الناقد التشكيلي والأديب م.سيد جمعة يكتب : مُحيّ إسماعيل .. الشخصية الكاريزما و ” السيكو دراما ”

هذا الكتاب ليس مجرد تحليل لشخصية فنان، إنما هو رحلة استكشافية في دهاليز عقل وفكر محيي إسماعيل، محاولين فك شفرة جاذبيته المستمرة
سنبدأ هذه الرحلة بتأصيل نشأته الأكاديمية والفنية، ثم نستعرض سجله
الإبداعي الحافل بالأعمال والجوائز، ونتوقف عند أبرز المواقف التي شكلت
وعيه وإرثه بعدها ، سنتعمق في تفكيك عناصر تواصله غير اللفظي " لغة الجسد " ( وتعبيره اللفظي ) أسلوب الكلام والفلسفة الكامنة وراءه
( والهالة ) الغامضة التي أحاطت به، والتي جعلت منه ظاهرة فنية وثقافية
تستحق التأمل العميق والدراسة المستفيضة " . " .
د. كمال يونس
د. نِهال أحمد يوسف
بهذه المقْدمة التي تصدرت الكتاب يُمنكننا القول أننا أمام ورقة أو دراسة بحثية خاصة
وليس كِتاباً عن ممثل أو شخصية مشهورة ؛ بل إنه بحث له خصوصيته ومؤكد أنه الأول والغير مسبوق في ساحة الكتب عن مشاهير الممثلين المصريين والعرب بوجه عام ؛ إنه بحث يختص بِسَمتْ شخصية غير عادية تصادف أنَ لها جذوراَ ثقافية وفنية منذ المنشأ نبتت معها ؛ وفيها رغبة وموهبة التمثيل فَسعت منذ البداية لتأصيلها بالدراسة عبر سنوات التعليم الجامعي و التجريب العملي سواء في ورش أو مسارح الكلية أو المعهد أو بعد التخرج في اول مسرح تجريبي " مسرح المائة مقعد " حيثُ يُقدم عروضاً ذات طابع خاص وجمهورٍ خاص .
في الدراسة أو الكتاب عَمِدَ المؤلفان إلى إتباع المنهج العلمي للدراسات البحثية في الإعداد الجيد لهُ من خلال توفير وتقييم المعلومات المُتاحة ثم عرضِها بإسلوب علمي مُبسط ولُغةٌ سردية بإيقاعٍ يتسق مع المُحتوى المُلائم للشخصية التي تتمتع بكاريزما جاذبة في المجال الفني والإعلامي فإذا ما علمنا أنه من الصعب عمليا الحصول على معلومات دقيقة ومباشرة من الفنان نفسه لحنكته وإسلوبه في التحاور وقدرتهِ على المرواغة في الأسئلة المباشرة إما بالسخرية او الإحالة إلي أقوال وأكلشيهات ذكية يستدعيها متى وجب ذلك بحرفية مهارية يَعرِفُها الذين تحاوروا معه عبر الوسائط المُتعددة والمسجلة . لذا كانت إحترافية المؤلفان وسعيهماً إلى الموضوعية أنهما ركزا على المعلومات المُتاحة علي وسائط الميديا مكتوبة او مسموعة او مرئية وقاما بالتنقيح والتدقيق و حُسن الإختيار منها في بناء أعمدة البحث بصورة تَدعمُها عِلمية ومنهجية البحث في إطار ما يتعلق بفنون الدراما المُتعددة وآلياتِها ( الصوت ، الحركة ، الإنفعالات وردود الأفعال ، إعدادادت خشبة المسرح إضاءة وديكور وميزانسين ، فضلا عن التبادل الإنفعالي بين جمهور المسرح الحاضر والأداء المسرحي للممثلين ، وذكاء الإدارة الفنية للعرض بإشراف مخرج العرض هذا من جانب والجانب الآخر ولهُ أهميته في هذا الكتاب ألا وهو دراسات عِلم النفس التي تختص بسيكلوجية الشخصيات الإنسانية السوية والغير سوية وكيفية إستعانة الممثل المثقف المُحترف في تقمص أدوار هذه الشخصيات وأداء الإنفعلات المصاحبة لها في درايةٍ وإحترافية تُعبر عن قدرات الممثل في التَمَثُل والإنغماس العميق في الشخصية حتى يختلط ما يشاهده المُتلقي بحقيقة ما يرى ويتسائل أهذا تمثيل ؟ !
( محي إسماعيل يُحدثنا أن السادات نفسهُ إختلط عليهِ الأمر عند مشاهدة فيلم الإخوة الأعداء ) .
البحث من خلال العنونة يؤكد الإحترافية في تناول شخصية ذات كريزما شعبية من ناحية حيثُ دائما ما تُحاط بالغموض ، و النرجسية ؛ وربما التصنع في " اللاوعي " والرغبة في التميز والإستمرارية في الوجود تحت SHOW خاصة بعد أن خفت الأضواء بصورةٍ ما .
ونجد تحت هذه العناوين التاليه تفاصيلأ تمتزجُ فيها المعلومات الشخصية عن هذا الممثل و قدراتهِ الإبداعية في الأداء وتفردهُ فيها بل بخصوصية ينفردُ بها عبر سنوات مشوارهِ الإبداعي ؛ يتوافق هذا مع التحليل العلمي الدقيق الذي يَرصُد هذه القدرات ويربطُها فنيا " بالسيكودراما " في أداء الممثل من ناحية وتأثير ذلك عمليا في مراحل تطور حياة المُمثل الشخصية التي إرتبطت بوعيُ منهُ أو بدون وعي ، عند أداؤه للأدوار التي عَكِف عليها ولم يغيرُها كما يفعل أقرانه ومجايليه من الممثلين ، وهذه محاور أو عناوين فصول الكتاب التي تُدلل على خصوصية الكتاب و تناولهُ كبحث ودراسة لشخصية الفنان محي إسماعيل ذا كاريزما الشعبية والمُمَثل المُحترف :
* نشأة الفيلسوف * سجل إبداعي
* السيمفونية الصامتة * معجم الروح
* كاريزما الغموض * الخاتمة
* ملحق الصور
إن الكتابُ دراسةٌ بحثية تكاد تكون هي الأُولى من نوعِها ولا تتشابه مع المألوف من كُتب السيرة أو التأريخ لِعلمِ مشهور في مجالاتٍ العمل العام المُختلفة أو مُبدعٍ في فنون السينما او المسرح أو التلفزيون .
شخصية وكاريزما الفنان .. محي إسماعيل أرى انها تتسق مع إختيارته وتخصصهُ لأدوار السيكو دراما مما يُذكرنا بتخصص وإختيارات المخرج العالمي " الفريد هيتشكوك " لنوعية الأفلام التي قدمها لنا بإحترافية لم تتكرر وربما يكون هذا شأن أدوار وإختيارات محي إسماعيل لِمثل هذه الأدوار حيثُ لم نَعُد نشاهد مثلها سينمائياً او مسرحياً أو تلفزيونياً أوحتى كُتب مقروءة .
ولهذا قد يكون هذا الكتاب مُناسباً لمكتبات الكليات والمعاهد الفنية المُتخصصة لِما يتضمنهُ محتواهُ مِن إستعراض محاور هامة تُهم دارسي فنون " السيكو دراما " .