السبت 27 يوليو 2024 05:24 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الأديبة مى علام تكتب : عندما يعزف الشيطان

الأديبة مى علام
الأديبة مى علام


أجساد ظاهرة نفوس معقدة اروح تائهه بين هذا و ذاك الحياة تسير علي نفس الوتيرة الملل هو من يحكمها نبحث عن جديد ونعود من جديد تاركين انفسنا لأصوات تحكمنا تعلن العصيان علي الحياه تشتهي حيوات اخري ممتزجة بالأم لتدرك ماهية نفسها و ما ادرك ان اللون الاحمر هو لون الحياه فالأرض متسع للجميع وديدان الأرض لا تتواني عن عملها المفضل بالتهام الاجساد هل تتوق لمعرفة خبايا نفسك؟ ليكن قبل فوات الاوان . فؤاد مهندس مصري سافر الي مدينة اشبيلية للبحث عن فرص عمل و بالأخير بعد البحث المضني اضطر للعمل كسائق نقل لأحدي الشركات . و كان حلم حياته هو بيت علي الشاطئ تعيش فيه اسرته معه . و في احدي الايام جاءه احد الاصدقاء ليخبره عن منزل حالته لا باس بها وامام الشاطيء مباشرة تملكت السعادة فؤاد الذي اخذ الطريق قفزا و صديقه يلهث راكضا خلفه حتي وصلوا لمنزل ما بابه عتيق حاول فؤاد التلصص لكن جميع النوافذ مغلقه استغرب فؤاد فجميع المنازل علي الشاطئ تضج بالحياة بداخلها فالتفت فؤاد لصديقه متسائلا: هل انت متأكد ان صاحب المنزل يقطن هنا فالتراب يملأ المكان و النوافذ مغلقة ربما اخطئت في المنزل . هرش صديقه في رأسه و دار بعينيه ناظرا للمنزل لا انا متأكد ان هذا هو المنزل فجأة انفتح الباب واطلت برأسها امراة عجوز سوداء كعتمه الليل شديدة القبح انفها معقوف ذقنها مدبب و جسدها نحيل تبرز عظامها من تحت ثوبها لتعلن عدد السنين التي عاشتهابائسه عينيها ممتلئة بغضب غير مبرر ترتدي ثوب اسود يعكس ما بداخلها من قتامة تراجع فؤاد و صديقه للخلف منكمشين و بعد لحظة صمت تجرأ فؤاد سائلا: هل السيد وليم يقطن هنا؟ لم ترد وظلت تتأمله بحقد اثار رعبه قبل ان تفتح الباب علي مصراعيه و تأذن لهما بالدخول
دخل فؤاد مرتعدايقدم رجل و يؤخر الاخري همس له صديقه بأذنه يبدو اننا ذهبنا لمنزل الرعب لم يستطيع فؤاد كتم ضحكته فاستغرقا الاثنين في الضحك من شدة رعبهما تأمل فؤاد المكان بصعوبة فقد كانت الأضاءة خافته للغاية مقاعد سوداء و اريكة سوداء و المنزل به تماثيل من الشمع لشخصيات مبهمة ناهيك عن لوحات معلقة تثير الرعب غابات تشتعل اناسا تفر و مع كل هذا الرعب شئ واحد بعث علي الطمأنينة فهناك بيانو كبير وضعت عليه زهريةممتلئه بباقه متنوعه من الزهور تنهد فؤاد و سأل صديقه بنفاد صبر اين هو هذا الرجل ؟ لقد مللت! الصديق مبتلعا ريقه و انا ايضا اري ان نفر لقد اخطئت فالمكان هنا يثير قلقي اعتذر و نادم علي انني جئت بك لهنا . هيا فلنذهب لكن توقفا حين سمع صوت رجل يرحب بهما .
تأمله فؤاد فهو رجل يبدو علي مشارف الستين يجلس علي كرسي متحرك ابيض الشعر ذو وجه ملائكي و يرتدي بزة سوداء و رابطة عنق و يبتسم بود و ازاء ترحيب الرجل لهما ازال بعض القلق و الخوف منهما وامر الرجل الخادمة بأحضار الشراب.
