الجمعة 26 أبريل 2024 10:03 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

#بلا_هوية

دكتورة ماري جرجس رمزي تكتب : (البركان الخامل)

دكتورة ماري جرجس رمزي
دكتورة ماري جرجس رمزي

دخلتُ غرفتها وأغلقْتُ الباب خلفي ونظرت إلى عينيها البديعتين فوقعت كالعادة_ وفي لحظة_ تحت الأَسْر
"تكلمي... ماذا بكِ؟!"
شَرَدَت عيناها لوهلة في اللا اتجاه ثم أعادتهما ليقيدا عيناي بقيود كخيوط شرنقة دودة القز الحريرية في نعومتها وصلابتها... فعلت ذلك بنظرة وفي سلاسة غريبة وتسلل أغرب!!
(ماذا بي؟... ماذا تقصدين؟ )
"أقصد... ماذا بكِ؟ انا أعرفك جيدا من سنوات طوال... أنتي لستِ أنتي.... يوجد شئ مفقود ربما اشياء... ماذا بكِ؟ يا حبيبتي تكلمي افصحي فأنتِ تعرفينني أنا قبرك المتنقل وبئرك العذب الذي طالما كان وسيكون بلا قرار ولا قاع... افصحي... علك ترتاحين... ولو قليلاً!!"
(ليس كل الإفصاح راحة يا غاليتي) ردت صديقة الدرب وأليفة الطفولة والصبا

(اتعلمين... جيد للبركان ان يبقى خامل إلى اللانهاية يحتفظ بحممه وغضبه داخل جوفه ما أعظم البراكين الخاملة وما أرحمها وما أخطر البراكين الثائرة وما أضعفها)
" كيف يكون البركان الثائر ضعيفاً والخامل قوياً؟! انتي تتحدثين بفلسفة عكسية ألم ترِّ _ولو في التلفاز_ ثورة بركان من قبل؟! ألم تشاهدي قدر عنفوانه وشراسته هل شاهدتي يوماً تلك الحمم المنبثقة من جوفه كطلقات نار من مدفع رشاش مهول لا بل كثيراً ما تكون كطلقات المدفع وأشبه بالصواريخ الموجهة أبادت قري ومدن وقتلت ألوف وربوات في لحظة غضب واحدة.... كل هذا وتنعتينه بالضعف!! "

(أجل يا رفيقة البراءة هو الضعف... كل الضعف هو لم يقدر أن يجمح ويكبح تلك المراجل المتقدة داخله ففاض به الكيل وانفجر... هو ارتاح وقتياً ووهمياً ولكن ما أكثر وما أشقي ضحاياه... أمن اجل نفس واحدة وأنانيتها نُبيد أنفُس؟! أمن أجل راحة مؤقتة في رحلة شقاء كُتِبَت على كل ابن آدم نُحزِن من حولنا؟! كفاهم ما يتجرعون من نصيبهم من الجانب المظلم المحتوم في الحياة....)
"انتي قاسية جدا على نفسك... تبا لكل شئ... اصرخي... ابكي....!!"

اسفة جدا يا قرينتي ألمُفسِدَة.... انا لست ضعيفة كالبركان الثائر... ربما ثرت مرة واحدة بحياتي وانا غُرة ضريرة البصيرة وادركت بعدها كم كنت ضعيفة وهزيلة ومذ ذلك اليوم اغلقت فوهتي الي الأبد... وإن سألوكي عني في يوم من الايام قولي لهم هي بركان خامل.... آثر الاحتفاظ بجمر النار بجوفه حتى لا يؤلم من حوله)
أحسست تنميلاً خفيفاً يَسري بأعصابي وكأني استفيق من نوم مغناطيسي او كأنما تنسحب عني تعويذة سحرية أُلقيَّت من قِبَل احدهم... ووجدت نفسي أُلملِم أشيائي وأشلائي وأجرجر قدماي المتعبتين_ رغم جلوسي طوال الوقت_ نحو الباب وخرجت وأغلقته خلفي كمن يغلق فوهة بركان... خامل