الخميس 24 يوليو 2025 01:56 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

شبراوى خاطر يكتب : سؤال أحسبه برئ، وقد يراه من على رأسه بطحة مغرض ولئيم.

الكاتب الكبير شبراوى خاطر
الكاتب الكبير شبراوى خاطر

عن مجلس الشيوخ الثلاثمائة أتحدث ..
ما اهميته لوطن يتآكل فيه الشغف والطموح.
في وطن تتبخر فيه الأحلام وتتسرب الى العدم.
وطن عندما ينتصر نغنّي له، عندما ينهزم نغنّي له. عندما نفوز في مباراة نغنّي له، والأدهي أننا عندما نحرض الناس على التصويت نغني له. ونقول له "إنزل شارك.. عبر عن رأيك قول، يا مصري إيدك معانا، صوتك أمانة، هات وانت جي أهلك وناسك يبقوا معانا، دي بلدنا عايزانا"، والأكثر دهشة هو تسابق الأحزاب والجبهات على الأغاني الإنتخابية وتنفق في ذلك ملايين الجنيهات تشير إلى أن شروط الدعاية الانتخابية محض هراء.
والأنكى من ذلك هو قيام الهيئة الوطنية للانتخابات تشكل لجان رصد مخالفات دعاية انتخابات مجلس الشيوخ، وتشكيل لجان من قامات اعلامية لمراقبة سلوكيات الدعاية الانتخابية، وأهي كلها لجان ومجالس ومصاطب والسلام.
واعود وأسأل دكاكين الأحزاب المتناثرة هنا وهناك، كيف تتعاملون بتلك الأغاني مع الجيل الصامت والحالم بيأس، وكيف تتواصلون مع جيل الطفرة السكانية، او جيل إكس الضائع وجيل الألفية-جيل الانترنت- ثم جيل ألفا والذكاء الاصطناعي. وبصفة عامة نحن أمام مجتمع ٤٠٪ منه يقع في المرحلة العمرية بين ١٠ سنوات و ٢٩ سنة. فهل بطرق عفى عليها الزمن، وأغاني لا جدوى منها تثير السخرية أكثر من أن تبني الوعي يمكن إحداث التأثير والتغيير والتطلع إلى المستقبل. هذا يعتبر إهانة للذكاء الشعبي واستهانة بمكانة دولة ذات حضارة وهذا أقل وصف للوضع القائم.

أرى وطن يكثر فيه الضجيج بلا طحين. ويبدو ان ما نسمعه هو صوت طحن وقرقشة عظام الأجيال الجديدة.

وطن تتلاطم على جوانبه الأربعة كل مؤمرات العالم.

وطن اصبح يرتاب من الأقرباء، ويطمئن للغرباء، ويواجه حملات مكثفة من الاحتيال والتلاعب بالعقول والانجراف نحو التفاهة المدبرة.

وطن ينظر إلى السماء ويبتهل طالباً لستر وحفظ رب العالمين، ويبتغي أجر الصالحين دون أن يكونوا صالحين.

وطن ينبش تحت قدميه لاستخراج كنوز مطمورة، ليسرقها منه من هو أعلم بقيمتها، بدلاً أن تكون له إرثاً لإعانته في مستقبل أبناءه.

وفوق ذلك، فهو وطن نشبت فيه مراكز القوى القديمة والجديدة أنيابها ومخالبها بحجة انها هي من لديها علم بالمصلحة العليا وسواهم لابد أن يظلوا سائرين صاغرين نياماً أقرب إلى الموتى، ينتظرون قراراته وتحليلاته وتفسيراته وتفاقم مشاكله للاستفادة من معاناته.

وطن، الكثير من المتحكمين في إعلامه وتنويره، متواطئ ومتآمر سواء بقصد أو سوء نية، يندس داخل أدمغة غافلة خاوية ليثير السخط العام، ويكدر السلم، وينشر سفاسف الأمور ويسطح العقول.

ورغم كل ذلك، نرى وطن امتلأت شوارعه وميادينه بأسوار خشبية معلق عليها صور المرشحون على هيئة مشانيق بالبدل السوداء وربطات عنق بكل الألوان، كلهم نفس الشبه ونفس الهيئة وكأنهم شخصيات يتم تجهيزها لعروض مسرح العرائس.

وانا شخصياً لا أعرف أي منهم، ولا اظن أن معظم الشعب يعرفهم، هؤلاء الساعون إلى الحصانة، والقرب من مطبخ المعلومات الثمين، تحت مسميات وشعارات جوفاء من أجل نيل لقب نائب الشيوخ.

اقول لهم..
من أنتم؟
ومن أين جئتم؟
وكيف نشأتم وترعرعتم؟

ثم أسألهم، ما هي الفائدة التي تعود علينا من تجمعكم في قاعات مغلقة تشرّعون لنا أمورنا
التي تحقق مصالحكم الشخصية.

لا أرى مبرر لأن نتحمل أعبائكم ولا مكافاءتكم ورواتبكم ونفقات دعايتكم من قوت يومنا.

بل أرى أن هذا من أجل ترسيخ مكانتكم وليس من "أجل مصر" كما تدّعي لافتاتكم.

لذلك، وجب عليّ أن أكرر على مسامعكم وضمائركمم. بأن الأستثمار في رأس المال البشري يعني تزويد الناس بالمعرفة والصحة الجيدة والثقة المتبادلة والعدالة وتكافؤ الفرص والمهارات حتى يتمكنوا من شغل وظائف اليوم والغد، وخلق فرص عمل للمستقبل، ومما يؤدي إلى خلق قوة عمل واعية تستطيع النمو والتكيف مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية العالمية،

وإذا سعيتم لذلك وأديتم دوركم كما هو مأمول، فبالتالي يكتسب وجودكم مبرراً مقبولاً، ويرسّخ شرعية لموقعكم في الهيكل الرقابي والتشريعي في الدولة. وذلك تحقيقاً وترجمة لشعاركم "من اجل مصر"، حيث أن الشعب سوف ينتظر منكم مواجهة التحديات وانتهاز الفرص التنموية المتاحة لوطن يقترب من تخطي عتبة تغير ديموغرافي جديد، حيث يعتبر الأكثر شباباً بين دول العالم، والذي يتطلب تنمية بشرية تعتمد على الكم والنوع. وهذا واحد من أهم عربات قاطرة التنمية، بل هي القاطرة نفسها، إنها قاطرة راس المال البشري وبناء الإنسان الجديد،

أقول قولي هذا وأستغفر الله لنا ولكم. يرحمكم الله ويرحمنا من أمثال بعضكم.

شبراوى خاطر سؤال أحسبه برئ وقد يراه من على رأسه بطحة مغرض ولئيم. الجارديان المصرية