و بعد التحدث قليلا سأل الرجل العجوز : من منكما سيقوم بتأجير المنزل ؟ ابتسم فؤاد: انا سيدي ، تأمله الرجل بعيون ثاقبه و تلاشت ابتسامته وهو يتأمل فؤاد الذي كان ممتليءالجسم متوسط القامة شعره اسود مجعد و يرتدي عوينات طبية وخلف هذه العوينات عينين باردتين متحجرتين كعيون الموتي انطفيء بريقهما و لا يهتم بملبسه اسمر البشره و هناك اثر جرح علي كفه حاول فؤاد اخفائه حين لاحظ ان الرجل تركز بصره عليه فقال محرجا :جرح منذ الصغر حيث كنت اقود الدراجة فوقعت من عليها . قال الرجل بسخرية و لكن الجرح يبدو حديث تجاهل فؤادسؤال الرجل وتابع سيدي كم تريد في ثمن المنزل؟ السيد وليام : ينبغي عليك رؤيته اولا فلا داعي للعجلة . مر علي غدا في العاشرة صباحا قال هذا و انصرف دون إلقاء التحية . عقد فؤاد حاجبيه بضيق عجوز متعجرف ، ديميان:هيا بنا و لنأتي في الصباح و لا تشغل بالك بتصرفاته فمنزل احلامك سيصير بين يديك غدا
فؤاد بتوجس لا اعلم و لكن هناك امر لا يريحني في هذا المكان و مع هؤلاء الاشخاص
ديميان: لا تكن احمق و تقف علي صغائر الامور فالجنون هو سمة البشر اينما ذهبت ابحث عن مصلحتك ولا تشغل بالك بأشخاص لن تراهم مجددا
فؤاد و قد بدا عليه الاقتناع قليلا حسنا معك حق و قال في سعادة متي يمر الليل بسرعة و اقطن في منزلي مع زوجتي و اطفالي .
لم ينم فؤاد في هذه الليلة جيدا فهو ينتابه شعور سعادة بقلق و ظل الارق يلازمه حتي السادسة صباحاحتي غلبه النوم و استيقظ علي صوت المنبه المزعج فرك عينيه و نظر للساعة فوجدها الثامنة قام مترنحا يعد لنفسه قدحا من القهوة اشعل سيجارة و اغلق عينيه شاردا بأفكاره لذاك المنزل و الرجل الذي بدا مستاء منه و لا يعرف سببا لذلك و رجع لمقولة صديقه الجنون هو سمة البشر اطفئ السيجارة و ارتدي ثيابه و اخذ القرار هو ذاهب لاستأجر المنزل و ليتجاهل كل هذا .
احيانا تتلاعب بالقدر لفترة و تخرج له لسانك مبتسما بأنتصار و لكن من هذا الذي يجرؤ هو فقط يراقبك و يسوقك كما يريد هو ليظفر بك علي طريقته الخاصة و ليعطي لك درسا ان الحياه ليست عبثا تتلاعب بها كما تشاء .
طرق فؤاد و صديقه ديميان باب منزل السيد وليام الذي كان متأنقا و مستعدا للموعد لم يجرؤ فؤاد علي النظر للسيدة العجوز الشمطاء التي كانت ترمقه بنظرات رصاصية حاقدة ركب الجميع السيارة و لم يتبادل احدا منهم حرفا حتي و صلت لمنزل بحديقة خلابة علي الشاطئ و المنزل رقم ثلاثه وعشرون ترجل الجميع من السيارة و تولي السائق امر وليام دار فؤاد حول المنزل بسعادة و فتح الرجل باب المنزل الذي كان يغمره ضوء النهار صعد فؤاد للطابق العلوي الذي كان به ثلاثة غرف للنوم و حمام اما الدور الارضي به المطبخ وحمام و صالة كبيرة موضوع بها بيانو كبير و اعلاه صورة لفتاه ترتدي ملابس سوداء و تضع قناع علي عينيها و خلفيه الصورة حمراء . تأمل فؤاد المكان و توقف عند الصورة و البيانو متسائلا عما اذا كان صاحب المنزل سيأخذهما .
رد وليام بمرح :لاداعي لذلك فربما احد من اطفالك يهوي العزف ويتعلمه ولكن اذا لم ترغب بوجودهما سأرسل احدا لينقلهما
اندفع ديميان بسرعة فؤاد لن يمانع في شئ ، اليس كذلك يا فؤاد ؟ لم يرد فؤاد فهناك امر يقلقه في هذا المنزل ،ولكنه رغم ذلك لم ينبس ببنه شفه.
