الجمعة 26 أبريل 2024 02:12 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

نجلاء أحمد حسن تكتب : المراة العاملة علم وتمكين

نجلاء أحمد حسن
نجلاء أحمد حسن

عمل النساء أو عمل المرأة هو مصطلح يستخدم على وجه الخصوص في الغرب للإشارة إلى العمل الذي يعتقد أنه ينحصر في طبيعته كمجال للنساء ويربط بين مهام معينة وبين الجنس الأنثوي، ويستخدم هذا المصطلح على وجه الخصوص بشأن العمل الذي تقوم به الأم أو الزوجة داخل الأسرة والمنزل. وتتضمن المفاهيم ذات الصلة دور النوع والعمالة المأجورة والتوظيف وقوة العمل الأنثوية وحقوق النساء . وقد يكون هذا المصطلح ازدرائيًا، وذلك عند تطبيقه على الرجال ممن يقومون بأدوار مصنفة بدرجة كبيرة كأعمال مخصصة للنسا مثل الطبخ والخياطة والازياء والغناء والباليه .

واجهت النساء في بداية انخراطهم في سوق العمل في العصر الحديث قواعد مجحفة ففي انجلترا بالرغم من فتح مجال التعليم العالي ابواب الكليات بجامعة كمبردج واوكسفورد ثم اسكتلندا منذ عام 1865 وحتى سنة 1919 لم يسمح للمدرسات بانجلترا بالزواج فقد كن يفصلن من عملهن اذا تزوجن . نجد نفس الوضع بالنسبة لمهنة التمريض حيث كانت الممرضات يخضعن لقواعد صارمة ولم يكن مسموحا لهن بالزواج وكن يعملن كراهبات ،ومازالت حتى الان يطلق على الممرضة الانجليزية لقب سيستر اسوة بالراهبات .

تحكي كوكب حفني ناصف عن عملها كطبيبة في مستشفى كتشنر والمعارك التي خاضتها مع الادارة والطاقم الطبي الانجليزي في بداية عملها وتشير بالتحديد دفاعها عن حق الممرضات في الزواج والانجاب مع الاحتفاظ بالوظائف، وكانت تصر على ان الحمل ليس مرضا يستدعي التوقف عن العمل ولكنه وظيفة طبيعية للنساء ( من كتاب بناء ونضال )

ومن جهة اخرى ونجد نموذجا متميزا لعمل المراة من صعيد مصر و في طبيعة قاسية وسط المحاجر والصحراء وهي الانسة الدكتورة جرترود لبيب نسيم مكتشفة معدن النيكل اول فتاة مصرية تخصصت في الكيمياء والجيولوجيا اشتغلت بعد تخرجها مع والدها عام 1939 من كلية العلوم في البحث والكشف عن المعادن واعمال المناجم في الصحارى المصرية ولدت عام 1915 وتوفيت عام 1963 حصلت على الدكتوراة في الفلسفة والجيولوجيا من لندن اكتشفت معدن النيكل اثناء انشغالها في تحضير رسالة الماجستير في منجم قديم للنحاس استغله قدماء المصريين كما استغلته شركة انجليزية عام 1904.

ومن كتاب «نبوية موسى» المراة العاملة شُغلت بقضية المرأة وتعليمها شُغلا كثيرًا، وذلك لما أصاب وضع المرأة المصرية من الجمود والتخلف على إثر عادت ومفاهيم كرَّست لعدم صلاحية المرأة لغير أعمال المنزل والتربية. ، ثم اعتمدت في كتابها على نقطتين مهمتين؛ أولاهما أن المرأة كالرجل لا تختلف عنه في القدرات العقلية، ولا يتفوق عليها الرجل ذكاءً لمجرد كونه رجلًا، والثانية أن المرأة تستطيع أن تمارس مهنة، وأن تحترف حرفة، وهذه الأفكار ليست ببعيدة عن حياة «نبوية موسى»؛ إذ تعرَّضت هي نفسها لمواقف تحطُّ من قدرها كامرأة، فكانت بأفكارها هذه تتصادم مع أفكار مجتمعها وطباعه، إلا أنها تظل إحدى أهم رائدات العمل النسوي المصري على مرِّ التاريخ

أن النساء عبر التاريخ وقبل وجود وسائل منع الحمل كُنّ تحت رحمة طبيعتهن البيولوجية – الحيض، انقطاع الطمث، «الأوجاع النسائية»، ألم الانجاب الثابت، الرضاعة ورعاية الرضّع، مما جعلهن متّكلين على الذكور (الأخ، الأب، الزوج، الحبيب، أو القبيلة، الدولة، والمجتمع بشكل عام) من أجل البقاء.
وذلك لان رُضّع البشر بحاجة لوقت أطول للنمو مقارنة بالحيوانات وبالتالي هم عاجزون ومتّكلون على البالغين – لفترة قصيرة على الأقل – من أجل البقاء. فوجب رعاية الام للرضيع حتى يستقلون جسديا .
أن الاختلاف التناسلي الطبيعي بين الجنسين أدى مباشرة الى أول تقسيم للعمل الذي بدوره أدّى الى نشوء الطبقة إضافة الى تغذيته للنموذج الطبقي (التمييز على أساس الخصائص البيولوجية)

لعبت المرأة دورًا محوريًا في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات، فحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة وإصرارها على الوقوف بجانب الرجل ومساندتها له دليل على كونها عنصرًا أساسيًا في إحداث عملية التغيير في المجتمع.

