السبت 28 يونيو 2025 03:00 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول …( ڤاجنر روسيا و الڤاجنر الأمريكى …! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

تعيش روسيا هذه الأيام الذكرى السنوية الثانية لانقلاب يفغيني بريغوجين على وزارة الدفاع الروسية ، و من خلفها الرئيس فلاديمير بوتين .. فلم يكن الانقلاب غير متوقع .. فقبل نحو 500 عام ، حذّر نيكولو ميكيافيلي من "خطورة" اللجوء إلى المرتزقة : "إذا اعتمد عليها أحد الأمراء في دعم دولته ، فلن يشعر قط بالاستقرار"، كما كتب في "الأمير" ( الفصل 12 ).. و ربما شعر بوتين بالندم و لو موقتاً بعد الاستعانة بمرتزقة "فاجنر"..

و بالعودة إلى الحرب على إيران ، قد يراود رئيسَ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شعورٌ مماثل .. ثمة فرق هائل و بديهي بين لجوء بوتين إلى المرتزقة لمحاربة أوكرانيا ، بل لإسقاط مدينة غير استراتيجية فيها كباخموت ، و بين لجوء نتنياهو إلى أقوى دولة في العالم للمشاركة في ضرب برنامج إيران النووي .. و تبقى العبرة المشتركة في الخطوتين أن الاستعانة بالخدمات العسكرية لطرف ثانٍ يعطي الأخير صوتاً واضحاً في القرار العسكري و السياسي .. فكيف إذا كان صاحب هذا الصوت دونالد ترامب ، الرئيس الأميركي ..

فقد تمكن نتنياهو أن يقتحم منشأة فوردو بقوات خاصة .. لكن عملية كهذه محفوفة بالمخاطر مع احتمال سقوط عشرات القتلى و الجرحى الإسرائيليين .. بالتالي ، فضّل تدخل إدارة ترامب .. لكنه لم يكن تدخلاً بلا أضرار جانبية .. بعد الضربات على المنشآت النووية ، طلب ترامب من نتنياهو ، و بنبرة قاسية ، وقف الحرب .. و لم يملك الأخير خيارات كثيرة ..
ولو أن الضربات حققت نتائج مؤكدة ، لأمكن نتنياهو الاطمئنان .. لكن التقييم الأولي لوكالة الاستخبارات الدفاعية لا يوحي بطمأنينة كبيرة .. (فقد نفى ترامب صحته بعدما تداولته "سي أن أن") .. و في أفضل الأحوال ، أخّرت الغارات الأميركية البرنامج النووي "أشهراً قليلة" .. و على ما يبدو ، تجلت الصعوبة الحقيقية في تدمير المخازن المحصنة في أعماق منشأة أصفهان لا في فوردو .. تعرضت تلك المنشأة لصواريخ "توماهوك" الأميركية لكن معظم الأضرار سطحية ، بحسب جيفري لويس ، أحد أبرز مراقبي الملف النووي الإيراني ..

باختصار ، أراد نتنياهو نقل عبء مخاطر استهداف إيران إلى الولايات المتحدة .. ففي عالم دونالد ترامب ، ما من قواعد كهذه ، حتى لغاية محورية كوقف الانتشار النووي .. شرط التدخل الأهم بالنسبة إليه هو أن يكون سريعاً و آمناً و قابلاً للاستغلال السياسي .. يكفي أن تخطف الغارات الأضواء – و تصميم قاذفات "بي2" يقدّم خدمة في هذا الإطار – حتى يتم الإعلان عن نجاح "تاريخي" للعملية .. ما هو التاريخ أو السجلّ الذي تُقارَن به هذه الضربات أمرٌ مجهول .. الآن ، يُترك نتنياهو شبه وحيد .. هذا و يخشى الإسرائيليون أيضاً عدم تضرر ترسانة إيران من المسيّرات والصواريخ المجنّحة تحديداً ..
و للتأكيد ، لم يتم حسم نتائج الضربة .. فتقييم استخبارات البنتاغون أولي و قد يتغير .. و على عكس لويس ، يعتقد ديفيد أولبرايت ، مراقب بارز آخر للبرنامج النووي الإيراني ، أن الضربات كانت فعالة في وقف "تسليح" اليورانيوم المخصّب و لو أنه كان أقل ثقة بالنتائج على المدى البعيد بسبب بعض بقايا اليورانيوم و أجهزة الطرد المركزي .. و حتى الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي قال إن المنشآت النووية "تضررت بشدة".. و مع ذلك ، قد يكون هذا الكلام محاولة لتجنب ضربات أميركية و إسرائيلية مستقبلية على بلاده ..

و على أي حال ، قد يتمكن نتنياهو من التحرك مجدداً في إيران ، بمجرد أن يملّ ترامب من الملف ، كما فعل حين خضع موقتاً لضغط صارم من ستيف ويتكوف الشتاء الماضي بخصوص الحرب على غزة .. و يبقى إحدى العقبات أمام نتنياهو هي الوقت اللازم لاستعادة حرية و فاعلية العمل في إيران ، بعد الانكشاف المحتمل لخلايا التجسس ..
و كما كتب هيرب كينون في "جيروزاليم بوست"، تشعر إسرائيل بأنها مَدينة لترامب بعد الضربة ..

خالد درة ي بالعقل أقول ال…( ڤاجنر روسيا و الڤاجنر الأمريكى …! ) الجارديان المصرية