السبت 27 يوليو 2024 04:49 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الكبير طارق محمد حسين يكتب : حصاد الدراما في رمضان

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

انتهي شهر رمضان الفضيل الذي جعله الله تهذيبا للنفوس ، وترويضها على التقوى والعمل الصالح والإحساس بآلام الفقير ومعاناة المحروم، يحق لنا أن نتوقف ونتساءل: هل حققت دراما رمضان على كثرتها شيئًا من تلك الغايات النبيلة ؟!، فقد حشدت القنوات التلفزيونية الفضائية عدد كبير من عشرات المسلسلات والبرامج خلال الشهر الكريم، كان يجب أن تحوي هذه المسلسلات والبرامج رسالة ثقافية تنويرية إلى جانب رسالتها الترفيهية ، دون المساس بقيم واخلاقيات المجتمع ، فتخدم المجتمع وترفع من قيمه الإنسانية السامية، فالأصل ان ما يقدمه التليفزيون والاعلام ليس الترفيه والتسلية فقط بل التوجيه والتعليم والتثقيف الإيجابي ، اعمال تبني قيم المجتمعات وتصون وتنمي مكارم الأخلاق، لذا وللأسف فإننا نجد أغلب هذه الأعمال تمثل تحديا للقيم الدينية والثقافية والوطنية، فماذا قدم صناع الدراما من تلك المسلسلات كثيرة العدد قليلة النفع ، وتعتبر أغلب هذه المسلسلات من السلبيات التي تقدمها القنوات فى شهر رمضان المبارك ، لأنها تصرف الناس عن عبادة الله تعالى فى هذا الشهر وهو شهر العبادة ، ولا سيما وانها تعرض فى اوقات ذهبية بعد الافطار، وهي اوقات الصلاة والعبادة ، فكثير من هذه المسلسلات والبرامج التي تعرض فى هذا الشهر لا تلتزم بقيمنا المصرية الاصيلة المستمدة من الأديان السماوية ، فكما ان قطاعات المشاهدين تتنوع وتمثل كافة فئات المجتمع من رجال ونساء واطفال وشباب وشيوخ ، منهم الاميين ومنهم المتعلمين، بل فى بعضها تدعو إلى هدم قيم الحق والعمل والواجب وتشجع التنمر على الآخرين ، فضلا عن أنها تثير الغرائز والفتن وتشجع على العنف والبلطجة وسطوة المال وتعرضها كما لو أنها هى لغة الحوار فى المجتمع ، ولو انها وجهت توجيها صحيحا بحيث تقدم النماذج الايجابية الناجحة ومفاخر الامة من مشاهير العلم والادب والدين او تناقش الموضوعات الجادة والهادفة المعاصرة ومناقشة مشاكل المجتمع والارتقاء بالذوق العام ، وبناء شخصية الأطفال ودعم قيم الشباب وتوعية المرآة ، بحيث تعظم قيمة العمل والإنتاج وترسخ القيم الأخلاقية الرفيعة وتدعم تماسك وترابط الأسرة ، وتحفز الشباب على العمل ، فوظيفة الدراما ليست رصد سلبيات المجتمع وسقطاته فقط لتجسيدها على الشاشات بما تنطوي عليه من عنف وعري وانحلال اخلاقي ، وﺇﺣﻼﻝ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺒﺮﺭﺍﺕ له لدرجة تدفع ضعاف العقول والإرادة للتعاطف ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ البلطجي، السارق، القاتل ، العاق لوالديه، والزانية الخائنة ، فإذا اجتمعت كل هذه النفايات الاخلاقية في مسلسلات شتى تعرض على الشاشات في وقت واحد ، فماذا أراد صناع الدراما بشبابنا وأطفالنا الذين يعتادون رؤية هذه النماذج المنحطة إلا أن يتماهوا مع الخطايا ولا يجدون غضاضة في ارتكابها لكثرة ما تعرضه الدراما من نماذج سافلة ،والأخطر هذا العام ان يأتي رمضان فى ذروة العام الدراسي الذى تشحذ فيه كل الهمم والإمكانات لتوفير الجو المناسب للمذاكرة والاستعداد للإمتحانات ، وقد لا تستطيع أغلب الأسر من منع أبناءها من مشاهدة المسلسلات والبرامج ، والتي يسبقها ويتخللها كم هائل من الإعلانات فيها كم كبير من الاستفزاز والابهار، فتخاطب فئة معينة من الأغنياء ، لتعرض عليهم شقق وفيلات اسعارها بالملايين ،بينما أغلبية الشعب تعاني تحت وطأة الغلاء الفاحش وصعوبات الحياة التي لا ترحم وتكابد من أجل استكمال مصاريف الشهر الكريم ، لسنا بالطبع ضد الترفيه او الترويح عن النفس، إلا أننا ننشد الترفيه الهادف ،والراقي الذي يهذب النفوس ويثقف العقول وينشر البهجة والسعادة ، ينشر قيم ومبادئ اخلاقية نحن في اشد الاحتياج اليها ، لا ان يصرف عن العبادات خاصة في هذا الشهر الكريم ، ويبدو أن القائمين على هذه المسلسلات لا يتورعون عن ترويج مثل هذا العفن الاخلاقي في شهر الصيام كل عام ، الأمر الذي يجعلنا نقول بضمير مرتاح إن تكرار مثل ﻫﺬﻩ الاعمال ، لا يترك مجالًا للاطمئنان إلى سلامة النيات والأهداف ، وأن ترويج مثل هذا القبح ينضوي تحت قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"؟!.