الخميس 17 أبريل 2025 05:03 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتور رضا محمد طه يكتب : بكتريا السل...الجديد حول آلية انتقالها

دكتور رضا محمد طه
دكتور رضا محمد طه

السل هو السبب الرئيسي الوحيد للوفاة بسبب العدوي ، باستثناء الأوبئة العالمية الكبرى التي تسببها الفيروسات ، لكن يظل مرض السل بمثابة جائحة دائمة نظرا لحالات الوفاة التي لا تتوقف جراء هذا المرض، ففي 2023 أصيب حوالي 11 مليون شخص حول العالم بمرض السل، وحصد أرواح ما يقرب من مليون ونصف شخص حول العالم، 161 ألف منهم من المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب ايدز.
تستوطن بكتريا السل Mycobacterium tuberculosis الرئتين حيث تتكاثر وتزدهر فيها مسببة مرض تنفسي، تخرج من المرضى للهواء من خلال السعال أو العطس في صورة رذاذ تكون حينئذ في بيئة غير مواتية لها نسبياً حيث درجة الحموضة والبيئة الخارجية تختلف عما كانت عليه في الرئتين بالرغم من ذلك تستطيع البقاء حية خلال رحلتها المحمولة جوا، ولكن لا يعرف سوي القليل عن كيفية حماية بكتريا السل نفسها اثناء انتقالها من مريض الي شخص سليم ومن ثم فإن معرفة السبب بمثابة المفتاح الذي يجعلها تستمر في الانتشار والبقاء وهذا ما يهدف الباحثون إلى معرفته حتي يكون لديهم هدف يمكن من خلاله إنتاج علاجات تقضي على مرض السل.
كيف يمكن لمسببات الأمراض التي تنتقل من خلال الهواء مثل بكتريا السل البقاء حية بالجو في ظل متغيرات خارجية مميتة، هذا ما كان يعتبره العلماء النقطة العمياء في مرض السل فإذا كشف النقاب عن السبب سوف يترتب على ذلك بروز أهداف جديدة لعلاجات عدوي السل ومنع انتقالها. وهذا ما كان دافعاً لفريق بحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، كي يبحثوا عن دور الجينات الموجودة في بكتريا السل التي تعتمد عليها البكتريا طوال دورة حياتها وخاصة التي تلعب دورا هاما في الحفاظ على حياة البكتريا وهي خارج العائل في ظل الظروف المعادية لها، ونشرت النتائج مارس الجاري في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم.
قام فريق البحث بتقييم نشاط أكثر من 4 آلاف جين من جينات بكتريا السل واكتشف عائلة من عدة مئات من الجينات الهامة في تكيف البكتريا مع الظروف المحيطة بالرذاذ المحتوي عليها والمحمول جوا، حيث تشارك العديد من هذه الجينات في إصلاح الضرر الذي يلحق بالبروتينات التي تخضع لعملية التاكسد بفعل اوكسجين الجو وجينات أخري تنشط في تدمير البروتينات التالفة الغير قابلة للإصلاح، بما ينفع البكتريا كي تبقى على قيد الحياة في مرحلة انتقالها عبر الهواء لشخص سليم. وهذا ما سوف يفتح الطريق لإيجاد علاجات تضعف أو توقف عمل تلك الجينات في بكتريا السل التي تبقيها حية خلال رحلتها المحمولة جوا.
بعض الأمراض تعزز من خطر الإصابة بالسل وتزيد من خطر الوفاة ، منها مرض السكر ومرض نقص المناعة البشرية وسوء التغذية والتدخين وتناول الكحول والتكدس مع التهوية الرديئة. لذا وبالنظر لتنامي ظهور انواع من البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية والأدوية المتعددة MDR وخاصة بكتريا السل ، فإن هذا النوع المقاوم يمثل أزمة صحية عامة وتهديد للأمن الصحي ، لذا فإن السل يندرج ضمن أهداف التنمية المستدامة في مجال الصحة الصادرة عن الأمم المتحدة.