السبت 3 مايو 2025 11:43 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

المستشار بهاء المري رئيس محكمة الاستئناف يكتب : الفن حين يُعرَض على منصة القضاء

المستشار بهاء المري
المستشار بهاء المري

لم يكن الفن يومًا مجرد رفاهية بصرية أو سمعية، بل ظل ‏عبر العصور مرآةً تعكس هواجس الإنسان ومصائره. غير أن هذه ‏المرآة، حين تُرفع أمام منصة القضاء، لا تُقرأ بذات المعايير التي يقرأ ‏بها الجمهور الجمال أو الألم. فالفن في قاعة المحكمة يُساءَل، ويُوزَن، ‏وتُدرس نواياه وحدوده، وتُسأل الحرية فيه إن كانت قد تجاوزت ما ‏سُمِح لها به‎.‎‏ ‏

فهناك خيط رفيع بين حماية الفن من القمع، وحماية المجتمع ‏من "الانفلات". ذلك أن حرية الإبداع الفني وإن كانت مكفولة، لكنها ‏ليست حرية طليقة، بل حرية تمشي في طرق مرسومة ومحكومة ‏بسياجات تشريعية صارمة: حماية الآداب العامة، الأمن، النظام، ‏القيم الدينية، والأخلاقية، والاجتماعية‎.‎

هكذا يُطلب من الفن، لا أن يُحلّق، بل أن يطير تحت سقف ‏منخفض، وألا يصطدم بحدود معلومة سلفًا، بل ومتبدلة أحيانًا‎.‎

فما يجوز في قرية، قد لا يجوز في مدينة. وما يُعرض في زمن ‏قد يُرفض في آخر. وأن "الشعور العام" ليس مادة ثابتة يمكن ‏القياس عليها مرة واحدة، بل كائن حي يتبدّل ويتلون.‏

إن الفن ليس مشروعًا للتمرد، بل مساحة للتعبير المشروط. ‏فحين تَعلو "المقومات الأساسية للمجتمع" على "الحرية الفردية"، ‏فإننا نكون أمام تراتب دستوري غير متوازن، يَسمح للرقابة أن ‏تتجاوز حدود الحماية إلى منطقة السيطرة‎.‎