حكايات مصيرية
الكاتب الصحفي الحسيني عبد الله يكتب شعار ”الكرة الذهبية” ـ ممنوع الفوز للأفارقة!!


مقدمة: جائزة تحت المجهر
تُعد جائزة الكرة الذهبية أهم الجوائز الفردية في كرة القدم، وتلقى النسخة الحالية ترقبًا شديدًا، نظرًا لصعوبة التكهن بالفائز بها. المثير أن قائمة المرشحين الحالية خلت من معظم النجوم العرب والأفارقة، وهو ما يسلط الضوء على قضية العنصرية التي تلاحق هذه الجائزة منذ عقود.
حفل الكرة الذهبية 2025: من فاز؟
في مساء الاثنين الماضي، 22 سبتمبر، اتجهت أنظار عشاق الساحرة المستديرة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لمتابعة حفل الكرة الذهبية على مسرح دو شاتليه.
تم تتويج النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي، جناح باريس سان جيرمان، بعد منافسة قوية مع كل من:
لامين يامال
فيتينيا
محمد صلاح
رافينيا
هذا الفوز يوضح أن التتويج لا يعتمد بالضرورة على الأداء الفني فقط، بل هناك حسابات أخرى تؤثر على اختيار الفائز. لو كان هناك قدر من العدالة، لكان النجم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول، هو المستحق للجائزة.
محمد صلاح حلّ في المركز الرابع، وهو أفضل مركز يحققه في تاريخه بعد أن حلّ في المركز الخامس مرتين (2019 و2022).
سؤال يطرح نفسه: هل النجاح حكر على فئة معينة؟
هل تتحكم في الموهبة اللون أو الجنس أو الدين؟ الإجابة المنطقية بالطبع: لا. فالنجاح والموهبة حق للجميع، لكن الواقع يشير إلى أن الفوز بجائزة الكرة الذهبية أصبح يمثل رمزًا للعنصرية.
الملايين من محبي كرة القدم في العالم العربي وأفريقيا يتمنون رؤية لاعب عربي أو أفريقي يفوز بالجائزة، لكن مجرد الحلم أصبح ممنوعًا، خصوصًا بعد أن شهدت الجائزة منذ تأسيسها في عام 1956 فوز لاعب أفريقي واحد فقط، وهو جورج وياه من ليبيريا.
المحاولات العربية والأفريقية
على مر السنوات، تم ترشيح العديد من النجوم العرب والأفارقة، لكنهم غالبًا ما يُستبعدون من القائمة القصيرة. وأقرب اللاعبين للفوز خلال الأعوام الخمسة الأخيرة كان النجم المصري محمد صلاح، ومعه السنغالي ساديو ماني.
محمد صلاح رفض حضور الحفل قبل ثلاث سنوات، بعدما علم من تسريبات صحفية أنه سيحل في المركز الخامس، مما يعكس إحساسه أو معرفته بعدم شفافية الترتيب. لم يكن غيابه الوحيد، بل رافقه عدد من نجوم القارة السمراء الذين رفضوا المشاركة، احتجاجًا على عدم العدالة في الاختيار.
الكرة الذهبية: تمني ومال
الجائزة تعكس أيضًا جانبًا تجاريًا واضحًا، فالمشاركة في الاستفتاء، المعروف نتيجته مسبقًا، تولّد ملايين الدولارات عبر الترقب والتمني بالفوز. الجمهور يتابع النتيجة، وينتظر الإعلان، مع العلم أن الفوز لن يتحقق غالبًا لأي لاعب عربي أو أفريقي.
حتى اللاعبون الذين اقتربوا من الفوز، مثل محمد صلاح وساديو ماني، اكتفوا بالجوائز الإنسانية مثل جائزة سقراط للأعمال الإنسانية، بينما غابت الكرة الذهبية عنهم بعد انتقالهم إلى دوريات أخرى.
شهادات من الواقع: جورج وياه
جورج وياه، الفائز الوحيد من أفريقيا بالكرة الذهبية في منتصف التسعينيات، تحدث بصراحة عن المعاناة مع العنصرية في أوروبا:
"أنا لا أفتخر أبدًا بجائزة الكرة الذهبية، فمنذ أن توجت بها وأنا أعاني من العنصرية."
وأشار إلى سخرية وسائل الإعلام والجمهور في ميلان:
"حتى داخل ميلان كانوا يسخرون مني ومن أفريقيا، ويرددون في كل مناسبة: هل بعتها لتشتري لهم الخبز؟"
وأضاف:
"الذهب الحقيقي ليس كرة تمنح للأفضل، بل أن تكون إنسانًا طيب القلب لا تجرح مشاعر الآخرين. الحقيقة أنهم يملكون العنصرية ولا يملكون الإنسانية."
القائمة النهائية للمرشحين 2025
وفق مجلة "فرانس فوتبول"، جاءت الترتيبات النهائية كما يلي:
عثمان ديمبيلي (باريس سان جيرمان)
لامين يامال (برشلونة)
فيتينيا (باريس سان جيرمان)
محمد صلاح (ليفربول)
رافينيا (برشلونة)
أشرف حكيمي (باريس سان جيرمان)
كيليان مبابي (ريال مدريد)
كول بالمر (تشيلسي)
جيانلويجي دوناروما (مانشستر سيتي)
نونو مينديز (باريس سان جيرمان)
بيدري (برشلونة)
من بين هؤلاء، جاء الثلاثي الإفريقي: محمد صلاح (المركز الرابع)، أشرف حكيمي (المركز السادس)، وسيرهو غيراسي (المركز الحادي والعشرين).
بين الخيبة والأمل
الكرة الذهبية ليست مجرد كرة تمنح للأفضل على أرض الملعب، بل هي انعكاس لحقائق سياسية واجتماعية وتجارية. ورغم ذلك، يظل الأمل موجودًا في قلوب الملايين من محبي كرة القدم العرب والأفارقة بأن يحين يوم يُكافأ فيه العدل والموهبة بلا تمييز.