرة الصلاة ، وكثرة ذكر
الله تعالى ، نعم كل ذلك شيء محمود ، ولكن هناك أشياء ، وواجبات كثيرة افتقدها ذلك المسكين ، كما افتقدتها تلك المرأة الصوّامة القوّامة للدهر كله ، فلم ينفعها ذلك كله سوى التعب ، والسهر ، والجوع ، والعطش ، فقال الرسول ﷺ "أنها في النار "والسبب واحد فقط .. أنها تؤذى جيرانها !
إنها لم تستطع أن تكف شرها عن الناس ، بالرغم مما قدمته من نموذج رائع في عبادتها ، ولكن .. ما قيمة تلك العبادة لشخص قد أوغل في الحرام ، وأكل ميراث
أخته ، أو أكل مال يتيم ؟ ! ماذا تفعل هذه العبادات ، وهو عاص لوالديه ؟ ! أو قاطع رحمه ، أو يعامل زوجته ، وأولاده بأسوأ معاملة ؟ ! ما قيمة هذه العبادة
لشاهد زور ؟ ! .إن المريض يحتاج إلى طبيب ماهر في الطب كى يعالجه ، ولا يذهب عند الطبيب الفاشل ، ومدّعى الطب .. وما أكثرهم ! إن الطبيب الفاشل إذا جاءه مريض يحتاج عملية عاجلة فورا في القلب ، فيكتب له كريما لبشرته ! أو قطرة لعينيه ! نعم إنه ليس بطبيب مطلقا ، أو أنه شخص فاقد للعقل .. فاقد للأهلية ، فاقد للضمير ! عجبا لهذه المخلوقات الغريبة ، التي استشرت علينا كما يستشرى الذباب على القمامة ،أننا نحتاج إلى التأني في فهم دين ربنا ، ونفهمه على يد علماء متخصصين ..
يبينوا لنا الأهم ، فالمهم ، ثم الأقل أهمية ، فالواجبات ، والفرائض قبل النواقل ، فقد قال ربنا في كتابه العزيز "أولى لك ، فأولى" فالأولى بهم أن يتعلموا الدين من أهله ، ولا يذهبوا لمن يبيع لهم الوهم ، والخزعبلات ، والمشعوذات ، ثم هم
يتناولون دواءهم بكل سذاجة ، وغباء !

زكريا سليمان مفاهيم خاطئة عن الإسلام. الجارديان المصرية