خالد درة يكتب: بالعقل أقول…( هل ترامب بطل الحرب و بطل السلام !؟..)


فرض نفسه على الجميع حكاماً و محكومين بالقوة أوروبيين كانوا ، أم عرب ، أم أفارقة ، أم غير ذلك .. فقد وبّخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي و حقّر الرؤساء الأفارقة في البيت الأبيض و أهان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون و كل زعماء أوروبا وأثار رعبهم و فرض عليهم تمويل حرب أوكرانيا ..
فلا تخون التعابير الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، هو دائماً يقصد ما يقوله ، ليس رجلاً عفوياً تنساب الكلمات على لسانه على سجيتها .. بل هو أكثر تعقيداً مما يتوهم بعضهم ، و خطابه المتناقض ظاهرياً لا يوحي باضطراب من أي نوع .. سريع جداً لا يمكن اللحاق به ، صديقه اليوم قد يصبح عدوه غداً ، لا يماري ، و لا يساير إلا نادراً ، لا تقوده العواطف بل المصالح و المصالح فقط ، إلا إذا تعلق الأمر بإسرائيل ، فهذه لها اعتبارات خاصة في إيديولوجيته الدينية و السياسية و الاستراتيجية ..
"بطل السلم و بطل الحرب" هو دونالد ترامب .. حيث مهّد لولايته الثانية و استهلها بتأكيد أنه سيفرض السلام في العالم و سينهي حرب أوكرانيا و حرب الشرق الأوسط ، و ما زالت الحربان مستعرتين و مساعيه تصطدم بوقائع معقدة جداً .. هل كان يدرك ذلك أم أن شعارات السلام التي رفعها كانت مجرد دعاية كشف عنها طموحه اللاحق للحصول على جائزة نوبل للسلام؟ .. على كل حال مازال الوقت متاحاً أمامه للحصول على الجائزة الأثيرة ذات الطابع الإنساني إذا استطاع فعلاً فرض السلام في القارة الأوروبية و في فلسطين ..
فقد وبخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحقّر الرؤساء الأفارقة في البيت الأبيض و أهان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون و كل زعماء أوروبا و أثار رعبهم و فرض عليهم تمويل حرب أوكرانيا من جيوبهم و ليس من خزانة الولايات المتحدة .. و حارب الخصوم و الأصدقاء معاً .. و فرض ضرائب جمركية على الجميع : الصين البعيدة و كندا و المكسيك الملاصقتين لبلاده ، أوروبا و آسيا و أميركا الجنوبية ... حتى الدول الفقيرة غير ذات التأثير في الاقتصاد الاميركي لم تنجُ من زيادة تعرفاته الجمركية ... لبنان و سوريا و غيرهما ..
فبطل السلم يتباهي بأنه بطل الحرب .. لا يفوّت فرصة للتباهي بالضربة الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية "الساحقة الماحقة".. و يقول ترامب للصحفي الأميركي مارك ليفين المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أنا الذي أرسلت الطائرات" لضرب منشآت إيران النووية ... فقد "استعد الطيارون لمدة 22 عاماً ومنحتهم مكافأة ، و أحضرت الجميع إلى المكتب البيضوي ، كل من شارك في هذه العملية التي كانت مثالية للغاية و التي كانت بمثابة إبادة ، إبادة كاملة"..
و في المقابلة التي نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقاطع منها قال ترامب صراحة إنه و نتنياهو "بطلا حرب" واصفاً الأخير بأنه رجل "طيب" و من "الجنون" محاولة سجنه (يحاكم بتهم عديدة في إسرائيل بينها الفساد) .. يشمل ترامب بنيامين نتنياهو معه و يمنحه من رصيده في لحظة دولية يسقط العالم فيها الأهلية الأخلاقية عن الأخير بسبب حرب التجويع و الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني في غزة رافضاً أي تسوية للصراع القائم قبل تدمير القطاع بالكامل و تشريد من يتبقى من أهله و إعادة احتلاله من جديد و تصفية القضية الفلسطينية نهائياً و إلغاء أي ذكر لحل الدولتين رغم الاعترافات الدولية المتتالية بدولة فلسطين ..
فكلام ترامب عن نتنياهو يأتي في سياق عالمي ضاغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي ، و اختيار الحديث إلى الصحفي المقرب من نتنياهو ليس عبثياً و لا مصادفة في هذا التوقيت بالذات .. و لا يشذ ترامب في هذا السلوك عن أي من الرؤساء الأميركيين السابقين ، بل يمارس "الوفاء" الأميركي غير الخاضع للنقاش لمتطلبات إسرائيل المادية و العسكرية و الاستخبارية ..
فترامب "البخيل" مع العالم كله و الذي أوقف الدعم الأميركي لكثير من البلدان و المنظمات الإنسانية الدولية بذرائع متعددة يغطيها شعار "أميركا أولاً"، هو نفسه ترامب الذي واصل سياسة سلفه جو بايدن في فتح مستودعات الأسلحة الأميركية لإمداد إسرائيل بالقذائف و الصواريخ من خلال جسر جوي متواصل و خط بحري لا يتوقف ، حتى وصل الأمر إلى حد النقص الواضح في مخزونات الصواريخ في أميركا نفسها و هو ما دفع البنتاغون إلى طلب 3.5 مليارات دولار من الكونجرس لشراء صواريخ اعتراضية بعدما استهلكت حروب إسرائيل آلاف الصواريخ في منظومات الدفاع الجوي الأميركي "باتريوت" و"ثاد"..
و يبقى السؤال بعد ذلك و بعد كل هذا هل حقاً يستحق ترامب ليكون بطل الحرب أم بطل السلام؟