الجمعة 4 يوليو 2025 06:06 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. هانى المصرى يكتب : الجيش المصري في قلب المعادلة: بين تحركات حفتر وغموض السودان

د. هانى المصرى
د. هانى المصرى

في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الأحد 30 يونيو، كلًا من رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، في لقاءين منفصلين بالقاهرة. هذا التحرك المصري رفيع المستوى لم يكن مصادفة، بل يحمل رسائل سياسية وأمنية تتجاوز حدود البروتوكول، وتعكس قلقًا حقيقيًا من اشتعال "المثلث الحدودي" بين مصر وليبيا والسودان.

رسالة مصر : الأمن القومي لا يُترك للمجهول
اللقاء الثلاثي غير المباشر، والذي جمع بين رمزي القوى المسلحة في ليبيا والسودان، جاء ليؤكد أن القاهرة تتحرك سريعًا لتحصين جبهتها الجنوبية والغربية، ومنع تمدد الفوضى عبر حدودها. فمصر، التي تتشارك حدودًا طويلة ومتشعبة مع كل من ليبيا والسودان، تدرك جيدًا أن الانهيارات الأمنية في الدولتين الجارتين لم تعد مجرد أزمات إقليمية، بل تهديد مباشر لوحدة أراضيها واستقرارها الداخلي.

السودان : حرب مفتوحة على بوابة الجنوب
مع استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وانهيار مؤسسات الدولة، تتصاعد المخاوف من تسلل الجماعات المسلحة عبر الحدود، وتحوّل الجنوب المصري إلى ممر للتهريب والاضطرابات. لقاء السيسي بالبرهان يحمل دعمًا واضحًا للجيش السوداني، وتأكيدًا على أن مصر تقف إلى جانب وحدة السودان واستعادة مؤسساته، لكنها في الوقت ذاته لا تخفي قلقها من أن يمتد الصراع نحو أراضيها.

ليبيا : تثبيت الحليف وتعزيز التنسيق
أما اللقاء مع المشير حفتر، فهدفه الواضح هو تثبيت التنسيق الأمني على الجبهة الغربية، خاصة مع تجدد التوترات السياسية في ليبيا، واستمرار وجود المرتزقة والقوات الأجنبية على أراضيها. القاهرة تعتبر استقرار ليبيا جزءًا من أمنها القومي، وهي تدعم قيام دولة موحدة بجيش وطني قوي يضمن عدم تحوّل ليبيا إلى بؤرة تهديد دائم.

المثلث الحدودي : نقطة الاشتعال المحتملة
التقاء الحدود بين مصر وليبيا والسودان يكوّن ما يشبه "مثلثًا حدوديًا" هشًا، يمكن أن يتحوّل إلى بؤرة اشتعال كبرى في أي لحظة. شبكات تهريب السلاح والبشر، وانتقال العناصر المسلحة بين الجبهات، ومخاوف التدخلات الخارجية، كلها عوامل دفعت مصر إلى التحرك السريع للسيطرة على المشهد قبل أن يفلت من اليد.

رسائل اللقاءات في العمق
إقليميًا : مصر تقول إنها لن تترك فراغات استراتيجية تستغلها أطراف إقليمية أو تنظيمات متطرفة.

أمنيًا : هناك تنسيق استخباراتي وعسكري متزايد مع الجيشين السوداني والليبي لحماية حدود مصر.

دوليًا: القاهرة تؤكد للعالم أنها لا تنتظر الحلول، بل تصنعها عبر أدواتها الجيوسياسية وخبرتها في إدارة الأزمات.

خلاصة المشهد
اللقاء الثلاثي غير المباشر بين السيسي والبرهان وحفتر يعكس رؤية مصر الواضحة: منع تمدد الفوضى قبل أن تطرق الأبواب. إنه تحرك استباقي لتحصين الجغرافيا، وتعزيز التحالفات، وكبح الانفجار المحتمل في واحدة من أخطر نقاط التماس الجغرافي والأمني في شمال شرق إفريقيا.

د. هانى المصرى الجيش المصري في قلب المعادلة: بين تحركات حفتر وغموض السودان الجارديان المصرية