د. هاني المصري يكتب : لندنستان عاصمة الإخوان.. هل تحارب بريطانيا الإرهاب أم ترعاه


لم يعد خافياً أن بريطانيا لعبت دوراً محورياً في فتح أبواب أوروبا أمام جماعة الإخوان الإرهابية، عبر ما عرف إعلامياً بمشروع "لندنستان"، الذي حوّل العاصمة البريطانية منذ تسعينيات القرن الماضي إلى ملاذٍ آمن لقيادات وعناصر الجماعات المتطرفة الهاربة من الملاحقات القضائية في بلدانهم.
وبينما كانت الدول العربية والإسلامية تخوض حرباً شرسة ضد الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية، اختارت لندن منح تلك الجماعات غطاءً سياسياً وقانونياً، من خلال منح اللجوء، وتسهيل نشاطاتهم في المراكز الإسلامية، بل والتغاضي عن سيطرتهم المتزايدة على عدد كبير من المساجد والمؤسسات التعليمية في أوروبا.
أجندة خفية في الجامعات والمساجد
تشير تقارير غربية إلى أن الإخوان تمكنوا، بدعم ضمني من السلطات البريطانية، من التغلغل في الجامعات الكبرى والمراكز البحثية، مستخدمين خطاباً مزدوجاً: معتدلًا في العلن، ومتشدداً في دوائرهم الداخلية. هذا النفوذ أتاح لهم التأثير على أجيال من الشباب المسلم في أوروبا، ودفع بعضهم نحو مسارات التطرف، تحت مظلة حرية التعبير والعمل الأهلي.
حادثة السفارة المصرية في لندن.. نموذج حي
الأحداث الأخيرة أمام مبنى السفارة المصرية في لندن أعادت الملف إلى الواجهة، حيث حاولت عناصر تابعة للجماعة الإرهابية الاعتداء على المبنى وموظفيه، قبل أن يتصدى لهم أحمد عبد القادر ميدو، رئيس اتحاد شباب المصريين بالخارج. وبدلاً من معاقبة المعتدين، فوجئ الرأي العام بإلقاء القبض على ميدو نفسه، وهو ما أثار موجة غضب واسعة وتساؤلات عن المعايير المزدوجة التي تتعامل بها السلطات البريطانية.
ازدواجية المعايير.. حاضنة للإرهاب
المفارقة أن بريطانيا، التي تقدم نفسها كدولة رائدة في مكافحة الإرهاب العالمي، تغض الطرف عن التنظيمات التي تهدد استقرار الشرق الأوسط وأمن شعوب المنطقة. فهل هو مجرد تقصير أمني؟ أم أن هناك استراتيجية باردة تستغل هذه الجماعات كورقة ضغط سياسي في ملفات معقدة تتعلق بالهجرة، والطاقة، والتحالفات الدولية؟
وختاماً يا سادة
حادثة لندن الأخيرة ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من التناقضات البريطانية. فبينما تسوق لندن خطاباً عن مكافحة الإرهاب، تواصل عملياً توفير مظلة حماية لجماعة الإخوان ومثيلاتها، ما يجعل التساؤل مشروعاً: هل تحارب بريطانيا الإرهاب حقاً، أم أنها توفر له البيئة المثالية لينمو ويتمدد؟