تحرك السائق و اخرج عقد الايجار و ناول فؤاد قلما الذي كان مترددا ممادفع ديميان الي ان يلكزه بمرفقه فوقع فؤاد علي مضض .
تحرك وليام نحوه مبتسما مد كفه مصافحا له قائلافلنشرب كأسا احتفالا بهذا العقد تجرع الكأس و القاه بعيدا و تحرك مع سائقه و قبل ان يغادر التفت لفؤاد قائلا فقط لو ادرك البشر انهم ارواحا و ليسو ااجسادا لعمت الفضيلة لكن يدركون ذلك بعد فوات الاوان بعدما يتلقنوا درسا و يصبحوا نادمين و استغرق في الضحك شعر فؤاد بقشعريرة تسري بأوصاله و هو يراقب السيد وليام و هو يغادر حتي انه لم يستمع لديميان الذي كان سعيدا و يهنئه علي مسكنه الجديد و غادر هو الاخر و تركه وحيدا واقفا في منتصف الردهة ناظرا للوحة و البيانو و لم يجرؤ علي الاقتراب منهما شيء ما جعله يركض خارجا وينطلق لعمله .
بعد حوالي اسبوع تم نقل الاثاث و جاءت زوجته و طفليه نسي فؤاد كل شئ عن المنزل حين راي السعادة بعيون زوجته عائشه حمل طفلته امينة البالغة عام و امسك بيد طفله جاسر البالغ ثلاث سنوات راكضا للشاطيءللمرح.
قضي الليلة الاولي بأعداد عشاء رومانسي في حديقة المنزل المطلة علي الشاطئ تأمل زوجته عائشه التي كانت تضع شال من الصوف علي كتفيها فهي سمراء نحيلة تتدلي خصلة من شعرها علي عويناتها الطبية و قد بدت مستمتعة بنسيم الهواء العليل فقد اغمضت عينيها بنشوة وأبتسمت قائلة اشعر بك حين تنظر الي و اليوم كأنك تراني لأول مرة نظراتك لي تعود بي الي الماضي منذ ست سنوات حيث جئت لخطبتي.
ابتسم فؤاد قائلا و هو يقبض علي كفها كل يوم يمر اشعر انني احبك اكثر ثم شرد في البحر سامحيني علي الفترة الماضية فقد اهملتك لكن طبيعة العمل لا ترحم و لكن اعدك انني سأبذل قصاري جهدي لتعويضك عن ذلك وضعت عائشة رأسها علي كتفه قائلة بنعومة: لا تفكر في الماضي لست غاضبة منك لنعش منذ الان السعادة و ها قد بدأت بتحقيق واحدة من احلامنا منزلنا علي الشاطئ ضمها فؤاد اليه بقوة قائلا بصلابة فقط وجودك بقربي يشعرني بالامان و عدم الخوف
رمقته عائشة بدهشة : الخوف مماذا ؟
فؤاد بقلق لا اعلم ينتابني شعور الخوف منذ فترة الحياة و ما هو قادم
عائشة تلكزه بمرفقها : حسنا لا تفكر في القادم انظر يا رجل حولك اليس هذا رائعا ، فؤاد بتوجس :ربما ربما .
في ليلة عاصفة ممطرة هرولت فتاه ترتدي معطف احمر الي محطة مترو الانفاق وقفت منتظرة المترو و شعرت ببرودة بأوصالها فأخرجت كوفيه من حقيبتها وضعتها حول عنقها و وضعت غطاء رأس .
كان هناك رجل جالس يراقبها خلسة و حين جاء المترو تحرك قفزت الفتاة للمترو وخلفها الرجل كان المترو يكاد يكون خاليا فهناك طفلة تجلس بجانب والدتها ، ثلاثة افراد شبان و فتاة يتحدثون بمرح سويا . و رغم ذلك تعمد الرجل ان يجلس بمقعدامام الفتاة مباشرة لم تبالي الفتاة فقد انشغلت بهاتفها و اشنغل هو بها حاول ان يوقع هاتفه بجانبها لكن الفتاه لم تبالي توقف المترو و تحركت الفتاة للنزول فركضت مسرعه من الامطار الغزيرة فظل الرجل يلاحقها خلسة حتي دخلت منزلها.
