الخميس 10 يوليو 2025 10:30 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول…( هل تشهد إسرائيل حرب أهلية و اغتيالات ... أتمنى ؟! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

إسرائيل أمام فجوات اجتماعية وسياسية عميقة و لكن ! السؤال عن مرحلة ما بعد انتهاء الحرب ، هل تعود نزعات العنف إلى إسرائيل ؟ ..

فقد وصل خطاب الكراهية في إسرائيل إلى مستويات خطيرة واقترب من الخطوط الحمر ، الواقع الذي دفع بالمعارضة للتحذير من احتمال ارتفاع منسوب العنف بين الإسرائيليين ، و بلوغ مرحلة الاغتيال ، و قد خيّم شبح سيناريو اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين حينما اختبرت الدولة العبرية مرحلة سابقة من التوترات دفعت طالباً جامعياً يهودياً لتنفيذ العملية ..

التحذير من الاغتيالات في إسرائيل جاء على لسان عدد من المعارضين ، على رأسهم زعيم المعارضة يائير لابيد ، الذي نبّه من الحملة التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد رئيس "الشاباك" رونين بار و اتهام مناصريه اليمينيين المتطرفين لبار بارتكاب "خيانة عظمى"، و جاراه في التحذير رئيسا حزب "الديموقراطيين" يائير غولان و"إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان ..

و هذا التحذير يترافق مع أجواء مشحونة في إسرائيل و تحريض ضد مسؤولين سياسيين و الجيش و الأجهزة الأمنية و القضاء ، و في جديد هذه الأجواء دعوات للعنف ضد الشرطة ، و أخرى لرفض أي قرار قضائي صادر عن المحكمة العليا ضد نتنياهو ، و إن كانت هذه الممارسات فردية و موضعية ، إلّا أنها تعكس حجم الفجوات و النفور بين الفئات السياسية و الاجتماعية الإسرائيلية ..

الانقسامات في إسرائيل كثيرة ، لكن بمعظمها تتمحور حول مسؤوليات ما حصل يوم السابع من أكتوبر ، و اتفاقات وقف النار و استعادة الرهائن و اليوم التالي في غزّة ، و مشاريع إسرائيل الاستراتيجية بعيدة المدى في الضفة الغربية و لبنان و سوريا ، و هي قضايا دقيقة جداً تعمّق حجم الفجوات بين الإسرائيليين ، خصوصاً اليمينيين و اليمينيين المتطرفين ، كون المجتمع الإسرائيلي بات بمجمله يمينياً ..

لكن التحذيرات قد تصب في خانة البروباجندا الإعلامية أكثر من الواقعية السياسية .. و في هذا السياق ، يتحدّث الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية "لمناهضة الاحتلال و الأبرتهايد الإسرائيلي" رمزي عودة ، فيقول إن الانقسامات "كثيرة" و حالة التشرذم "مستمرّة"، لكن الحال لم يصل إلى حدود تنفيذ عمليات اغتيال أو الانزلاق نحو حرب أهلية ، لأن ثمّة عاملين "يوحّدان" الفئات الإسرائيلية ..

ويوضح عودة ، أن حالة الحرب المستمرّة من جهة ، و الإيديولوجيا الدينية من جهة أخرى ، هما حالتان تشكّلان شعوراً إسرائيلياً عاماً يقوم على "الخوف" من الفلسطينيين ( بتصنيفهم كأعداء )، و على "الأفكار اليهودية"، وهو شعور يحتّم وحدتهم كـ"شعب مختار" ويدفعهم لرفض الانقسامات العميقة و العنف ..

فالتحذيرات من عنف داخلي إسرائيلي كانت حاضرة في مرحلة ما قبل هجوم السابع من أكتوبر ، حينما اجتاحت تظاهرات واسعة الشارع الإسرائيلي رفضاً لخطّة الإصلاح القضائي التي عمل عليها نتنياهو. و خلال تلك الفترة، كان الانقسام الإسرائيلي الداخلي شديداً و في أخطر حالاته ، ما دفع سياسيين و باحثين و صحافيين للتحذير من حرب أهلية و التوصية بتعديل العقد الاجتماعي الإسرائيلي ..

و في هذا السياق ، فإن السؤال عن مرحلة ما بعد انتهاء الحرب ، هل تعود نزعات العنف إلى إسرائيل؟ عودة يتحدّث عن المجتمع الإسرائيلي الذي بات بنسبة عالية منه "يمينياً يحمل أفكاراً متطرفة يمارس عنفاً ضد الفلسطينيين"، وضمنه فئات مسلّحة تشكّل جماعات منحها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير شرعية و وضعها تحت أمرة وزارته ..

و لا يستبعد الناشط السياسي الفلسطيني أن ينتقل العنف الممارس من قبل هؤلاء الإسرائيليين المتطرفين ، من العنف ضد الفلسطينيين إلى العنف ضد الإسرائيليين الأقل تطرفاً ، أو الذين ينتمون إلى جماعات مختلفة ، كجماعتي الأشكيناز و الحريديم ، لكنه يعود إلى فكرة "الخوف" الإسرائيلي من الفلسطينيين أو أي طرف آخر ، و أيديولوجيتهم التي تنص على الوحدة ..

و في المحصلة ، فإن الانقسام الإسرائيلي على أشدّه ، و الفجوات بين الفئات واسعة و عميقة ، لكنها لم تصل بتاريخ إسرائيل منذ نشأتها إلى حد العنف واسع النطاق ، كون الإسرائيليين يعون أن أي حرب أهلية أو موجات عنف ستضعفهم في منطقة يشكّلون فيها جسماً نافراً غير مندمج بعد ..