الجمعة 19 أبريل 2024 03:53 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديب إبراهيم الديب يكتب : ”أغلظ الأيمان ”

الجارديان المصرية

نادت إحدى نساء قريتنا في الماضي على بائع الفخار والاطقم الصيني الذي يطوف القرية جيئة وذهابا كل يوم : لشراء طقم فخار من أجل جهاز ابنتها... كنت أقف في نفس المكان صدفة انتظر احد الأشخاص فأخذت أراقب ما يحدث بين المرأة والبائع عن كثب ليس من باب الفضول ولكن من أجل التسلية وقتل الوقت وتزجية الفراغ... وبعد أن شاهدت وفحصت المرأة كل بضاعة الرجل بتمعن و بتفرس شديد وقع اختيارها على طقم فخار ثم سألته عن ثمنه بلا مبالاة؟ فقال الرجل بكل جدية بعد أن أقسم بكل المقدسات بأن: هذا الطقم إذا باعه اقل من ثلاثة آلاف جنيه ستكون حتما الخسارة من نصيبه لا محالة فقالت المرأة بثبات وثقة وبقسم أغلظ من قسم البائع وبكل عزيز لديها أيضا هي الأخرى: إنها لن تدفع أكثر من ستمائة جنيه فقط لا غير!!! وعندما سمعت ذلك من المرأة هممت أن أقوم بتوبيخ تلك المرأة التي تبخس الناس أشياءهم متضامنا في ذلك مع البائع المسكين الذي يطوي شوارع وأزقة القرية تحت قدميه عدة مرات: من أجل لقمة العيش وهي بكل بساطة وبجبروتها تستغل حاجة الرجل في بخس بضاعته ، وبعد شد وجذب بين البائع الذي بدأت تتهاوي حججه الواحدة تلو الأخرى والغريب أنه متشبث بعملية البيع أكثر من ذي قبل والأغرب أنني كنت منتظر منه العكس وأن برفض عملية البيع برمتها... أصبحت المرأة أكثر ثقة في نفسها و بدأ يقوي موقفها.
تحولت عملية البيع الي حرب نفسية بينها وبين البائع.... كررت عليه المرأة بعد أن اتسم وجهها بالصلابة والقسوة ورددت عليه أكثر من مرة وبحدة رقم الستمائة جنيه وأقسمت برحمة أمها هذه المرة بأنها لن تدفع اكثر من ذلك قرشا واحدا ،وهددته بصرف النظر عن عمليه شراء الطقم برمتها ثم حولت بصري ناظرا في عيني البائع والتي تحولت نظرته من الثقة والتشدد التي بدأ بها عملية البيع لاستعطاف المرأة من اجل الاستمرار في عمليه البيع ولم اعد أري الاندهاش والرفض والتعجب والدهشة التي أصابتني من أجل أن أرى ذلك أيضاً علي وجه البائع الذي كنت على وشك توبيخ المرأة تضامنا معه ضدها!!.... و أنا ما زلت أقع تحت تأثير كل ذلك ...قال البائع للمرأةفي مفاجأة لم أكن أتوقعها: موافق بالستمائة جنيه ولكن بشرط أن تأتيني فوق النقود برغيف خبز وقطعه جبن قديمة وعود سريس وكوب شاي... وبعد تناوله كل ذلك أخرج علبة السجاير بلومنت وأشعل منها واحدة، ثم اخذ عدة أنفاس متلاحقة وأخذ ينفث دخانها باتجاه قبه السماء بنشوة وسعادة عارمة!!!