توقف الرجل حينها و لم يبالي بالامطار ظل واقفا حوالي ساعة لعلها تظهر مرة اخري ،
لكن انطفئت انوار المنزل جميعها فقد الرجل الامل و اختفي في عتمة الليل
استيقظت عائشة مبكرا و ذهبت للأطمئنان علي اطفالها ارضعت الصغيرة حتي نامت وضعتها في فراشها و هبطت لتفتح الشرفة و تتنسم الهواء العليل و قررت اعداد الافطار و اثناء سيرها حانت منها التفاته للوحه فتأملتها طويلا فقد شعرت ان الفتاه ترمقها اقتربت منها تتحسسها بخوف فوجدتها لوحة زيتية عادية عقدت ساعديها تتأملها و انطلقت منها صرخة خافتة تبا لك ايها الاحمق لقد افزعتني .
استغرق فؤاد في الضحك لكن عائشة بقلق لا اعلم هناك شئ يخيفني في هذه اللوحة ، فؤاد متجاهلا النظر للوحة فقط لا تستمري بالتحديق بها تجاهلي وجودها
عائشة: سأضعها في القبو
فؤادبمرح : اصنعي ماشئتي فهذا منزلك لكن هناك شيئا واحدا لاتقومي بفعله اياكي وطلاء الجدران كل مره تفسدين الامرباللون الاصفر الذي تصرين علي استخدامه.
عائشة بدهشة: ما هذا الهراء الذي تتفوه به !كل هذه الاعوام ولم تخبرني انك لاتحب اللون الاصفر يالك من مخادع.
فؤاد و هو يحيطها بذراعيه :لا اقصد ذلك ولكن السيد وليام ربما لايحبذ ذلك اعتقد انه لولا احتياجه للمال لما قام بايجاره لا داعي يا عزيزتي لأثارة المشاكل فهو رجل متعجرف و حاد الطباع وفكره تغير الطلاء ربما لن تروقه و اذا علم لم يتواني عن طردنا و انا وجدت هذا المنزل بصعوبة فقط امهليني الوقت لشراء منزل وبعدها افعلي ماشئتي
عائشه : حسنا ياحبيبي كما تشاء و سأقوم بالعزف علي البيانو اهذا ايضا من الممنوعات ؟! ضحك فؤاد : لا اعزفي و قومي بتصديع رأسي . ثم نظر لساعته يا الهي لقد تأخرت و انطلق مغادرا لعمله.
حملت عائشة طفلها و وضعته علي الطاولة و انشغلت في اعداد الطعام له فسمعت ضحكات طفلها فالتفتت لتجد طفلها واقفا يلوح لشئ ما و يضحك و من ثمة سمعت صوت عزف البيانو فذهبت لتري من !ربما فؤاد قد رجع فوجدت ان البيانو يعزف موسيقي حزينه نظرت هنا و هناك لم تري احدا فركضت نحو طفلها حملته خائفة . وهي تقترب من البيانو بحذر و فجأة توقف العزف و لكن شعرت و هي تحمل طفلها ان هناك احدا يراقبها من الخلف فالتفتت بسرعة فرأت امرأة لم تتبين ملامحها كانت ترمقها ببغض صرخت عائشة و اغمضت عينيها و من ثم فتحتهما فأختفت المرأة، انطلقت عائشة صاعدة الدرج لكي تطمئن علي طفلتها الصغيرة فوجدتها نائمة . فحملتها و ركضت لأسفل هاتفت فؤاد الذي اتي مسرعا قصت له كل شئ و فؤاد يرمقها بشك و لم يبدو عليه الاقتناع .
عائشة بغضب :هيه انت لا تصدقني اليس كذلك تعتقد انني مخبولة و هذا من رأسي
فؤاد: يبدو انك لم تنامي جيدا و هذا منزل جديد ربما لم تعتادين عليه قاطعته عائشه: اصمت تبا لك لا تتفوه بكلمة
فؤاد : لم اقصد هذا لكن فقط تحتاجين للراحة و تهدئة اعصابك و هذا المنزل من اجل هذا الغرض .
عائشة و هي تنظر حولها بخوف لا اعتقد هذا يبدو ان هذا المنزل ملعون .
