الأربعاء 24 أبريل 2024 02:37 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

خارج الحدود

واشنطن تعزز نفوذها في ليبيا بإستخدام بعثة الأمم المتحدةوتحاول القضاء على حفتر

الجارديان المصرية

تتسارع الأحداث الأخيرة في ليبيا مع مبادرات أممية ولقاءات مع شخصيات غربية وتفاوت كبير في الآراء ووجهات النظر السياسية بين الفرقاء في البلاد، على محور إجراء الإنتخابات وإيجاد حل سياسي شامل. إلا أن المؤثر الخارجي الأكبر الذي بدأ يظهر محركاً قوياً على الساحة الليبية هو المؤثر الأمريكي. فالولايات المتحدة الأمريكية عادت لتضع ثقلها في المعادلة الليبية الفوضوية القائمة منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011.
فبعدما أشادت واشنطن بالتزام رئيس الأركان العامة للجيش الليبي بغرب البلاد محمد الحداد ونظيره بالمنطقة الشرقية عبد الرازق الناظوري بإعادة توحيد المؤسسة العسكرية، تعقيباً على مشاركة الرجلين ضمن وفد ليبي مشترك في ندوة رؤساء الدفاع الأفارقة بالعاصمة الإيطالية روما، والتي يستضيفها قائد أفريكوم (القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا) الجنرال مايكل لانجلي، دعت القادة الليبيين للتعاطي بإيجابية مع المقترح الأممي لإجراء الانتخابات في العام 2023.
المقترح جاء في المبادرة الأممية الجديدة التي أدلى بها مبعوث الأمم المتحدة للدعم الى ليبيا عبدالله باتيلي منذ يومين، والتي أظهرت مدى تسطيح الأمم المتحدة للأزمة الليبية، وعدم دراستها لطبيعة المشهد السياسي والعسكري والاقتصادي في البلاد خلال السنوات الأخيرة، بسبب عدم وضوح المعايير والرؤية التي سيتم الاستناد عليها في اختيار المشاركين في لجنة الحوار السياسي الجديدة المقترحة والتي تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، والقادة القبليين، والأطراف ذات المصلحة، والنساء، والشباب.
حيث قال عبد الرزاق العرادي القيادي في حزب العدالة والبناء: "لست داعماً لبقاء مجلسي النواب والدولة ولكن الحل من خلالهما سيكون أسرع، فمقترح (الطوبو) الذي قدمه عبد الله باتيلي ولد ميتًا، وذلك لأنه فشل في جمع شتات مجلس الأمن حوله، بالذات الدول الخمس الكبرى". وأشار إلى أنه لا يوجد في مقترح باتيلي أي آليات ولا جدول زمني ولا ضمانات بأن مخرجاته سيصدر بها قرار من مجلس الأمن.
ووفق المراقبين للوضع الليبي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية عبر دعمها لمبادرة باتيلي الفاقدة لأي أرضية للإنجاز، إذ تحاول فرض رؤيتها وتحريك المسار الإنتخابي نحو وصول شخصيات بحد ذاتها، بحيث تضمن تبعيتهم لها في المستقبل، عبر ألاعيب وصفقات تُدار بعد طرح المبادرة. وهذا ما تؤكده المعلومات التي ظهرت مؤخراً حول وصول طائرات أمريكية محملة بأموال كثيرة الى ليبيا لتوزيعها على بعض المسؤولين وشراء ذممهم، لتنفيذ أجندات الإدارة الأمريكية، والتي وثقها موقع فلايت رادار في صور لرحلات جوية من قاعدة رامشتاين الأمريكية في ألمانيا الى ليبيا.
إضافة الى أن واشنطن تريد كما أرادت في السابق تحييد الجيش الوطني الليبي وقائده المشير خليفة حفتر عن المشهد، لأنه يقوم بعرقلة خططها في البلاد، عبر إضعاف قوة جيشه، وإختراق قادته العسكريين. وبالتالي وكما ذُكر سابقاً فإن مباركة الإدارة الأمريكية لجهود توحيد الجيش، في ظل إستمرار وجود الميليشيات المسلحة الغير خاضعة لسلطة سياسية في الغرب الليبي، وبقاء عبدالحميد الدبيبة وزيراً للدفاع في هذه المنطقة سيضرب وحدة الجيش ويفككه.
ناهيك عن أن الولايات المتحدة تعمل جاهدة على إخراج قوات الشركة العسكرية الخاصة فاغنر والتي أثبتت فعاليتها في دعم الجيش الوطني الليبي وإمداده بالذخيرة والعتاد اللازم لمكافحة الإرهاب وحماية المنشآت النفطية وتحقيق توازن الردع مع الميليشيات المسلحة المدعومة من قبل الغرب وتركيا بالطائرات المسيرة والأسلحة والمرتزقة السوريين. حيث أدخلت واشنطن فاغنر على قائمة الإرهاب وفرضت عليها عقوبات، وتحاول الضغط على حفتر لإخراجها، وبالتالي كسر شوكة الجيش الوطني أمام الميليشيات المسلحة الطامعة بالإستيلاء على حقول وآبار النفط في مناطق الشرق والجنوب الليبي الخاضع لسيطرة حفتر، تنفيذاً لمخططات واشنطن في نهب موارد البلاد.
يُشار الى أن السياسة الأمريكية في العالم وفي ليبيا بشكل خاص لا تهدف في الأساس لتحقيق انتقال ديمقراطي، أو المساءلة، أو معالجة الفساد، أو إنشاء دولة ليبية بالتعاون مع أي هيئة. لكن تركيزها ينصب أولاً وأخيراً على فرض أولوية الأهداف والمصالح الأمريكية على الأطراف السياسية المحلية والدولية في ليبيا. وواشنطن لا تزال تتملكها الرغبة في إقناع العالم والمنطقة ككل بأن الولايات المتحدة لا تزال القوة الأساسية بلا منازع والضامن الأساسي للنظام والأمن العالميين.
[٥/‏٣ ٣:٢٠ م] أحمد مكى ممثل: الولايات المتحدة ومساعي بسط النفوذ الكامل على الأراضي الليبية