إن التغيير الايجابي الذي تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة ومدى تمكنها من القيام بأدوارها في المجتمع، فهي تشغل دور أساسي في بناء أسرتها ورعايتها لهم، من خلال ما يقع على عاتقها كأم من مسؤولية تربية الأجيالوبناءً على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تنوعت أدوارها في المُجتمع على مُختلف الأصعدة، وفي ما يأتي بعض الأدوار المهمة التي تشغلها المرأة في المجتمع كدورها في الرعاية والدعم المجتمعي في العديد من المجالات، حيث أنها تبذل أقصى طاقتها في رعاية الأطفال وكبار السن . وتسهم المرأة بشكل كبير في تطوير الأسس التعليمية المختلفة في دول العالم، وذلك من خلال التدريس الأساسي المتضمن لقواعد ومفاهيم القراءة والكتابة في البيت والمؤسسات التعليمية المتنوعة. وفي مجال العمل للمرأة دور كبير وعالمي في تطوير سبل العمل في المجالات والقطاعات العملية المختلفة، كما أنها تسهم أيضًا في بث التأثيرات الإيجابية التي تطرأ على المجتمع ومكوناته. وهي لاعب رئيسي للتغيير في مجتمع العمل وفي تنمية حركة الاقتصاد فنجد ان 30% من قروض المشروعات الصغيرة تحصل عليها النساء البالغ تعدادهم في مصر 53 مليون نسمة حسب اخر تقرير للمجلس القومي للمراة .

وقد تتحكم بعض المفاهيم السلبية من الماضي كما يشير كتاب الطبقة العليا المصرية بين ثورتين (1919- 1952) للكاتبة ماجدة بركة كان عمل المراة من الطبقة العليا لدى صاحب عمل حتى لو كان الحكومة يعد شيئا مشينا ، ولا كان مقبولة ان يكون رئيسا في العمل من الغرباء بل ان بعض الشواهد تشير الى ان بعض رجال الطبقة كانوا يعتنقون الراي نفسه بالنسبة لانفسهم الى حد اعتبار العمل الحكومي نوعا من العبودية لكن انواعا اخرى من العمل كانت متاحة لهؤلاء النساء فاصبح دور الزوجة في البيت معادلا لدور ناظر الزراعة في العزبة الريفية ، والعمل الرسمي لنساء الطبقة العليا متاحا من خلال الانخراط في كثير من الانشطة الخيرية .

، ومن هنا ينبغي أن نعزز دور المرأة الاجتماعي ومساندتها بشكل مستمر والعمل على تذليل الصعوبات التي يمكن أن تواجهها مثل التقاليد والاعراف الاجتماعية التي تلغي كيان المرأة وتفرض عليها التبعية للرجل، وبعض القوانين والأنظمة المجتمعية التي تعيق تحقيق المرأة لذاتها، بالإضافة صعوبة التوفيق بين الدور العائلي والنشاط الاجتماعي

إن المرأة نصف المجتمع من حيث التكوين وكل المجتمع من حيث التأثير في النشأة والتكوين فالإحصاءات تشير إلى أن تعليم المرأة وتمكينها من العمل انعكس ايجابًا على الأسرة، سواءً في الأمور التربوية أو الاقتصادية أو الصحية، فأصبحت المرأة في أغلب الدول تشكل قوة ديناميكية داعمة للتطور والتحول في المجتمع، لذلك من الجيد التأكيد على أهمية تمكين المرأة لكي تكون قادرة على القيام بأدوارها بفاعلية، والمقصود بالتمكين هي العملية التي تُشير إلى امتلاك المرأة للموارد وقدرتها على الاستفادة منها وإدارتها بهدف تحقيق مجموعة من الإنجازات للإرتقاء بالفرد والمجتمع.

ودعما لها يكفل قانون العمل المصري (قانون رقم 12 لسنة 2003) عددًا من الحقوق للمرأة المصرية مثل حق الحصول على اجازة وضع مدفوعة الأجر وساعات للرضاعة. الا أن العديد من المواد تمثل شكل من أشكال الوصاية الأخلاقية على النساء فمثلا تحدد ساعات العمل للنساء بينما لا ينطبق الأمر على الرجال في ذات الوقت وتحدد الأعمال المقبولة أخلاقيا وصحيا للمرأة الا أنه لا يتناول ذات الأمر فيما يتعلق بالرجال ومما

هو جدبر بالذكر ان هناك علامات مضيئة في مصر متعددة وكثيرة مثل حكمت ابوزيد (1916- 2010،)أول وزيرة للشئون الاجتماعية في مصر أيام جمال عبد الناصر عام 1962 والتي أطلق عليها قلب الثورة الرحيم. وبتوليها هذا المنصب فتحت الباب للمرأة لتولي المناصب القيادية وحياتها ما بين مكافحة تقاليد الصعيد وما بين الشهرة والنجاح ومابين أعوام من النضال الوطني وأعوام أخرى من النفي ،ولدت في قرية &نزالي جانوب& بالقوصية محافظة أسيوط حصلت على الدكتوراة من جامعة لندن عام 1957، تم تعيينها بكلية البنات بجامعة عين شمس، وانضمت في نفس العام لفِرَق المقاومة الشعبيَّة، حتي كانت حرب العام 1956 فبدأت تتدرَّب عسكريًا مع الطالبات، وسافرت إلي بورسعيد مع سيزا نبراوي، وإنجي أفلاطون، ولقد شاركن في كل شيء من الإسعافات الأوليَّة، حتي المشاركة في المعارك العسكريَّة

ولا يزال النضال مستمرا لنيل المزيد من التمكين