دكتور رضا محمد طه يكتب : فيروس الهربس الأنفي وأعراضه العصبية


بعض الأشخاص المصابون بالهربس يعانون من تقرحات البرد cold sores حول شفاههم وقد تكون مؤلمة، بينما لا يعاني آخرون من أي أعراض على الإطلاق، رغم ذلك فأنهم ينشرون الفيروس. دراسة جديدة أجراها باحثون من ولاية بنسلفانيا كشفت عن أن هذه الاختلافات تكمن في الطريقة التي تنشط بها سلالات معينة من فيروس الهربس البسيط HSV-1، والذي يسبب تقرحات البرد وكذلك الهربس التناسلي حيث الاختلافات في التعبير الجيني في الخلايا العصبية.
أكثر من نصف سكان العالم يحملون فيروس الهربس البسيط، كامنا مزمناً ولا يسبب مشاكل متكررة فحسب مثل تقرحات البرد والهربس التناسلي، بل إن الأبحاث الحديثة أشارت إلى تورط عدوي فيروس الهربس البسيط HSV-1 في تطور المرض في وقت لاحق من الحياة ، بما في ذلك الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر.
تبدأ دورة حياة فيروس الهربس البسيط من النوع الأول عند ملامسة الفيروس للأسطح المخاطية، ومنها يغزو خلايا الجلد ويتكاثر ويمكن أن يحفز على تكوين نقط أو بقع محلية local lesions ، ثم يغزو الفيروس إلي النهايات العصبية الموضعية في الجلد وينتقل إلى الخلايا العصبية في الجهاز العصبى وهناك يبقي كامنا فترة قد تطول حتى ينشط مرة أخرى في ظل ظروف وتغيرات يواجهها المصابين، عند ذلك يستجيب جهازهم المناعي جراء إعادة تنشيط الفيروس مسبباً ضرراً للجهاز العصبى بما يساهم في التنكس العصبي علي المدي الطويل.
قام فريق من الباحثين بفحص النسخ الجيني الفيروسي والعصبي في الخلايا المصابة، وملاحظة التفاعل بين توقيت إنتاج الحمض النووي المرسال mRNA الفيروسي وإنتاج البروتين واستجابات المصابون الناتجة عن ذلك ، حيث وجدوا أن المتغيرات الجينية المختلفة لفيروس الهربس البسيط من النوع الأول HSV-1 تحفز انماطا مختلفة من التعبير الجيني في الخلايا العصبية البشرية بمعدلات وكميات مختلفة مما يساهم فى اختلاف توقيت وشدة الأعراض داخل المصابين اعتمادا على نوع الخلايا المصابة العصبية أو من خلايا الجلد، مما ساعد في فهم التفاعلات الاكثر تعقيدا بين الفيروس والمصابين به ، نشرت نتائج الدراسة 22 مارس الجاري في مجلة PLOS Pathogens.
في دراسة جديدة أخري نشرت مؤخرا في مجلة ام بيو mBio كشفت النتائج أن عدوي فيروس الهربس من من خلال الأنف يمكن أن تؤدي إلى القلق وضعف الحركة ومشاكل الإدراك. حيث من خلال استغلال أنزيم خلوي يمكن للفيروس أن ينتج أعراضا سلوكية حيث قد ينتشر إلي العين والدماغ ويمكن أن يؤدي إلى العمي والتهاب الدماغ وأمراض أخرى. نظر الباحثون في العدوي الأنفية حيث تدخل جزيئات الفيروس الجسم من خلال الأنف لتصل إلى الجهاز العصبى، مسبباً تلف عصبي بعد أشهر عديدة من الإصابة ولها آثار طويلة طويلة الأمد حيث يتوسط الانزيم بعض الآثار الضارة للفيروس في الدماغ، تلك النتائج تفتح الباب أمام مناهج علاجية جديدة للتخفيف من آثار الالتهاب العصبي ومنع إصابة الدماغ طويلة الأمد والتي تستمر مدى الحياة حيث يعيد الفيروس نشاطه باستمرار طوال الحياة.