الأحد 6 يوليو 2025 12:30 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسين السمنودى يكتب : سيناء بين الوعود بالتعمير والتضييق على العابرين: إلى متى؟

الكاتب الكبير حسين السمنودى
الكاتب الكبير حسين السمنودى

سيناء، تلك الأرض الغنية بالموارد والموقع الاستراتيجي، التي وعدنا مرارًا وتكرارًا بإعادة إعمارها بعد سنوات من الإهمال والدمار الذي تلا حرب 1967، لم تزل حتى اليوم أسيرة التعقيدات والتضييقات على أهلها والمواطنين الراغبين في المساهمة بإعمارها. بينما تتحدث الدولة عن خطط طموحة لزراعة الصحراء، وتشييد مدن جديدة، ومد شبكات القطارات التي انقطعت لأكثر من خمسين عامًا، نجد في الواقع صورة مغايرة تمامًا.

المعابر، تلك البوابات التي يفترض أن تكون ممرًا للعابرين والمساهمين في النهضة، تحولت إلى حواجز نفسية ومادية بين سيناء وبقية الوطن. أينما ذهبت، تجد تشديدات أمنية قد تبدو غير مبررة، وإجراءات تثبت الهوية بطريقة مهينة، وكأن كل مواطن مصري يحاول الدخول إلى سيناء هو مشتبه به حتى يثبت العكس. ناهيك عن ضرورة إثبات ملكية أو صلة تربط الشخص بأرض سيناء. وكأن سيناء ليست جزءًا من مصر، بل أرضًا أجنبية تحتاج إلى تأشيرة دخول!

من يريد أن يذهب إلى سيناء؟ وهل بهذه الطريقة سنشجع الاستثمار والتنمية؟ حينما يقف المواطن العادي ساعات على المعابر ويتعرض لسوء المعاملة، فإنه لا يمكن أن يشعر بالرغبة في الاستثمار أو العيش هناك. فكيف نتوقع من الشباب أو المستثمرين أن يأخذوا خطوة نحو الإعمار في ظل تلك القيود غير المبررة؟ إننا هنا نتحدث عن تناقض صارخ بين ما يتم ترويجه إعلاميًا وبين ما يحدث على أرض الواقع.

الإعمار يحتاج إلى ثقة، إلى أن يشعر المواطن بالأمان والانتماء والاحترام. يحتاج إلى حرية التنقل بدون عراقيل أو مشاعر الخوف. إذا كنا حقًا جادين في تعمير سيناء، فعلينا أولًا أن نفتح الأبواب على مصراعيها، نخفف من التشديدات، ونعيد النظر في تلك الإجراءات التعسفية التي لا تؤدي سوى إلى تعزيز الخوف والنفور. ما يحدث اليوم هو بناء جدار من العزلة بين سيناء وبقية مصر، ولن يجلب هذا الجدار سوى المزيد من الإحباط والتراجع.

المطلوب من المسئولين الآن هو العمل على إزالة تلك العراقيل، وتسهيل الأمور للمواطنين الراغبين في المساهمة بإعمار سيناء، لأن مصر لا تعمر بالقرارات البيروقراطية والتضييق، بل بالعقول والقلوب المفتوحة، وبتحفيز الشعب للانطلاق إلى سيناء والإيمان بأنها أرضهم كما هي أرض أي مصري في أي محافظة أخرى.

سيناء تستحق منا أكثر من مجرد خطط على الورق وشعارات جوفاء، فهي تحتاج إلى أفعال تعكس النوايا الحقيقية.