الخميس 31 يوليو 2025 10:07 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

المحلل السياسي محمد الشافعى يكتب : مأسأة فلسطين....ابادة شعب وموت ضمير

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

** عالم ما بعد السابع من أكتوبر
منذ ذلك اليوم المصيري في 7 أكتوبر 2023، عندما شنت فصائل المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" ، انقلب العالم رأساً على عقب ، لكن المفارقة الأكثر إيلاماً هي كيف تحولت أنظار العالم من الصراع نفسه إلى الفظائع التي ترتكب بحق المدنيين العٌزل في غزة ، لقد أصبح المشهد الدولي ساحة صراع بين ضمير إنساني ينبض بالتظاهرات والاحتجاجات، وآلة حرب إسرائيلية لا تعرف الرحمة، ومنظمات دولية عاجزة تترنح بين المبادئ والواقع السياسي المخزى .
**المشهد الإنساني الكارثي في غزة
تشير الأرقام إلى أن الحرب تسببت في استشهاد أكثر من 72,461 فلسطينياً في غزة وحدها بحسب وزارة الصحة الفلسطينية ، بينهم 18,000 طفل و214 رضيعاً .. لكن الأكثر إثارة للغضب هو أن أكثر من 200 فلسطينياً ماتوا بسبب المجاعة وسوء التغذية منذ أكتوبر 2023 ، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ كوارث الإنسانية.
** الوضع في غزة تجاوز كل حدود المعاناة الإنسانية:
- كارثة غذائية: 5 من كل 10 عائلات تعاني من انعدام الأمن الغذائي
- انهيار صحي: نسبة العجز في المستهلكات الطبية وصلت إلى 85%
- حصار خانق: لشعب لايملك منزلا ولا عملا ولا تعليما ولا لقيمات تسد جوعه ومازالت اسرائيل تضرب حصارا على هذا الشعب المسكين .
** " الأسوأ أن المجتمع الدولي غير منزعج من الظروف غير الصالحة للعيش في قطاع غزة، أو حقيقة أن جيلاً كاملًا نشأ معزولًا عن العالم" .
** صرخات العالم: بين التظاهرات والرقص على الجثث
في مشهد متناقض، خرجت مظاهرات حاشدة في كل أنحاء العالم:
- *في تونس*: احتشد المئات في "حصار السفارة الأمريكية" مرددين "الجريمة صهيونية والقذيفة أمريكية"
- *في البوسنة*: مسيرة إلى النصب التذكاري للأطفال حاملين لافتات "غزة تتضور جوعاً والعالم يكتفي بالمراقبة"
- *في إسطنبول*: مسيرة ضخمة من مسجد بربروس باشا إلى القنصلية الإسرائيلية تحت شعار "لا مستشفيات ولا أدوية في غزة، بل هناك مجزرة"
- *في ميلانو*: احتجاجات ضد حكومة إيطاليا لرفضها الاعتراف بالدولة الفلسطينية
- *في فانكوفر*: متظاهرون يحملون أكياس الطحين رمزاً للتضامن مع جوع غزة
*- مظاهرات فى أمريكاوأوروبا تندد بالإبادة لشعب أعزل
لكن هذه التظاهرات، رغم ضخامتها، تبدو وكأنها "تقرع طبول فارغة" - كما فعل المحتجون فعلياً أمام القنصليات الإسرائيلية - في وجه آلة حرب لا تسمع إلا لغة القوة.

** المنظمات الدولية: بين النداءات والعجز
* المشهد الدولي أكثر إثارة للخيبة:
- محكمة العدل الدولية: تلقت دعوى من جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية ، لكن القرارات تبقى حبراً على ورق.
-الأمم المتحدة: صوّتت الجمعية العامة لصالح قرار يدعو لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة منذ 1967، لكن إسرائيل وصفته بـ"الإرهاب الدبلوماسي" .
-*الاتحاد الأوروبي: بعض الدول مثل هولندا حظرت دخول وزيري الأمن والمالية الإسرائيليين ، بينما اقترحت المفوضية تعليق تمويل بعض الشركات الإسرائيلية .
لكن كل هذه الإجراءات تبقى رمزية أمام دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا المستمر لإسرائيل .
** دول الجوار والمنظمات الفلسطينية: اتهامات متبادلة
في خضم هذه الكارثة، تتصاعد الاتهامات بين الأطراف الفلسطينية نفسها:
- قادة فلسطينيون في الخارج يتهمون دول الجوار بالتقصير والعمالة، بينما يتهمهم آخرون بالهروب من المواجهة والاكتفاء بالخطب الرنانة
- حركة حماس تصر على المقاومة الخفية رغم التضحيات الجسيمة
لكن السؤال الأكثر إلحاحاً: أين الجميع من الأطفال الذين يموتون جوعاً تحت الحصار؟
** هل بقي للعالم ضمير؟
بعد عامين من الحرب، يبدو السؤال الذي طرحته من قبل أكثر إلحاحاً:
إلى ماذا سيؤدي كل هذا فى النهاية؟ ولماذا؟ ولا أحد يعرف .. العالم يقف على مفترق طرق:
= إما الاستمرار في صمت مريب يجعل منا جميعاً شركاء في الجريمة
= أو ينطلق العالم كضمير إنساني واحد يرفض أن يموت الأطفال جوعاً تحت أنقاض منازلهم
"لا خبز في غزة ولا خجل في العالم" . . هذه العبارة تختزل المأساة كلها. فهل يبقى أمل في أن تستيقظ الضمائر قبل فوات الأوان؟ التاريخ سيسجل أن العالم في 2023-2025 وقف متفرجاً على واحدة من أبشع حلقات الإبادة الجماعية في العصر الحديث، وسيسألنا جميعاً...... أين كنتم؟

محمد الشافعى مقالات محمد الشافعى مأسأة فلسطين....ابادة شعب وموت ضمير الجارديان المصرية