خرجت الفتاه باكرا في الصباح بدراجتها و القت التحية علي جارتها المسنة و توقفت لأعطائها قالب من الكيك فشكرتها العجوز انت فتاه تحملين قلب رحيم سابرينا
انطلقت سابرينا بدراجتها ملوحة للسيدة فأصطدمت برجل كان ممسكا بباقة زهور فوقعت سابرينا و الرجل ارضا و تناثرت الزهور علي الارض نظرت سابرينا للرجل بخجل ثم انطلقت ضاحكة فضحك هو الاخر
ساعدها الرجل علي النهوض فأعتذرت و حاولت جمع الزهور . لكن الرجل مد كفه ليصافحها فصافحته سابرينا . عرفها الرجل بنفسه و قدم اليها الزهور غامزا لها ، وانطلق بعيدا. نظرت سابرينا للزهور بذهول و لم تبالي و انطلقت بدراجتها.
كان فؤاد جالسا بأسترخاء يتأمل البحر من حديقة منزله و بدت السماء صافية و القمر ينيرها فجأة ظهرت امرأة متشحة بالسواد واقفة تنظر اليه.انتفض فؤاد و فرك عينيه ليتأكد كانت المراة تقترب بخطوات وئيده و فؤاد يتراجع للوراء و فجأء وجدها في الحديقة امامه مباشرة شهق فؤاد و تسمر بمكانه للحظات قبل ان يركض مذعورا و يغلق الباب و يضع المزلاج عليه
نظرت اليه عائشه بدهشة : ما بالك
قبل ان ينطق فؤاد بكلمه عزف البيانو موسيقي حزينه ، هتفت عائشة بذعر ها قد بدأ
الرعب ها هو يعزف بمفرده امامك فقط تتهمني بالجنون و الخبل تحرك فؤاد نحو البيانو الذي توقف عن العزف يتفحصه . فلم يجد ما يريب
فقال بتوتر: اين الاطفال ؟
و فجأة ساد الظلام المكان و انطلقت من عائشة صرخة رعب
وقفت سابرينا منتظرة في محطة المترو و صعدت المترو و الرجل جلس امامها مباشرة .
رمقته سابرينا بذهول : عفوا الست الرجل الذي ارتطمت به في الصباح
الرجل : بالفعل انا
سابرينا : هل هذه صدفة مقصودة؟
الرجل : لا ادري مقصودة ام لا و لكن بالنهاية صدفة فكل شئ في الحياة صدفة الأ تعتقدين ذلك؟
لم ترد سابرينا فقد شعرت بالخوف من هذا الرجل فرفعت غطاء معطفها و تظاهرت بالأنشغال في هاتفها و لكن التوتر كان يملئها . و حين توقف المترو اطلقت ساقيها للريح و رغم ذلك ظل الرجل يلاحقها حتي دلفت المنزل و اغلقت الانوار و اختفي هو في ستار الليل.
اطلقت عائشة صرخة صاحت في غضب اطفالي ، كان فؤاد يبحث عن شمعة في احد الادراج اشعلها و ركض لعائشة التي فقدت النطق و كانت تنظر لشئ فنظر فؤاد حيث تنظر فوجد ان اللوحة اختفت من مكانها ، و سمع صوتا كالفحيح يصدر من جهاز الانذار الخاص بطفلته الرضيعة ثم تحول لهمس بكلمات غير مفهومه . قالت عائشة بلوعة اطفالي و انطلقت مع فؤاد صاعدة الدرج . وجدت الطفلة ملقاه علي الارض تصرخ و جاسر واقفا يشير بأصبعه علي شيءما في الظلام و فجأة انفتحت الشرفة حملت عائشةاطفالها و ركضت خارج الغرفه و فجاة عادت الانوار و توقف العزف و ساد الهدوء المكان لم تتمالك عائشة نفسها فأنفجرت في البكاء . اما فؤاد اصابته هيستريا و هو يدور هنا و هناك باحثا عن سبب لكل هذا و شهق حين رأي اللوحة عادت لموضعها .
عائشة: يجب ان نرحل من هنا فالمنزل مسكون
فؤاد بعصبية: اين نذهب؟ لقد انفقت كل ما لدي من اموال لأستئجار هذا المنزل لم اعد امتلك اي شئ .
عائشة بحنق: لا اعلم لو بقينا سنموت من الرعب اخشي علي اطفالي .
فؤاد و هو يرفع صوته متعمدا: لن نغادر. هذا منزلنا لن يستطيع احد اخراجنا مهما حدث فقط تجاهلي الامر برمته و لنري من سيرحل اولا .
