شحاتة زكريا يكتب: نصر أكتوبر .. انتصار عسكري ورسالة دعم لا تنقطع للقضية الفلسطينية
الجارديان المصريةبين صفحات التاريخ المشرقة ، يظل نصر أكتوبر عام 1973 علامة فارقة في الذاكرة الوطنية المصرية والعربية. ليس فقط لأن مصر استطاعت استعادة سيادتها على أراضيها، بل لأن هذا النصر أظهر قدرة العرب على التكاتف في مواجهة التحديات الكبرى .. ولكن ما يميز مصر في مسارها الوطني والدبلوماسي هو التزامها الدائم ، منذ هذا الانتصار بمسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية التي ظلت في قلب السياسة المصرية حتى يومنا هذا.
نصر أكتوبر ومبدأ الوحدة العربية
من الزوايا التي قد يغفل عنها البعض هو أن نصر أكتوبر لم يكن انتصارا لمصر وحدها ، بل كان انتصارا لكل الأمة العربية. كان التعاون العربي في تلك الحرب مثالا نادرا على الوحدة والتكامل، حيث ساهم الدعم العربي بشكل حاسم في تحقيق هذا النصر. وفي القلب من هذا التعاون كانت القضية الفلسطينية حاضرة دائما إذ لم يكن الهدف استعادة الأراضي المصرية فقط ، بل التأكيد على حقوق الفلسطينيين وتثبيت مبدأ العدالة في المنطقة.
مصر التي قادت الأمة في هذا الانتصار واصلت حمل شعلة التضامن العربي ، معتبرة أن الدفاع عن الحقوق الفلسطينية جزء لا يتجزأ من دورها القومي. ومنذ اللحظة التي رُفعت فيها رايات النصر في سيناء ، ظلت القاهرة الصوت الأكثر صلابة في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين ولم تتراجع يوما عن هذه القضية.
البعد الإنساني لدور مصر
من منظور آخر يمكننا النظر إلى نصر أكتوبر ليس فقط كإنجاز عسكري ، بل كرسالة إنسانية تحمل معها معاني الأمل والتضامن. لم تتوقف مصر عند الانتصار العسكري بل تجاوزت ذلك لتلعب دور الوسيط النزيه الذي يسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة. ومن خلال دعمها المستمر للحقوق الفلسطينية، أصبحت مصر رمزا للسلام العادل ، حيث ترفض أي حل لا يضمن للفلسطينيين حقهم في أرضهم ووطنهم.
إن دور مصر في مساعدة الشعب الفلسطيني يتجسد في مبادرات إنسانية ودبلوماسية، سواء كان ذلك من خلال مساعيها لتحقيق المصالحة الفلسطينية أو دورها الحيوي في رفع الحصار عن غزة. هذا الدور يؤكد على أن مصر لا ترى في القضية الفلسطينية قضية سياسية فقط، بل قضية إنسانية تستدعي الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في محنته.
نصر أكتوبر والقضية الفلسطينية: شراكة لا تنقطع
نصر أكتوبر لم يكن نهاية لموقف مصر ، بل كان بداية لتعميق التزاماتها نحو القضية الفلسطينية. في كل مرحلة تاريخية كانت مصر تسعى جاهدة لتعزيز موقع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، سواء عبر جهود دبلوماسية أو وساطات حاسمة في أوقات الأزمات. وفي اللحظات الحاسمة، كانت مصر دائما هي الجسر الذي يربط بين الأطراف المختلفة ويعمل على تقريب وجهات النظر.
إن استمرار مصر في دعم الفلسطينيين يؤكد أن النصر لا يُقاس فقط بالإنجاز العسكري، بل باستمرارية الموقف والتزامه بالأهداف النبيلة. ومن هنا، يأتي نصر أكتوبر ليكون شاهدًا على عزم مصر الدائم في دعم أشقائها الفلسطينيين، في كل ساحة وكل محفل دولي.
دور مصر في استعادة التوازن الإقليمي
واحدة من الزوايا التي لا يتم التطرق إليها كثيرا هي دور نصر أكتوبر في تعزيز مكانة مصر كقوة إقليمية قادرة على التأثير في المعادلات السياسية في الشرق الأوسط. ما بعد أكتوبر، أعادت مصر بناء علاقاتها الدولية والإقليمية على أساس القوة والاحترام ، وهو ما منحها القدرة على أن تكون وسيطًا فاعلا في الصراعات الإقليمية، وعلى رأسها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
استمر الدور المصري في تعزيز فكرة السلام العادل والمستدام في المنطقة وتبنت القاهرة موقفا رافضا لأي تسوية لا تضمن حقوق الفلسطينيين. وبينما تسعى بعض القوى لإحداث تغييرات في الخريطة السياسية للمنطقة، تظل مصر ثابتة في موقفها، تدافع عن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
وفي الختام: نصر أكتوبر رمز للثبات على المبادئ
نصر أكتوبر ليس مجرد انتصار عسكري حققته مصر قبل أكثر من خمسة عقود ، بل هو رمز لقيم الصمود والتضامن التي تتبناها مصر في دعمها الثابت للقضية الفلسطينية. من خلال هذا النصر، استطاعت مصر أن تعيد تعريف دورها في المنطقة ، لتصبح ليس فقط حامية لحقوقها، بل حامية لحقوق العرب والفلسطينيين بشكل خاص.
وفي ذكرى هذا الانتصار، تظل مصر وفية لمبادئها، تستمر في دعم الأشقاء الفلسطينيين في نضالهم من أجل حقوقهم المشروعة. لقد كان نصر أكتوبر بداية رحلة طويلة من العطاء، وما زالت مصر تسير في هذه الرحلة بحزم وإصرار على تحقيق السلام العادل والشامل.