الخميس 18 أبريل 2024 03:04 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديبة آسيا ساكرى تكتب من باريس : الفكر العميل والفكر الموجه

الأديبة آسيا ساكرى
الأديبة آسيا ساكرى

نَنَتحدَّث عَادَةعن فَشَلِ المَنظُومات التَّعليمية في جُلِّ البلدان العَرَبِيَّة ،ونَستَنتِجُ إِجمالا أنَّه هناك فرقٌ واضِحٌ بين َ ما يَحْمِلُهُ صَا حب الشَّهادَةِ العُليَامِن قْيَمٍ فِكرِيَّة ٍ وأَخلاقِيَّةٍ وبين سُلُوكِيَاتِه ! والحَقِيقة أن مُجرّد الإستنتاج مُحَرِّضٌ على تَأمُّلِِ المَسألَةِبِأَكثَرِ عُمق ؛عندما نَصْطَدِمُ برأي خَاطِيء حتَّى لا أَقُول رَأي جَاهِل ، فإنَّ أوَّلِِ رَدّّاتِ فِعْلِنَا تَكون مُحَاولَةِ مَعْرِفةِ المستوى التَّعليمي لِمُخَاطِبَنَا ، رَدّةِ فِعلٍ حينية ومُبَرَّرة لأنّنا قد إِستبطنَّا هذا الرّبط وسَلِّمنَا بمَدى نَجَاعَتِهِ غير أن الواقع يجبرنا جبرًا على مغادرة الفرضيات التسليمية لاننا وببساطة تُجَاه ظاهرة فريدة من نوعها أكاد أقول أنّها ظاهرة خاصة بنا (un caractère spécifique et non spéciale )هذه الظاهرة تجعل من المهندس والطبيب والمحامي والاستاذ الجامعي ...يفكر في ما يُظهِره من فِكر كأي فردٍ عادي لم يُسمحُ له لاسباب إجتماعية او سياسية او اقتصادية بالتمكن من شهادة علمية ! وأقول هنا لَم يُسمح عُنوة!
هذه الظاهرة واسِعة الاِنتشارتُدَلِّلُ بوضوحٍ أننا وصلنا الى مرحلةِ تدْجِين الفِكر العَميل ، فالأنظِمة المُستفيدة ، لم تَعد تكتفي بعمليات التجهيل الجماعي وعمليات تكوين القطعان الفكرية المتناحرة (Opposantes et opposés ) بل أنهابصدد القيام بعملية نوعيةلتطوير هذا الكائن ، وعملية استنساخ الافراد للخروج لنا بنوع جديد وهو العميل الفكري الذي هو عميلٌ مُتعلِّم ومثقف ولكنه يدافع عن الفكر الاستبدادي ، الفكر التقطيعي ، الفكر الهدَّام .. مستعملا في ذلك الدين والعرف والعادة ومعتمدا في هذه المرة على وسائل متطورة أوَّلها شهادته العلمية ! نعم الشهادة العلميةسِلاحٌ جيّدٌ لبث الجهل والتعصب والتكفير وكل انواع الامراض الاجتماعيةالتي ستضمن استمراروقوع بلداننا تحت الاستعمار اللامرئي الذي نعيشه.
ولكن لنا أن نتساءل وما فائدة هذا العميل المفكر ؟ ما ذا سيجني من دوره هذا ؟لاننانعرف أن هذا النوع من البشرنَفْعِيٌّ بالطبع ، الفائدة أن هذا الخطاب الرجعي الذي يتبناه يحقّقُ له منفعة مباشرة، الطغيان سوف يمكنه من الذوبان في الكتلة الفاسدة ، اللاَّعدل سوف يمكنه من السيطرة على الافراد في محيطه ، الخوف سوف يمكنه من الاستبداد...وبذلك فالعدو الحقيقي للأسف الذي وجب لنا التصدي له هو هذا الفكر العميل وايس هذا الفكر الموجه لان حامل الفكر الموجه جاهل ومعذور بجهلهالى حد . آسيا الساكري