عائشة صائحة: انت جننت بالفعل اتحارب اشباحا؟ هذا انذار لنا بأن وجودنا غير مرغوب فيه و انا بعد ما رأيته لن يغمض لي جفن في هذا المكان سأذهب لأي فندق لست علي استعداد ان اخوض هذا الامر مرة اخري ثم شردت في لوحة المراة هم غاضبون للغاية من وجودنا هنا
فؤاد بنفاد صبر: حسنا سنظل الليلة نامي انت و انا سأًظل ساهرا و سنغادر في الصباح.
اللعنة!!
جلس الرجل علي احد الارصفة في الشارع و لم يبالي بالرياح و الامطار الغزيرة فقد امسك راسه متألما الهمسات الشيطانية تلاحقه لا تصمت اينما ذهب هب واقفا لا لا استطيع اتركني ايها الشيطان يا الهي لا تنكر اعجابك بها الذي وصل لحد الجنون . انت تلاحقها اينما ذهبت لكن هي لا تراني اشعر انها تخاف حين تراني . هراء هراء هذا ليس صحيحا هكذا حال النساء لهن القدرة علي إخفاء مشاعرهم . لاحت ابتسامة علي وجه الرجل ،الم تري كيف كانت سعيدة حين اهديتها الزهور و لم ترفضها هيا انهض و استمتع فهذا حقك انت لا تقترف خطأ حانت فرصتك للنيل منها و هي لم تمانع اقتنص الفرصة الم تشتاق الي حبيبة تأخذك الي ملاذ العشق و تحطموا سويا قيود الفضيلة فالحياة لحظات قصيرة اجعل هذه اللحظات سعيدة انهض يا رجل لا تجعلها تنتظر ، نهض الرجل و قرر ان يغتنم فريسته بأي شكل من الاشكال لا شئ سيحول بينهما منذ هذه اللحظة .
في حوالي الساعة السابعة مساء و الجو شديد البرودة و الشوارع خالية من الحياة جلست الفتاة في احد المقاهي تقرأ كتابا و تتناول قدحا من القهوة فجاء احد الشباب و جلس بجانبها و تبادلوا الحديث و الضحكات سويا.
كان الرجل واقفا يراقبها و قد امتلأ قلبه بالغيرة و الحقد . ها هي القديسة! معبدها مدنس برجال اخرون . امسك الرجل رأٍسه بكفيه كفي اصمت قد يكون ... قاطعه الصوت الشيطاني قد يكون ماذا ؟! كلهن عاهرات يدعين الفضيلة و الشرف لقد حذرتك كثييرا و الان سأصمت لاري ماذا انت بفاعل ؟ استمر الرجل بمراقبتها مر الوقت و هي جالسة مع ذاك الرجل امتلئه الحقد اكثر و اكثر . و قرر ان يغتال هذه القديسة و ان يساوي معبدها بالتراب سيجعل اسفلها عاليه.
وقفت الفتاة بمحطة المترو ترتدي معطفها الاحمر و ترفع غطاء رأسها كأنها تريد ان تكون مخفية لا احد يراها و قد انزوت في احد الاركان تنتظر المترو الذي يبدو انه لن يأتي في هذه الليلة بدت قلقة و لا تعرف لماذا ؟ لكن فجأة احست ان هناك احد خلفها ورائحه ما شعرت بالدوار و ثقل في رأسها و في جسدها حاولت ان تفتح عينيها التي تعاندها و تريد ان تذهب في سبات عميق الرؤية اصبحت ضبابية سمعت توقف المترو وصوت من بعيد ها قد حان الوقت يا حبيبتي .
استيقظت الفتاة و شعرت بالصداع في رأسها و برودة في جسدها المكان شبه مظلم الا من اضاءة تأتي من بعيد تحسست جسدها فوجدت نفسها عارية بالكامل صرخت برعب و إذا بالرجل يقف امامها قائلا بنبرة تهديد لا داعي للصراخ فلن يسمعك احدا غيري سابرينا لا مناص الليلة .
سابرينا: انت هذا الرجل الذي اراه بالمترو.
الرجل : بالفعل انا الرجل المتيم بعشقك سابرينا و الان لتمنحي هذا الرجل القليل من العشق .
سابرينا : ارجوك انا لم افعل لك شيئا لأستحق ذلك.
