الإثنين 21 أبريل 2025 01:09 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول...( فى يومِ عيد الأم ... غابت أمى ...! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

مرات و مرات يأتى عيد الأم و قد أخذنا الحنين و الأنين إلى ذكريات غائبة حاضرة , ذكريات تأخذنا إلى حياة كنا ننعم فيها بالحب و الحنان و الأمان ﻭ فجأة ينتهى كل شئ و تنتهى هذه الحياة و ترحل من كانت هي الحياة .. فرحيلك يا أمى هو رحيل لنا و لا حياة .. فقط نحن أحياء موتى ننتظر الرحيل إلى دار الحياة ..

كم هو موجع أن تسلبنا الحياة من كان لنا الحياة أن نصحوا ذات يوم فنجد الأمان قد رحل والحنان قد تبدد و الصوت الذي كان يطبطب على وجعنا قد صار صمتًا أبديًا ..
كم هو مؤلم أن تتحول الأم التي كانت تسندنا إلى ذكرى تعلق في زوايا القلب و لا تعود , أن نبحث عنها في كل ركن و في كل تفصيلة , في كل لحظة و لا نجد إلا الفراغ و الوحشة و البرد الذي لا يدفئه شيء كأن الكون كله صار أضيق , كأن الأيام توقفت و لم تعد تحمل إلا الحنين و الغصة و الندم على لحظات لم نعشها كما يجب ..

كم هو قاس أن تصبح الأيام بلا طعم و الليالي بلا معنى , أن تتحول الحياة إلى رحلة ثقيلة بلا ظل بلا مأوى بلا قلب يحتوينا ..
كم هو قاتل أن نكبر فجأة بعد رحيلها أن نشعر أننا كبرنا قرنًا في ليلة واحدة , أن يتحول قلبنا إلى بيت مهجور تتكسر نوافذه كلما هبت عليه ذكرى , أن نعيش بملامحنا القديمة لكن أرواحنا تساقطت مع رحيلها ..
كم هو مفجع أن نجد أنفسنا وحيدين وسط عالم كنا نظنه واسعًا فإذا به بلا أمان بلا حنان بلا أم ..
كم هي قاسية تلك الغربة التي لا وطن لها غربة الروح التي لا يداويها لقاء و لا يخففها وقت ..
كم هي مريرة تلك الوحشة التي تبتلعنا كل ليلة و نحن نحاول أن نغفوا على سرير غاب عنه صوتها ودعواتها ..
كم هو مؤلم أن يرحل الحنان كله معها أن تصبح قاسيًا رغمًا عنك أن تفتش عن لمسة دافئة فلا تجد سوى جدران باردة و ذكريات تنهش قلبك كل ثانية ..

كم هو موجع أن تزورك الذكريات دون استئذان أن تذكرك بكل لحظة كانت معها , أن تسمع صوتها في أذنك و لا تراها أن تتخيل يدها تمسح دموعك لكنك في الحقيقة تمسحها وحدك , أن تبكي فجأة بلا سبب واضح سوى أن كل شيء يذكرك بها , كل شيء يناديك باسمها , كل شيء يصرخ في وجهك بأنها لن تعود
فوداعاً لحياة رحلت منها الجنة الى الجنة بإذن الله يا أمى .