مدحت الشيخ يكتب: إسرائيل وإيران يتقاتلان… والعرب تحت الأنقاض


كأننا في مسرحية عبثية طويلة، لا يتغير فيها سوى أسماء الضحايا. تتبادل إسرائيل وإيران القصف، وتتطاير التصريحات كالصواريخ، بينما العرب، كعادتهم، في مقاعد المتفرجين… ولكن بتذاكر من دمهم.
ما القصة؟ ومن يحارب من؟
إسرائيل تقول إنها تحارب الإرهاب الإيراني، وإيران تؤكد أنها تقاتل "الكيان المؤقت". وبين هذه وتلك، تمطر الطائرات على سوريا، وتُختطف سماء لبنان، وتُستباح حدود العراق، ويُقطع النفس في غزة… ولا أحد يسأل: هل هذه حرب بين دولتين فعلاً؟ أم ساحة لتصفية حسابات دولية بأدوات إقليمية؟
واشنطن تبتسم… وطهران تتوعد
في الوقت الذي تتطاير فيه القذائف فوق الرؤوس، تظهر أمريكا كالعادة بـ"قلقها العميق"، وتحث الطرفين على "ضبط النفس"، ثم ترسل شحنة أسلحة لإسرائيل، وتفتح خط مفاوضات خلفي مع طهران… تمامًا كما يفعل تاجر سلاح يدير شجارًا بين زبونين.
تل أبيب وطهران… صراع أم تفاهم ضمني؟
كلما اقتربت إيران من تخصيب اليورانيوم، تشعر إسرائيل بالحكة النووية. وكلما قصفت إسرائيل موقعًا في سوريا، ترد إيران عبر وكلائها في لبنان أو غزة. الكل يتحدث عن معركة كبرى… لكنها لا تبدأ أبدًا. والسر؟ ربما لأن الحرب الكاملة ليست في مصلحة أحد… إلا تجار السياسة وتجار السلاح.
الخاسر الدائم… عربي
اللاجئ عربي، الشهيد عربي، الجثة على الهامش عربي، والمستشفى المدمَّر عربي. أما العواصم، فتحبس أنفاسها وتُذكّر شعوبها بأن "الحياد سياسة حكيمة". حياد؟ أي والله. حتى لو نزلت قذيفة في حديقة البيت، فالموقف الرسمي: "نُتابع التطورات". التطورات فقط… أما المصير فمتروك للقدر.
ماذا وراء الحرب فعلًا؟
صراع نفوذ بين قوتين تسعيان للهيمنة الإقليمية.
تل أبيب تريد تفوقًا بلا منازع.
طهران تريد "هلالًا شيعيًا" لا يُحاصر.
أمريكا تراقب وتبتز الجميع.
والعرب…؟ يدفعون الثمن سياسيًا، واقتصاديًا، وبشريًا، ثم يُطلب منهم أن "يتفهموا الظروف الدولية".
النهاية… التي لا نهاية لها
هذه ليست حربًا ستنتهي بانتصار أو هزيمة. إنها حالة دائمة من التوتر، تستخدم فيها المنطقة كملعب، وشعوبها ككومبارس. والنتيجة؟ مزيد من الدمار، مزيد من الصمت، ومزيد من المقالات التي تبدأ بجملة: "حرب جديدة في الشرق الأوسط"… وكأننا لا نعرف سوى الحرب.