د. القس جرجس عوض يكتب : الابن الخائن والقائد المخلص الجزء الثاني


تحدثنا في المقال السابق عن حرب الابن مع أبيه من اجل السلطة او الملك وقد دارت الحرب بين ابشالوم إبن داود مع أبيه داود الملك
وقد أوصي الملك بعدم قتل ابشالوم وهذا الأمر لم يجد قبول امام قائد جيوش داود وهو يوآب وقتل ابشالوم وانتهت الحرب بمقتل ابشالوم وسمع الملك داود بموت ابنه فناح وبكي عليه مما جعل يوآب ان يثور علي الملك
أولا من هو يوآب قائد جيوش داود الملك ؟
هو ابن اخت داود الملك واسمها صروية اذا صروية اسم سيدة ودعي يواب ابن صروية هو واخوته وبَنو صَرويَّةَ: أبشايُ ويوآبُ وعَسائيلُ . سفر أخبار الأيام الأول 2 :16 هؤلاء من تسموا بأسماء امهم صروية في الكتاب المقدس وهذا من ادلة تكريم المرأة في الكتاب المقدس ظهر اسم صروية 25 مرة مع ابنائها التلاتة يوآب وأبيشاي وعسائيل دليل علي انها أم متميزة ويقال ان ابيهم فارق الحياة بعد ولادتهم ومن الواضح ان صروية ربت أولادها تربية حسنةلما لهم من شخصيات قوية ويظهر ذلك بانهم اصبحوا قادة جيوش خالهم داود الملك وتتجلي شخصية يواب بقوة في توبيخه للملك داود حينما سمع بكاء وعويل الملك علي ابنه ابشالوم الذي يعد عدوه وفي ذات الوقت ابنه وقد ارد قتل أبيه داود لكي يرث الملك
لم يتوانى لحظة يوآب لكونه شخصية قوية ومن هنا ثار ثورة عارمة علي الملك
وقرر قرارات مصيرية تمثلت في الأمور الاتية :-
أولا: مواجهة من قائد الجيش الي الملك بشخصه لا عن طريق شخصا آخر او وسيط او رسالة مكتوبة بل بنفسه فدخل يوآب إلى الملك إلى البيت وما اجمل واروع المواجهة بين المحبين حتي وان كانوا مختلفين
ثانيا: توبيخ من القائد للملك «قد أخزيت اليوم وجوه جميع عبيدك، منقذي نفسك اليوم وأنفس بنيك وبناتك وأنفس نسائك وأنفس سراريك، تخيل معي قائد الجيش يتكلم هكذا مع الملك والسبب لانه يملك الحق والقوة والشجاعة في هذا الموقف بعكس ما يحدث في مجتمعاتنا الان من يملك المال يملك القرار بغض النظر عن الحق، وان غاب الحق ملك الباطل وان غابت الشجاعة حل الجبن والنفاق وسوف يظل رجل الحق حق حتي وان أراد أعداء النجاح واهل الباطل الباسه رداء الباطل، لقد دخل يواب الي مخدع الملك ووجه له كلمات التوبيخ قائلا لقد اخزيتنا ونحن أنقذناك من الموت انت وابنائك وزوجاتك وسراريك وكل بيتك ليس هذا فقط بل ـ
ثالثا: تصحيح المشاعر المختلطة بمحبتك لمبغضيك وبغضك لمحبيك، لأنك أظهرت اليوم أنه ليس لك رؤساء ولا عبيد، لأني علمت اليوم أنه لو كان أبشالوم حيا وكلنا اليوم موتى، لحسن حينئذ الأمر في عينيك. كيف تحب مبغضيك وتكره محبيك ؟ اين عقلك أيها الملك ؟ وكثير من الأحيان يحدث لغط في عيون الكثيرين فيفقدون الرؤيا فيحسب أصدقاؤه أعداء وأعداءه أصدقاء وان استمر هكذا فحتما سوف يعرض حياته للأخطار
رابعا: الامر الصادر من القائد للملك : ٧ فالآن قم واخرج وطيب قلوب عبيدك، انزع رداء الانكسار والحزن والبس رداء الانتصار والفرح واخرج لعبيدك بفرح وارسل لهم رسائل التشجيع . ليس لك ان تبكي وتنوح علي عدوك بل ان تفرح مع صناع الانتصار
خامسا: تحذير شديد اللهجة من القائد الي الملك: لأني قد أقسمت بالرب إنه إن لم تخرج لا يبيت أحد معك هذه الليلة، ويكون ذلك أشر عليك من كل شر أصابك منذ صباك إلى الآن».لقد اقسم قائد الجيش بانه ان لم يخرج داود الملك ويطيب قلوب الابطال ورجال الحرب هيكون اليوم شر علي الملك اكثر من كل شرور الماضي هذا لكونه شديد الغضب وصاحب قرار كانت كلماته اقوي من صليل السيوف نازلة علي الملك بتلك الكلمات رجع الملك الي صوابه وشعر بتقصيره
النتيجة: طاعة الملك لقائد الجيش
من سمات داود الملك والعظماء الاتضاع والانصياع للعقل والخضوع للراي الاصوب مهما كانت التكلفة وهذه من حكمة داود لم يتكلم مع يواب كلمة ولم يبرر موقفه ولم يؤجل قرارة بل قام علي عجل
٨ فقام الملك وجلس في الباب. فأخبروا جميع الشعب قائلين: «هوذا الملك جالس في الباب». فأتى جميع الشعب أمام الملك. وأما إسرائيل فهربوا كل واحد إلى خيمته. (صموئيل الثاني ١٩: ٥-٨) وأخيرا خرج كل شعب إسرائيل بما في ذلك الشعب الذي كان مؤيد لابشالوم وملكوا داود علي كل اورشليم
كان يؤاب مخلصا لداود وباخلاصة رجع الملك الي مكانه اننا في اشد الاحتياج الي رجال مخلصين يوبخون ويعارضون من اجل الإصلاح وليس الخراب
ازرع في حياتك الحب والوفاء ورد الجميل والإخلاص واحترس من ان تبيع الصداقة والأصدقاء في سوق الخيانة والرياء لقد مات المسيح وفداءه يصرخ بالغفران ومات يهوذا وقبلته تبقي علي جبين الشرفاء رمزا للخيانة
#راعي الكنيسة المعمدانية ـ القاهرة