الرجل: فعلتي كل شئ لقد اغويتيني برقتك و جمالك و تجاهلت امري تماما كأنني حشرة تمر بجانبك لم تمني علي بنظرة اعجاب و الان اريد كل شئ ان تمارسي الحب معي و انت سعيدة و اذا لم تفعلي ذلك سأجعلك تندمين و اندفع نحوها يقبلها و يحتضنها فنزعت سابرينا دبوس شعرها و غرزته بكفه فصرخ متألما و ازداد شراسة صرخت سابرينا و دفعته بقوة فعاود مجددا و قامت بعضه تألم الرجل و جذبها بقسوة من شعرها و لكمها بوجهها العديد من المرات فاجهشت الفتاه بالبكاء تأملها الرجل بدون شفقة توسلت له ان يتركها قائلة انا لا افهم كيف يكمن بداخلك كل هذا الشر
الرجل: العالم ملئ بالاشرار لم يتسني لي ان اعيش قصة حب لقد حرمتني الحياة من ذلك بدون رحمة لماذا ارحم احدا و احدا لم يرحمني حتي انتي رغم معرفتك بعشقي و مطاردتي لكي في كل مكان لم تبادليني الشعور و لو للحظات و تطلبين ان ارحمك لقد بدأت امرا و يجب علي انهائه مهما كلفني و توقفي عن مخاطبتي عن الاخلاق و القيم و الرحمة و الا سأنتزع لسانك من فمك سحقا لكي .
بدت الامطار في الهطول اغمضت الفتاة عينيها بقوة و شرع الرجل في الانقضاض عليها مع صراخاتها التي ضاعت في الفراغ السرمادي.
لم يذهب فؤاد للعمل في هذ اليوم بل ظل جالسا امام اللوحة و البيانو يراقبهما و عائشة تلملم اغراضهما استعدادا للرحيل من هذا المنزل المشوؤم .
في المساء اعدت عائشة له قدحا من القهوة و جلست بجانبه تتناوله لاحظت تركيزه مع اللوحة فقالت فؤاد انت تخيفني بجلوسك هكذا طيلة اليوم تتأمل اللوحة ، رمقها فؤاد و لم ينطق بكلمة مما زاد من رعب عائشة فصرخت فؤاد قل شئ .
زفر فؤاد في ضيق : كفي ثرثرة اصمتي قليلا حتي استطيع التفكير و الوصول لحل للخروج من هذا المأزق .
عائشة : فكر كما تشاء فمع ضوء النهار سأركض خارج هذا المنزل ، رمقها فؤاد بنظرة نارية فهمست حسنا سأذهب لاطمئن علي اطفالي و ما هي الا ثواني سمع صراخها و هي تناديه الاطفال اختفوا ليس موجودين بغرفتهم ، اندفع فؤاد كالصاروخ صاعدا الدرج باحثا عن اطفاله في كل ارجاء المنزل و لم يعثروا عليهما ، جلست عائشة القرفصاء تصرخ بهيستريا اولادي اعدهم لي يا فؤاد ثم اتجهت للوحة تركع أسفلها متوسلة ارجوك اعديهم لي و خذيني بدلا منهما فجأة انقطعت الكهرباء و عزف البيانو موسيقي حزينة لم تبالي عائشه فقد ظلت تتوسل للمراه التي في اللوحه .حاول فؤاد تهدئتها وانه سيبلغ الشرطه وسيجدهما فجاه توقفت عائشه عن البكاء ،توتر فؤاد ونادي علي عائشه مرارا وتكررا ولكنها اختفت هي الاخري .
اندفع فؤاد للمطبخ باحثا عن سكين وشمعه اشعلها وسار بخطوات مرتجفه باحثا عن عائشه سمع صوت البيانو الحزين تمعن اللوحه برعب فلم يجد المراه في الصوره دار بعينيه في المكان وشهق حين راي علي الضوء الخافت امراه ترمقه بنظرات وحشيه حافيه القدمين وجهها خلت منه الحياه واصبح كلون الثلج تسير بميل وببطء متجهه نحوه جن جنون فؤاد فاندفع نحوها يطعنها بالسكين وهو يصرخ ولم يتوقف عن طعنها حتي عادت الكهرباء .
نظر للجثه الملقاه فصرخ بلوعه لا لا لا مستحيل !
