الكاتب الكبير حسين السمنودي يكتب : صراع فتح وحماس على أنقاض فلسطين
الجارديان المصريةاللقطة الأخيرة من فيلم ( طيور الظلام) والتى جمعت مابين الفنان عادل إمام والفنان لطفي الخولي وهما فى المعتقل وقد وضعت أمامهما كرة قدم وهما ينظران إليها وبعد ثوان جريا نحو الكرة وكل منهما يريد أن يركلها بقدمه.
المخرج هنا صور عادل إمام بالمحامي الفاسد الذي يفعل أي شئ من شأنه أن يجعله يصل إلى مبتغاه مهما كان .
وصور المخرج الفنان لطفي الخولي بالإخواني الذي يريد أيضا أن يصل لما يريد على ٱلام وأوجاع الٱخرين دون النظر إلى أي قيم أو مبادئ .وصور كرة القدم بالوطن ( مصر) التى يحاول الفاسدين من النظام سواء كانوا أفرادا أوجماعات أن ينالوا منها مهما إستطاعوا إلى ذلك سبيلا.
والٱن تصارع الإخوة فى فلسطين على من يحكم البلاد والعباد.
وصارا أضحوكة العالم أجمع.
وكل منهم صار له حكومة وشعب وأرض .الضفة وغزة.
وانقسما مابين فتح وحماس.
واستطاعت قوة حماس أن تسيطر على كل قطاع غزة وتقتل ماتشاء من أفراد السلطة الفلسطينية الذين كانوا متواجدين هناك فى مشهد مأساوة لم يسبق له مثيل .حيث تم تكسير العظام وإلقائهم أحياء من الأدوار العالية والعالم بأجمعه وبوسائل إعلامه ينقل تلك المأساة على شاشات الفضائيات.
ونجح الإحتلال الصهيوني أن ينزع الرحمة من قلوب هذا وذاك.وأن يفرق بين الإخوة .وأن يفسد الود بينهما.ويزكي نار الفتنة ويشعل الحرب ويفعل مايريد .فالوطن المحتل قابع فى دهاليز الأغلال التى لا تنفك عنه أبدا.فى الوقت الذي يتحارب فيه الإخوة على من يستطيع الإستحواذ على السلطة الكاذبة تحت رٱيات المحتل الغاصب
بات لفلسطين حكومتين .فى غزة والضفة.
وبات الإخوان المتمثلين فى حماس تتدفق عليهم الأموال من كل حدب وصوب.
وأصبح للقيادات الحمساوية الإخوانية قصورا لا مثيل لها فى كل الدول العربية والإسلامية والعالمية .
وكذلك الحال للقيادات الفتحاوية يديران منها شئون فلسطين بشقيها الفتحاوي والحمساوي...
والمؤسف والمحزن والمخزي فى ذات الوقت أن للفتحاوية مساجد خاصة لهم وخطباء يديرون شئونها وكذلك الحمساوية .وصار الوضع بينهما سمك لبن تمر هندي.ولذلك إستطاع المحتل الصهيوني من أن يبرع فى بث الفتنة والفرقة والنفخ فى النار لتشتعل الأمور أكثر مابين فتح وحماس ومن يواليهم وينتمى لهم.
فى الحرب القائمة الٱن تأت نهاية هذا وذاك على أنقاض الوطن المجروح والدامي .وأحدث الصهاينة دمارا فاق فى وصفه وحقيقته ما فعلته جيوش التتار فى بلاد المسلمين.ومهما تخيلت وذهبت بعيدا فالأحداث على الأرض أكثر بشاعة وأشد ألما وحزنا .
وما تفعله حماس اليوم لا يأت واحدا على عشرة من الدمار الذي حدث لقطاع غزة وشعبها..ولذلك فالشعب الفلسطيني هو الجريح هو القتيل هو الأسير هو الضائع بين فئتين لا يهمهما إلا المصلحة الخاصة والزعامة الزائفة المكذوبة.
