الكاتب الكبير طارق محمد حسين يكتب : ام كلثوم النغم الخالد
فى ذكرى وفاتها التاسعة والأربعين عاما انقضت منذ وفاتها تسع وأربعون عاما ولايزال صوتها ملء السمع والبصر ، وسوف يظل مكانها شاغرا لم يملؤه احد حتي الان ولآمد طويل لا يعلمه إلا الله ، إن مكانة أم كلثوم فى قلوب الملايين المحبين والعاشقين لفنها سوف تبقى نابضة بالحياة ما بقيت فيهم دماء تجرى ، وانفاس تتردد ، ورهافة حس وتذوق فني لا نشعر به مع غيرها ، فمن غيرها كان قادرا على أن يبعث فينا كل هذا الانتشاء الساحر ، الذي جعل حياتنا على صوتها الشجي ، واغنياتها العذبة ، وقصائدها الفاتنة ، كالواحة الخضراء تظللها البهجة ، إنها أم كلثوم يا سادة التى اقسمت ان تسحرنا بغنائها ، وقد ابرت بقسمها واوفت بوعدها ، انها ام كلثوم هرم الغناء المصري الشامخ، الذي يقف جوار اهرام الجيزة ، كما وصفتها الصحافة الامريكية فى الستينات ،إنها أم كلثوم ظاهرة فنية تاريخية مدهشة ومبهرة ، لم يتوقف ابداعها فقط عند صوتها العذب القادر المتمكن ، والمعجز بجماله ورقته ودقته ، وقوته وعذوبته ، ولا بما قدمته من اغنيات وقصائد حفرت مكانها بالفعل فى تاريخ الغناء المصري والعربي عن جدارة واستحقاق ، ولكننا هنا بإزاء منظومة متكاملة غير مسبوقة من الابداع ،بدءاً من شخصيتها وما كانت تتسم به من ذكاء اجتماعي ، وخفة ظل ، وروح دعابة محببة ، وحس فنى راق ، مع امتلاك تام لناصية اللغة العربية ، التى اكتسبتها من حفظها المبكر لأجزاء من القرآن الكريم ، وتلاوته مجوداً كذلك ، وذلك من خلال نشأتها القروية فى بيت من المنشدين للقصائد والمدائح النبوية ، مما كان له اكبر الاثر على صقل موهبتها الفذة فى تذوق الشعر العربي ، مع احساس عميق بالنغمة وباللحن المصاحب للكلمة ، وبالقدرة المدهشة والغير مسبوقة على الارتجال ، والاتقان المتناهي والمحكم فى ترويض القفلات ، التى كانت تنتزع الآهات من قلوب المستمعين ،ولا ننسي لها دورها الوطني في دعم المجهود الحربي بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ ، ويشاء الله ان يتزامن ظهور أم كلثوم بحنجرتها الماسية ، وصوتها الساحر ، فى زمن إرهاصات عصر التنوير على أرض مصر مع بدايات القرن العشرين ، مع وقت ظهور فرسان الكلمة مثل احمد رامي وبيرم التونسي ، صلاح جاهين ، وعبد الفتاح مصطفى ، وعبد الوهاب محمد وغيرهم ، وشعراء الفصحى مثل : امير الشعراء أحمد شوقي ، وشاعر النيل حافظ ابراهيم وإبراهيم ناجى ، وأحمد فتحي ، وطاهر أبو فاشا ، ومحمد اقبال ، وأبى فراس الحمداني وغيرهم ، ومع عباقرة النغم فى الموسيقي والغناء العربي ، مثل السنباطي والقصبجي وزكريا احمد ومحمد عبد الوهاب ، ومن بعدهم محمد الموجي ، وكمال الطويل ، وبليغ حمدي ، وانتهاء بسيد مكاوي ، ولتكتمل منظومة الابداع ، بجمهور من المستمعين كانوا يقدرون الكلمة حق قدرها، ويتذوقون عذوبة الالحان وجمالها ، حقا لقد كان انبثاق ظاهرة أم كلثوم على أرض مصر ، متواكبا مع بزوغ عصر نهضة الرواد من المفكرين والادباء والشعراء والفنانين ، وفى أعقاب ثورة التجديد فى الموسيقي والغناء التى فجرها خالد الذكر سيد درويش ، نحن إذن بإزاء صدفة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، اكتملت فيها واجتمعت وتلاقت كل عناصر الابداع ، على غير اتفاق ، فكانت كوكب الشرق أم كلثوم - هبة السماء لنا ، عاشت أجيال معها ومع فنها ولا زلنا نستعيد احلى واجمل اوقات عمرنا ، حيث كانت توقظ فينا بغنائها ارقى وانبل المشاعر والاحاسيس ، كما علمتنا كيف نتذوق الموسيقى والغناء فى أبهى صورهما ، وكيف تكون الكلمة المغناة سامية وراقية ، اما عن قصائد الشعر العربي ، فقد تميزت ام كلثوم بأدائها فيها تميزا فريداً ومبهراً ، لم ينافسها فيها أحد حتى الآن ، لتدخل تاريخ الغناء كمطربة القصائد الأولى ، حيث قدمت أكثر من ستين قصيدة بالشعر العربي الفصيح ، فكان أن أسدت بغنائها هذه القصائد خدمة جليلة إلى لغتنا العربية الجميلة ، استطاع الناس أن يتعرفوا من خلالها على جماليات وعجائب وإعجاز هذه اللغة ، ولم يكن عجبا ان تسمع الناس يغنون هذه القصائد ، وينطقون كلماتها بطريقة صحيحة ، والبعض منهم لم يكن قد نال حظا مناسبا من التعليم ، ولكنه صوت ام كلثوم الآسر وفنها الساحر ، حقا كان عهدا جميلا وزمنا يستحق أن يوصف بأنه زمن ام كلثوم ، عشناه معها ، وزرعنا خلاله اغصانا من الامل ،ً كانت ترويه ام كلثوم بغنائها العذب وفنها الباقي والخالد ، رحم الله أم كلثوم ، ولا عزاء في فن المهرجانات وما علي شاكلته التي لوثت اسماعنا .












اليوم.. الحكم على مدرس متهم بهتك عرض طالبة فى الطالبية
بدء أولى جلسات محاكمة هدير عبد الرازق وأوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة...
تجديد حبس عاطل متهم بقتل والدته في مدينة نصر
الداخلية تسمح برد الجنسية المصرية لـ 19 شخصا
أسعار الذهب في الصاغة اليوم الجمعة
سعر الدولار اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 مقابل الجنيه المصري
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء
أسعار الذهب اليوم في مصر..