تعمل الولايات المتحدة الأمريكية منذ وقتٍ طويل وبشتى الطرق المشروعة والغير مشروعة لتحقيق هدف واحد وهو إثارة الفوضى في الداخل الليبي لنهب ثروات الشعب من غاز ونفط. وبعدما فشلت في تحقيق ذلك قررت أن تدفع حلف الناتو لقصف البلاد عام 2011 وهو ما أسفر عن سقوط نظام حكم الرئيس معمر القذافي، ومن بعدها تدخل البلاد في دوامة الفوضى السياسية والأمنية حتى يومنا هذا.
وكما فعلت واشنطن من قبل وأشعلت حرباً بتحريضها للناتو لقصف ليبيا، هاهي تعمل اليوم في ليبيا عن طريق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والتي ترأستها سابقاً ستيفاني ويليامز ومن بعدها عبدالله باثيلي، الذي جاء بمبادرة لحل الأزمة الليبية حسب قوله لم تتضمن أي خطوات واضحة تدل على ذلك. والمثير للجدل هو الدعم الغير مسبوق لهذه المبادرة الهشة من قِبل الولايات المتحدة.
حيث إعتبرت السفارة الأمريكية في ليبيا، أن مقترح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبدالله باثيلي، لآلية تمكن الإنتخابات، يحفز الجسم السياسي الليبي، ودعت القادة الليبيين للتعاطي بإيجابية مع المقترح الأممي الجديد لإجراء الإنتخابات في العام 2023.
والجدير بالذكر أن النقطة الوحيدة التي إستفاض باثيلي في حديثه عنها هي ضرورة وضع آلية شفافة لإدارة عائدات النفط الليبي بما يحقق التوزيع العادل والشفاف مع التنويه إلى أن تتماشى الآلية مع قرارت مجلس الأمن الدولي. هذه العبارة بحسب المحللين المقصود منها أن تتماشى الآلية مع أجندات دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تُعاني من أزمة في الطاقة ويسعى لتعويضها من النفط الليبي.
وللسيطرة على النفط الليبي، تبذل الولايات المتحدة الأمريكية جهودها لتحييد كل من يقف عائقاً ضد أطماعها، ويُعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة العربية الليبية المشير، خليفة حفتر، أحد أكبر العقبات أمام تحقيق أجنداتهم في المنطقة الشرقية لاسيما أن أكبر حقول النفط تقع تحت سيطرته.
وفي هذا السياق، تسعى واشنطن لإزاحته من منصبه بشتى الطرق بما فيها تقديم رشوة لشراء الذمم في المنطقة الشرقية لتنفيذ خططتهم. حيث كشف موقع رصد حركة الطائرات، بيانات طائرة أمريكية قامت بأكثر من خمس رحلات جوية ما بين 20 إلى 22 من فبراير الماضي، هبطت في مطار بنينا بضواحي بنغازي. وبحسب ما تداوله شهود عيان على مواقع التواصل الإجتماعي تم تفريغ حمولات كبيرة من الأموال ونقلها تحت حراسة مشددة إلى منطقة الأبيار.
هذه التحركات والأنباء جاءت بالتزامن مع دعوات واشنطن المتواصلة تحت غطاء توحيد الجيش وجمع القادة العسكريين من المنطقة الشرقية والغربية إلى طاولة الحوار، وبالنظر إلى حجم الأموال التي نقلتها واشنطن إلى بنينا فهي بهدف دفع رشوات وإقناع القادة من المنطقة الشرقية للإنقلاب على المشير خليفة حفتر.
على الجانب الآخر فإن رشوة القادة بالجيش الوطني الليبي ليست كافية، فهنالك شوكة تقف أمام الأجندات الأمريكية في ليبيا والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص متمثلة في قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر المتواجد إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي وتعمل على تأمين حقول وآبار النفط.
وفي هذا السياق تعمل واشنطن على الترويج إلى أن قوات فاغنر العسكرية الخاصة هي سبب النزاع المستمر في الداخل الليبي. وقد صرح أحد المسؤولين بالبيت الأبيض أن الوجود المستمر لمقاتلي فاغنر في ليبيا يزعزع بشكل كبير إستقرار ليبيا والمنطقة، وأن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء وجود فاغنر في ليبيا.
الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أحمد الفايض، يرى أن تحركات الولايات المتحدة في ليبيا الهدف منها عرقلة المسار السياسي السلمي في البلاد والذي سيقود حتماً نحو إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة لاسيما بعدما توافق مجلسي النواب والدولة على التعديل الدستوري الثالث عشر والذي بدوره سيُنهي الخلاف ويمهد الطريق نحو صناديق الإقتراع.
وأضاف الفايض أن مساعي واشنطن لإضعاف الجيش الوطني الليبي في المنطقة الشرقية لن تنجح إلا في حال خروج قوات فاغنر العسكرية من ليبيا، فبوجود فاغنر إلى جانب الجيش الوطني لن تنجح الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها بالسيطرة على حقول النفط.