انفجارات أمريتسار تعيد التوتر إلى الحدود.. الهند وباكستان في أخطر مواجهة منذ عقود


في تصعيد خطير يهدد بتحويل الخلافات الحدودية بين الهند وباكستان إلى صراع شامل، ذكرت وكالة رويترز أن دوي أربع انفجارات سُمع في مدينة أمريتسار الهندية الواقعة بالقرب من الحدود مع باكستان. يأتي ذلك في ظل تبادل متواصل للهجمات بين البلدين خلال الأيام الثلاثة الماضية، باستخدام الطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة، وهو ما يُعد الأعنف من نوعه منذ نحو ثلاثة عقود.
وأكد المتحدث باسم الجيش الباكستاني، اللواء أحمد شودري، في بيان رسمي يوم الجمعة، أن بلاده لن تتجه إلى نزع فتيل التصعيد مع الهند، مشيرًا إلى أن باكستان ستظل في حالة حرب طالما كانت سيادتها وشعبها مهددة. وأضاف أن بلاده لم تبدأ الهجمات ولكنها لن تتردد في الرد في الوقت الذي تراه مناسبًا، مؤكدًا أن "رد الفعل سيكون قويًا ومدروسًا".
من جانبه، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية شفقت على خان عن قلق بلاده البالغ إزاء التصعيد الأخير، ووصف تحركات الهند بأنها "سلوك غير مسؤول وضع دولتين نوويتين على شفير نزاع كبير"، مشيرًا إلى أن العالم بأسره يجب أن يتحمل مسؤوليته في منع اندلاع حرب لا يمكن لأحد التنبؤ بعواقبها.
على الجانب الآخر، برر المسؤولون الهنود الغارات الصاروخية التي شنها الجيش الهندي قبل أيام بأنها رد ضروري على هجوم كشمير الدموي الذي وقع الشهر الماضي وأدى إلى مقتل 26 شخصًا. وقد استهدفت الضربات مواقع متعددة داخل باكستان، بما في ذلك بعض المناطق التي تقع خارج الشطر الكشميري الخاضع لسيطرة إسلام آباد، وهو أمر لم يحدث منذ الحرب الكبرى بين البلدين عام 1971.
وبحسب المصادر العسكرية، فإن الاشتباكات العنيفة التي بدأت بعد الضربات الهندية تطورت سريعًا لتتحول إلى مواجهة شاملة عبر الحدود، تتضمن إطلاق نار متبادل، وقصف بالمدفعية الثقيلة، واستخدام كثيف للطائرات المسيرة والصواريخ. وقد أسفرت هذه المعارك حتى الآن عن مقتل 48 شخصًا من المدنيين والعسكريين على جانبي الحدود.
الوضع الإنساني في المناطق الحدودية أصبح في غاية السوء، حيث اضطر الآلاف من السكان المحليين إلى النزوح من منازلهم خوفًا من القصف العشوائي. وفي مدينة أمريتسار الهندية، التي شهدت سماع الانفجارات الأربعة، تم إغلاق المدارس والمستشفيات، فيما فرضت السلطات المحلية حالة الطوارئ الجزئية وتوزيع فرق الإنقاذ على المواقع الحيوية.
وقال أحد السكان، وهو مواطن هندي في الخمسينات من عمره: "لم نكن نتوقع أن نعود إلى أيام الحرب مرة أخرى. كل شيء هنا أصبح غير آمن، حتى الأطفال خائفون من النوم في الليل". وأضاف أن الحدود التي كانت مجرد خط تقسيم على الخريطة تحولت إلى جبهة قتال مستمرة.
يُذكر أن العلاقات بين الهند وباكستان تمر بأسوأ مراحلها منذ سنوات، خاصة بعد تبني الهند موقفًا أكثر تشددًا في التعامل مع ملف كشمير، وإلغاء الحكم الذاتي الخاص بالجزء الواقع تحت سيطرتها، وهو القرار الذي أدانته باكستان بشدة واعتبرته انتهاكًا للأعراف الدولية ولحق تقرير المصير.
وقد حذر عدد من الخبراء العسكريين من أن استخدام الطائرات المسيرة بكثافة من قبل الطرفين يعكس تحولًا في طبيعة الصراع، وأن هذا النوع من الهجمات قد يؤدي إلى توسع سريع وغير متحكم فيه في نطاق الاشتباكات. كما أشاروا إلى أن الاستعدادات العسكرية من الجانبين لم تعد فقط دفاعية، بل تحمل في طياتها مؤشرات على إمكانية تنفيذ عمليات هجومية أوسع.
---
### الردود الدولية والتحركات الدبلوماسية:
وسط التصعيد الخطير، دعا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الدولتين النوويتين إلى ضبط النفس والعودة إلى الحوار. وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش البلدين على "احترام وقف إطلاق النار وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى زيادة التوترات".
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ إزاء الوضع، وأكدت أنها تعمل على التواصل مع الطرفين لخفض التصعيد، بينما دعت الصين إلى حل الخلافات عبر الوسائل السلمية، دون التدخل الخارجي.
---
### الخلاصة:
ما بدأ كرد فعل عسكري محدود تحول بسرعة إلى مواجهة مفتوحة بين جارتين نوويتين، في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم. وبينما تستمر الاشتباكات على الحدود، يبقى السؤال الأكبر هو: هل يمكن للدبلوماسية الدولية أن توقف ما بدأت به البنادق؟ أم أننا أمام بداية مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي الذي قد يكون له تداعيات عالمية؟
في كل الأحوال، فإن الشعبين، الهندي والباكستاني، هم الأعلى دفعًا لثمن هذا التوتر، سواء بخسارة الأرواح أو بتراجع معدلات التنمية والرفاهية في ظل أولوية الأمن والدفاع.