القي فؤاد بالسجن مدي الحياه بتهمه قتل عائشه لم يصدقه احد فيما قاله .
جلس فؤاد بزنزانته المظلمه يبكي قبل ان يناديه احد الحراس ان ثمه اشخاصا جاءوا لزيارته تحرك فؤاد بصعوبه واصابته الصاعقه حين راي السيد وليام بكامل لياقته ويسير علي قدميه بدون كرسي متحرك وبجانبه ديميان صديقه الاثنان ينظران له بشماته والسعاده تغزو ملامحهما .
وليام بسعاده :اخيرا نلت ماتستحقه ايها القاتل وقبل ان ارحل عن العالم رايتك وراء القضبان ورغم هذا لم يشفي غليلي منك بعد .كنت اود تقطيعك اربا جزاء لما فعلته بفلذتي .
نظر فؤاد لديميان مرددا قاتل قتلت من لم يرد السيد وليام وانهمك في اشعال غليونه وقام ديميان بالحديث بسخريه سابرينا فتاه المترو التي قمت باغتصابها وقتلها بوحشيه والقائها بصندوق المهملات .تراجع فؤاد للخلف لا محال محال ،فجذبه ديميان من ياقته بقسوه سابرينا ابنه عمي وخطيبتي ايها الحقير سابرينا التي سيظل شبحها يلاحقك ليل نهار ليريك مصيرك الاسود ليالي طويله حزينه وانا انتظر الفرصه للاقتناص منك ولاحت لي فكره تركت عملي كطبيب واضطررت للعمل كسائق لكي اتقرب منك واصبح صديقك ثم بصق عليه اها لو تعلم كل مره اراك اود قتلك لقد قتلت حبيبتي في نفس ليله عيد ميلادها الثالث والعشرون وذاك المنزل الذي قمت باستئجاره رقمه ثلاثه وعشرون هو ملكي انا ولقد قمت بشرائه وشراء البيانو لانها تهوي العزف كنا سنتزوج عندما تكمل الثلاثه والعشرون واللوحه كانت لها في احدي الحفلات التنكريه قمت انا برسمهالها لقد سعيت للانتقام ورغم ذلك لم يشفي غليلي بعد ،طرقات علي الباب دفعت فؤاد للانهيار التام والبكاء والضحك بهيستيريا لقد قتلتك قتلتك انت حيه .
عائشه بغل :نلت ماتستحقه ايها الخائن القاتل لم اصدق السيد وليام في البدايه حين اخبرني عن قتلك لابنته واغتصابها ولكن كوابيس فعلتك فضحت امرك كل ليله تصرخ باسمها سابرينا وهنا تاكدت شكوكي ولم ابخل علي السيد وليام بمساعدته انا لم اقصر
معك في شيء لتخونني .فؤاد بذهول :من قتلت اذا ؟! ديميان ضاحكا :فتاه تعاني من البلاهه وهاربه من احد المصحات النفسيه لقد افادتني كثيرا ولكن بالنهايه ماتت علي يديك ،فؤاد انت الذي قتلتها ليس انا ،يااللهي ارحمني.
ظل فؤاد يبكي :اولادي !اين اولادي ؟ارجوكي لاتحرميني منهما ولاتخبريهم شيء عما فعلته لم ترد عائشه بل صفعته علي وجهه العديد من المرات وهي تبكي.
تجمدت نظرات عين فؤادو بدا كشخص اخر وهو يقبض علي ذراعها بقسوه قائلا بشراسه ستندمين علي فعل ذلك ايتها العاهره فجميعكم معبدكم مدنس .
تبادل السيد وليام وديميان نظرات ذات مغزي وتحرك ديميان نحو عائشه وامسكها برفق قائلا هيا لقد انتهي وقت الزياره ، وفؤاد يصرخ :معبدكم مدنس مدنس
قاد ديميان السياره والتفت السيد وليام للاطفال وعائشه سائلا اياهم مارايكم بأن نذهب للملاهي للمرح اوما الجميع براسهم بسعاده .
وقفت فتاه تنتظر المترو والجو شديد البروده والامطار تتساقط ولم تلحظ ان هناك رجلا ما يراقبها عن كثب وحين جاء المترو صعدت الفتاه بسرعه والرجل خلفها وتعمد ان يجلس امامها .
حين يعزف الشيطان علي اوتار النفس يبدا اللحن الحزين

تمت