ليس هناك منتصرا على أرض الواقع الحزين إلا قوات الإحتلال الصهيوني التى أصبحت على مشارف حدود مصر.وما تتناقله القيادات الصهيونية من ممر ٱمن للمواطنين الفلسطينيين النازحين من الشمال والوسط إلى جنوب مدينة رفح الذين وجب عليهم النزوج جميعا إلى الشمال مرة أخرى ماهو إلا أكذوبة يتم بعدها قنص الجميع وقتلهم بدم بارد أمام مسمع ومرأي العالم الأصم والأعمى الذي لايرى إلا إسرائيل ولا يساعد إلا الكيان ولا ينشر إلا صور ضحايا الصهاينة ويتباكى عليهم ليل نهار ويطالب العالم أجمع بأن يقف خلف الضحايا الصهاينة يشد على ٱياديهم ضد كل ماهو عربي ومسلم الذين باتوا يشكلون من وجهة نظر الغرب عدوا يجب التخلص منهم جميعا.
والسؤال هنا ألم يأن لحماس وفتح أن يتحدا حتى وهما فى ظل تلك الحرب الإبادية الشرسة ؟!
كثيرا من العرب يتعايش فعليا مع الكيان الصهيوني .وباتوا لا يقدرون عن الإستغناء عنهم. وفى دول الخليج العربي تعاون وثيق فى كل المجالات. وقد فعلوا الكثير ليفرقوا الإخوة عن بعضهم البعض.واستعملوا معهم مبدأ ( فرق تسد) وقد برعوا فى ذلك بامتياز .
إن الحرب قائمة بين اهل فلسطين والعالم الغربي والعربي الذي تركهم لقمة سائغة ينهشون في أجسادهم وقت ما شاؤا دون الخوف من مسائلة أى أحد لهم عما يفعلوه.
الضحايا هم العرب والجوعى واليتامى والثكالى هم العرب من أهل فلسطين.وفى الوقت الذي ينادي فيه جميع العرب حول مصر بأن تتدخل مصر عسكريا لتدافع عن شعب أحرقته وقتلته ٱلة الحرب الغاشمة ..هؤلاء يتكلمون وهم بداخل مكاتبهم المكيفة وأمامهم مايشتهونه من مأكل ومشرب لا يأبهون بأي شئ.نقول لهم لماذا مصر هى الدولة الوحيدة التى تدافع بالنيابة عن العرب جميعا.إن على أرضكم تتمركز القواعد الأجنبية والأمريكية التى تنتلق منها الطائرات لتضرب الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز .فانطلقوا إليها وافعلوا شيئا يحسب لكم بدلا من كثرة الكلام الذي لا يفيد.
وعلى الإخوة فى فلسطين وأعني الفتحاوية والحمساوية القابعون فى قصورهم خارج أوطانهم ضعوا أيديكم فى أيدى بعض ولتتحدوا وكفاكم فرقة وخصام وبغض وكره .فالعدو اليوم ينتقم منكم جميعا ومن شعبكم الذي شرب من كأس المرار الذي أعتدتموه له يتجرعه كل لحظة من لحظات حياته.كفاكم نزيفا للدماء وتدميرا للمبانى .كفاكم الدموع التى جعلتم أهلكم وإخوانكم يزرفونها .لاسامحكم الله .لا فتح ولا حماس .
لأن المظلوم هم البسطاء الذين باتوا على أبواب الموت الٱن ينتظرونه كل لحظة وحين.
إن أهل قطاع غزة يقبعون فى جنوب رفح ويتكدسون بصورة يندى لها الجبين وسوف تكون عارا على العرب فى كل زمان ومكان.
الجميع يترقب لحظة الحسم .ومصر تترقب الأحداث وتقف على قدم وساق تستعد لتنفيء الكيان الصهيوني ما ينوي لفعله.من تهجير أهل غزة إلى سيناء تهجيرا قسريا .فمصر تحافظ وتدافع عن حدودها وشرفها وأرضها وكيانها.
الوضع سئ ويسير إلى الأسوء والأخوة بالرغم من كل ذلك مازالا متخاصمان ويسعيان لتقلد الزعامة الزائفة.والضحية فى جميع الأحوال هو الشعب المسكين الجائع والمريض والمنهك إلى أبعد ما يتخيله إنسان.
أفيقوا من غفلتكم ومن نومكم العميق فقد حانت لحظة ضياعكم جميعا وستأتى اللحظة التى ينتزع البساط السحري من تحت أقدامكم ولن تبق لا فتح ولا حماس وستبكون على زوال الوطن كله يوم لاينفع الندم .