الجمعة 26 أبريل 2024 10:40 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

نور قزاز تكتب من إسطنبول : تعلمت الدرس

الاديبة السورية نور قزاز
الاديبة السورية نور قزاز

عندما صعدت في الاسانسور ذاهبة الى بيت صديقتي اريد احتساء فنجانا من القهوة معها لنقوم ببعض الثرثرة كما يقولون عنا وضغطت بالاسانسور زر الطابق رقم سبعة وعندما وصل تفاجأت بأنه لم يتوقف استمر بالصعود وحاولت ايقافه لكنه استمر بدت ارقام الطوابق لا نهائية و استمر اصبح قطارا للزمن يصعد ويصعد الى ان اخترق الفضاء وانا ارى ذلك من طرف الشباك حتى لم يكن هناك وقتا ليغمى علي الى ان توقف اخيرا وفتح الباب اوتوماتيكيا
ظهر نوراً شديداً وكأن البدر طلع علي ودخلت من خلاله لان شكله يبدو كبوابة اخذني لعالم من بعد ثان بدت الحياة بغير قوانيننا الفيزيائية حياة ممتلئة بالعمل و الجد والنشاط الاهداف و الخطط لعالمنا والاختراعات والجميع بروح واحدة يعملون بانسجام وكأن ما يميز عالمهم عن عالمنا روح الجماعة روح الانسجام فيما يعملون رغم ان الاعمال مختلفة لكن روح التناغم واحدة و العلاقات الخاصة كانت بالعيون
ولاني ذهبت ومعي بشريتي تعبت لم انتمي لهم كنت كلما بدأت بعمل تركته دون ان اكمله وظننت ان الاخر يناسبني اكثر واتنقل ففشلت كان علي ان انهي العمل واختار اخرا فطلبوا مني الرحيل الى ان اصبح جاهزة وناضجة ووضعوني بحب امام الاسانسور وللاسف هبط دون توقف حتى وصلت لبوابة من النار الشديدة دخلت لاني لم اشعر بلهب كانت النار بردا وسلاما دخلت وكان الجحيم عبارة عن حياة لا هدف فيها اكل ونوم وجنس فقط بلا عمل مجموعات مستهلكة فقط لما يأتيهم من البوابة العليا وهناك ضاقت روحي من اللامعنى والفراغ فهربت بنفسي دون ان يطردني احد حتى انهم لا يملكون همة لطردي من اللامسؤولية وعدت بالاسانسور فاعادني لعالمي البشري
وتعلمت الدرس وعرفت ان الجنة هي المحبة الالفة الجماعة العمل الهدف والسعي والتطور واكتشاف المزيد من الجمال وتسخيره لخدمتنا في هذا العالم و النار هي الحياة الدنيا
فعلمت ان كوكبنا الجميل متوازن وفيه كل الخير ولكن علينا ان نقدر قيمة تنوعه وان جماله في تنوعه وان فيه كل شيء ، دخلت ولم اتحدث بما حصل لصديقتي لانها تجربتي الخاصة ولن تصدقني وستتهمني بالجنون ولكن فتحت حوارا عن الجنة والنار وما هو تصورها عنهما فقالت الجنة مشروب ويسكي وراقصات وولدان و حوريات و شباب حلوين و جنس متواصل وفاكهة و مالذ وطاب من سحر الطبيعة فابتسمت من نظرتها الطفولية فدخلت جدتها وقالت الجنة والنار هنا بالقلب اولا اما ان تعيش بحب وشغف و هدف واما تعيش بنار الغيرة والفراغ والاتكالية و اللاجدوى و الطمع وكل الشرور النفسية وبنبرة عفوية همست باذنها هل ذهبت برحلة بقطار الزمن ، فابتسمت وقالت أنا الزمن انظري في تجاعيدي . فقلت بسري سبحان المعطي لا اعلم ان كانت رحلتي بالاسانسور حقيقة ام خيال ولكن ما انا متاكدة منه انها هبة من الخالق حظني بها لانضج .