حسين السمنودى يكتب : الملك السابق أحمد فؤاد الثاني يؤدي صلاة الجمعة بالمسجد الكبير بواحة سيوة وسط ترحيب شعبي ورسمي


في مشهد استثنائي جمع بين عبق التاريخ المصري وأصالته، أدى جلالة ملك مصر السابق أحمد فؤاد الثاني شعائر صلاة الجمعة داخل رحاب المسجد الكبير بواحة سيوة بمحافظة مطروح، في أجواء روحانية مميزة، ووسط ترحاب بالغ من أبناء الواحة الذين احتشدوا للترحيب بجلالته، تقديرًا لمكانته التاريخية وتعبيرًا عن ارتباط المصريين برموزهم الوطنية.
وكان في مقدمة مستقبلي جلالته، فضيلة الشيخ حسن عبد البصير عرفة، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة مطروح، إلى جانب القيادات التنفيذية والشعبية بمدينة سيوة، الذين أعربوا عن سعادتهم البالغة بهذا اللقاء الإنساني الراقي الذي حمل أسمى معاني الوفاء والانتماء للأرض والتاريخ.
وقد ألقى خطبة الجمعة فضيلة الشيخ حسن عبد البصير عرفة، حيث تناول خلالها مكانة العلم وأهميته في بناء الأمم، مؤكدًا أن الإسلام حث على طلب العلم واعتبره فريضة تسبق حتى العمل، لأن العلم هو المفتاح الحقيقي للنهوض الحضاري والتقدم في كل مناحي الحياة. وأوضح أن كل الأنبياء دعوا أقوامهم إلى العلم والمعرفة قبل أن يأمروهم بسائر العبادات، لأن الجهل أساس الفساد وأصل كل انحراف، بينما العلم نور يهدي القلوب والعقول.
وعقب انتهاء الصلاة، سادت أجواء من التقدير والحفاوة التي عكست محبة أهالي سيوة لجلالته، حيث حرص الكثيرون على تحيته، والتقاط الصور التذكارية معه، معبرين عن سعادتهم بهذا اليوم الذي سيظل محفورًا في ذاكرة أبناء الواحة.
ومن الجدير بالذكر أن جلالة الملك أحمد فؤاد الثاني هو آخر ملوك مصر، وهو نجل الملك فاروق الأول، وُلد في 16 يناير 1952، وتولى العرش وهو لا يزال رضيعًا بعد تنازل والده الملك فاروق عن العرش لصالحه في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952 التي أنهت حكم الأسرة العلوية في مصر.
لم تدم فترة حكمه سوى أيام معدودة، إذ تم إعلان قيام النظام الجمهوري في مصر في 18 يونيو 1953، ليكون بذلك الملك الوحيد الذي حمل لقب "ملك مصر" دون أن يمارس سلطة حقيقية نظرًا لحداثة سنه وظروف التحول السياسي العميق الذي كانت تمر به البلاد آنذاك.
وعاش أحمد فؤاد الثاني منذ طفولته في المنفى مع أسرته متنقلًا بين عدة دول أوروبية، واحتفظ رغم ذلك بروح الانتماء العميقة لمصر وتاريخها، وظل مرتبطًا وجدانياً بوطنه، حيث يحظى بمكانة خاصة في قلوب بعض المصريين الذين يرون فيه صفحة حية من ذاكرة الوطن وتاريخ أسرته العريق.
وتأتي زيارته لواحة سيوة في إطار ارتباطه الدائم بمصر وشغفه بالتاريخ والتراث المصري الأصيل، حيث تُعد سيوة واحدة من أجمل وأقدم الواحات المصرية، وتحتفظ بموروث ثقافي وحضاري فريد يجمع بين الأصالة والروحانية.
ويحظى المسجد الكبير بسيوة بمكانة متميزة بين أبناء الواحة، حيث يمثل أحد أقدم وأهم المساجد التي شهدت تاريخًا حافلًا بفعاليات روحية وثقافية، ويمثل دومًا نقطة التقاء بين قلوب المحبين وروح المكان، وكان لافتًا أن يجتمع فيه اليوم عبق التاريخ المتمثل في شخصية الملك أحمد فؤاد الثاني مع خطبة الجمعة التي تناولت فضل العلم، في مشهد يعكس أن مصر ستظل بلدًا تتشابك فيه الأصالة بالتجدد، وتظل أرضًا تحتضن رموزها بكل حب وتقدير .