الأحد 8 سبتمبر 2024 05:51 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الكبير حسين السمنودى يكتب : حروف الصادقين في زمن المنافقين

الكاتب الصحفي الكبير حسين السمنودى
الكاتب الصحفي الكبير حسين السمنودى

في عالم اليوم، حيث تتسارع الوتيرة الاجتماعية والسياسية وتتشابك المصالح الفردية، ويظهر التحدي الأكبر في الحفاظ على الصدق كقيمة أساسية. "حروف الصادقين" تعكس تلك الكلمات والأفعال التي تنبع من نية خالصة وقلب صادق، في مقابل "زمن المنافقين" الذي يهيمن عليه التظاهر والرياء.

وتدور المعركة بين الصدق والنفاق في إطار معقد ومتشابك. حيث أصبح النفاق وسيلة من وسائل الدفاع والبقاء في مجتمعات تتسم بالضغط والاختبارات الأخلاقية. يشعر الكثيرون بأنهم مضطرون لتكييف سلوكهم وكلماتهم لتلبية التوقعات والضغط الاجتماعي، مما يجعل الصدق عملاً شاقاً وغير مريح في كثير من الأحيان.

وفي هذا السياق، يبدو الصدق كنوع من التمرد أو الشجاعة النادرة. أن تكون صادقاً يعني أن تواجه الصعوبات بنزاهة، حتى عندما يكون هذا الأمر مكلفاً. يتطلب الصدق قوة داخلية لمقاومة إغراءات التظاهر أو المساومة على المبادئ، وهذا يتطلب شجاعة تتجاوز الأفعال الفردية إلى تأثرها في البيئة المحيطة.

الصادقون في زمن النفاق يلعبون دوراً حيوياً في تأكيد القيم الأخلاقية وتعزيز الثقة بين الأفراد. هم بمثابة الحراس الأخلاقيين للمجتمع، يعكسون قيم النزاهة والأمانة في كل فعل وكلمة. قدرتهم على الاستمرار في الصدق رغم الضغوط والتحديات تعزز من مصداقيتهم وتؤثر إيجابياً على المحيطين بهم.

لكن التمسك بالصدق ليس خالياً من التحديات. يمكن أن يواجه الأفراد الصادقون العزلة أو حتى الهجوم من أولئك الذين لا يشاركونهم نفس القيم. في كثير من الأحيان، يمكن أن يكون الصدق سبباً في تقليص فرص الفرد أو تهميشه في بيئات تتطلب التظاهر والتكيف مع المعايير غير الأخلاقية.

ومع ذلك، فإن الإسهام الإيجابي للأفراد الصادقين يتجاوز بكثير العقبات التي قد يواجهونها. عبر التمسك بالصدق، يساهمون في تعزيز ثقافة الشفافية والنزاهة. إنهم يظلون مثالاً يحتذى به للآخرين، ويحفزون على التغيير الإيجابي في محيطهم، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وصدقاً.

في النهاية، حروف الصادقين في زمن المنافقين تظل رمزاً للأمل والتغيير. هي دعوة للتمسك بالقيم الأخلاقية والإنسانية، حتى في مواجهة الضغوط والتحديات. إنهم يمثلون ضمير المجتمع ونبضه الحي، ويواصلون السعي نحو مجتمع تسود فيه القيم النبيلة والصدق.