شحات زكريا يكتب : ترامب.. رجل الإفلاس الذى يحكم العالم بمنطق .. اشتر الآن


هل يمكن أن يدير رئيس دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية بلدا بمؤسساتها العريقة ، واقتصادها المتشابك ومكانتها العالمية بنفس طريقة إدارته لكازينو أو ناطحة سحاب؟ الإجابة: نعم إذا كان هذا الرئيس هو دونالد ترامب!
ترامب الذى عاد إلى البيت الأبيض فى ولايته الثانية منذ 101 يوم فقط لم يُضِع الوقت. صخبٌ مدوٍّ، قرارات عسكرية، تغريدات مالية، تهديدات جغرافية، وصفقات مشبوهة، حتى بدا أن الرجل لا يحكم دولة بل يدير شركة لا يشغله فيها إلا المؤشر الربحي ونسبة العائد على الاستثمار.
آخر فصول العبث جاءت فى تغريدة مقتضبة على منصة
تروث سوشيال كتب فيها: هذا هو الوقت المناسب للشراء وأرفق بها اختصار اسمه التجاري DJT. بعد ساعات.صدر قرار بتعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما. التوقيت وحده كان كافيا لإشعال الشبهات: هل كانت تغريدة بريئة؟ أم تلاعبا ممنهجا بالسوق؟ الكونجرس لم ينتظر كثيرًا، وبدأت الدعوات لتحقيق رسمي.
هذه ليست زلة أولى بل نمط متكرر لرجل لم يتعلّم شيئا من تاريخه الشخصي الذى شهد 6 حالات إفلاس موثقة من 1989 حتى 2009. نعم ست حالات! من "تاج محل" إلى "قلعة ترامب"، ومن "بلازا" إلى منتجعاته الترفيهية، تكبّد الرجل خسائر بالمليارات وأنقذ نفسه بالتنازل عن حصصه وإعادة هيكلة ديونه، وبيع أصوله... لكنه لم يتوقف عن الادعاء بأنه "عبقري اقتصادى".
الرجل الذى يزعم أن ثروته تبلغ 10 مليارات دولار (بينما تقدرها فوربس بـ4.5 مليارات) بدأ من ميراث ورثه عن والده بقيمة 40 مليون دولار. لم يعرف طعم الصفر لكنه عرف الإفلاس جيدا. ورغم ذلك اختار الأمريكيون أن يعيدوه إلى المكتب البيضاوي.
الأخطر من كل هذا أن ترامب لا يدير أمريكا فحسب بمنطق الشركة بل بمنطق الشركة التى لا مانع لديها أن تُفلس طالما أن المدير خرج منها بأرباحه. تهديده بالاستيلاء على كندا جرينلاند، بنما، وحتى غزة، ليس إلا انعكاسًا لنفس فلسفة المقاول: "الموقع ده عاجبني... اشتريه أو خده بالقوة!"
هل يعقل أن تُدار أعقد دولة فى العالم بفكر بيع وشراء؟ وهل يجوز أن يخضع مصير الشعوب لمنطق تغريدة تهز البورصات؟ ومتى تفهم النخب الأمريكية أن الخطأ ليس فى ترامب وحده، بل فى مجتمع صنع من التاجر بطلا واعتبر الإفلاس مجرد "مناورة مالية ناجحة"؟
الرجل لا يتغيّر... لكن الخطر هذه المرة أنه يجرّ العالم معه نحو إفلاس أخلاقي واقتصادي وسياسي. فهل يتحرك العقلاء قبل فوات الأوان؟ أم يكتفون بالمشاهدة حتى تصلنا الفاتورة الأخيرة؟