الجمعة 26 أبريل 2024 08:03 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

صحتك بالدنيا

الدكتورة مارى جرجس رمزى تكتب : اولاد الحرام

الدكتورة مارى جرجس رمزى
الدكتورة مارى جرجس رمزى

أقف مبهورة دائماً أمام جبروت وعبقرية قصة فيلم العار
حيث الحاج عبد التواب الرجل التقي الصالح الذي يعمل تاجراً بالعطارة والجميع يشهد له بالتقوي والاستقامة... أياديه البيضاء على الجميع
متزوج من إمرأة صالحة أنجب منها اولاداً علمهم الفضيلة والاستقامة والنجاح
فصار أحدهم طبيباً والآخر وكيلاً للنيابة والإبنة المحترمة سليلة  الأصول  تخرجت في الجامعة وعلى وشك الزواج 
أما الابن الرابع و هو من دفن عنده سره...و وجهه الحقيقي
فما كان الحاج عبد التواب الا تاجراً للمخدرات والسموم التي تُذهب بالعقل
وأثناء عودته من صفقة قُضِىَ أمره في حادث سيارة ومات... وابتدأ تطبيق كل حرف من أعظم ايه
إن ربك لبالمرصاد) 
هذا الفيلم العبقري لخص كل ما يمكن أن نسرده في عظات كثيرة... ننصح ونعاتب ونحاول إحياء ضمائر ماتت ودُفِنَت وتحللت وأكلها الدود
من ذا الذي يرتاب لحظة واحدة او يشك في حياة هذا الحاج الوقور المحترم المُصَّلِى الذي يسير ظاهرياً باستقامة أولياء الله الصالحين... من ذا الذي يشك لحظة في انه حبيب الله الذي بارك له في ماله وحاله وأولاده...
أشبَعه البنين والبنات والزوجة الصالحة
أغدق عليه المال الوفير وأسكنه قصراً مشيداً
أطعمه ابنا طبيباً وآخر وكيلاً للنيابة وآخر محاسباً وابنة متعلمة جميلة على وشك الارتباط برجل وقور ومحترم
خلت نفسي لو كنت جارة لهم أو صديقة للاسرة الجميلة... كم كنت اتخذتهم مثلاً أعلى وهمت بحبهم هياماً
الجميع يحبونهم
سيرتهم طيبة
ايديهم بيضاء على الجميع اولادهم آيه في الخلق والعلم
ما هذه الروعة
أخال سيرتهم تأتي في أي محفل او مجتمع واتخيل الجمع كله وقد رفع  صوته بالدعاء لهم  بحب صادق أمين نابع من اليقين
ولكن يا للاسف
إنه يقين البصر لا البصيرة
يقين مبتسر ضال مضلل يخدعنا كثيراً فيمن حولنا
يجعلنا نظن ونعتقد الخير في أُناس لا يتعدوا كونهم هذا الرجل المسمى عبد التواب الكامل الأوصاف ظاهرياً وما خفي كان أبشع وأعظم
كم من مرات خُدِعنا في أمثال عبد التواب وخسرنا أناساً رائعين فعلاً لمجرد اننا حكمنا بالظاهر وما تتناقله ألسنة المغرضين


لكني أقف وبزهو وفخر وإعجاب وانا أتأمل تلك الآيه الكريمة
إن ربك لبالمرصاد
حتى بعد سنوات من الكذب والتجمل والافتراء سواء بالحق او الباطل يأتي الله في موعد محدد ليبدأ الحساب... نعم احبائي... لكل من يظن باطلاً أن الحساب هناك.. في الآخرة.. ويتشدقون لأقوال الشياطين( ده لو فيه اصلاً آخرة... او ساعتها يحلها حلال... او ابقوا قابلوني... او احييني النهاردة وموتني بكره) 
كل هذه التغفيلات وأحاييل الشيطان أبدا لن تلغي الواقع
أنت أجرمت بالجسد
آذيت نفوساً بالجسد
ظَلَمت بالجسد
أبكيت قلوباً طيبة بالجسد
أفسدت أرواحاً ونفسيات وحيوات بالجسد
إذن
ليكون الله عادلا... وهو بالفعل العادل يتحتم أن يكون لك حسابان محتومان محسومان
أحدهما لا يخصك ولا حول ولا قوة لك فيه مهما فعلت أو توبت أو ندمت
والثاني هو حقك حين تتوب في ان يكون لك مغفرة من الله وتدخل فردوسه يوماً ما بدلاً من الجحيم مع أنني على يقين ان خطايا الضعف البشري لها حساب ومعايير تختلف تماما عن خطايا إفساد وأذية الآخر وظلمه وكسره 
فقط لأن النوع التاني يوجد شريك ثالث فيه وليس انت والله فقط
الشريك هو من تضرر بسببك
وأعتقد جدا أن غفران تلك الخطايا من أجل حياة جديدة ف السماء سيكون مرهونا بغفران من آلمته
أما خطاياك الفردية مع الله والتي لا يشترك فيها طرف ثالث ولم يتألم فيها طرف ثالث فهي مغفورة بمجرد التوبة الصادقة

أكاد أجزم بصدق عن حتمية كل حرف أقوله.... ولذا ابشر جميع (اولاد الحرام) الذين كسروا نفوسا طيبة او ظلموا قلوباً صادقة او أذوا اناساً بسطاء
أبشرك أنك حتى ولو أمضيت عمرك كله تتقرب إلى الله عساه يغفر لك وعساك تهرب من يقينك التام إن ربك بالمرصاد وإن ما فعلت ستتذوقه في فلذات اكبادك وستبتلي في أغلى ما لقلبك ... أُبشرك انك لا تضحك سوي على نفسك
تذكر جيدا هذا الحاج الذي عاش مكرماً صالحاً محبوباً محترماً وبالتأكيد لم يترك فريضة ولا عمل خير ولا كفارة إلا وقدمها رعباً من حساب يعلم بداخله انه آت لا محال ولكنه لم يكن يعرف متي
مات الكاذب  وإلى الجحيم حتماً وبدأ الحساب الأرضي الذي تأجل ليكون الأقسي في أغلى ما له في فلذات اكباده واغلى ما له الذين اتخيل لو كان قد فكر لحظة ان نتيجة جريمته المستهترة ستكون هكذا لما اقدم خطوة واحدة تجاه الحرام ايا كان نوع الحرام مادي او معنوي او ظلم او كسر نفس
جُنَّ طبيب المجانين
وانتحر الظابط
وفقدت الابنة زوج صالح وساءت سمعتها
وأما الابن الاخير فقد خسر الحب الوحيد الحقيقي بحياته وماتت غارقة وهي تساعده حباً فيه بلا وعي لحرمانية ما تفعل
وفقدوا كل شئ حتى الصفقة
أشكرك يا الله فكل قصة في الحياة عبرة وفعلاً ستبقى أنت الإله العادل القوي الذي لا تأخذه سُنة ولا نوم ضابط الكون تكيل بمثقال ذرة من الخير والشر حقاً انك لبالمرصاد  لكل أنواع الظلم والكسر والطغيان والحرام وقبله لكل انواع وأشكال ( اولاد الحرام)