الجمعة 26 سبتمبر 2025 11:53 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

هذا الصحابي الجليل في قصته العبرة والموعظة ، عبدالله بن مسعود رضي الله عنه هو صاحبي جليل وحقاً إنه جليل ،
والرجال ليست بالمظاهر فمن هو هذا الصحابي؟ ،فلنسمع من حبيب القلوب صل الله عليه وسلم لنعرف قدره قال : من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد (عبد الله بن مسعود) ، عبدالله بن مسعود كان يقرأ القرآن كما يقرأه جبريل غضاً طرياً كأنه يتنزل من الوحي الآن ،هذا الصحابي الجليل كما وصفه الصحابة قصير القامة ، أسمر اللون ، نحيف الجسد ، وقريش كانت تعامل الناس على الأمور الظاهرة ،وبما أن إبن مسعود بهذه الأوصاف ، لم تسمح لنفسها تسميه ( راعي غنم )
فأطلقوا عليه إسم رويعي الغنم (يعني أقل من مستوى راعي الغنم ، يعني راعي مصغر)، والسبب ؟! لأنه كان لا يرعى إلا في مواسم معينة مثل الصيف ، أما إذا كانت الرياح شديدة ، لا يخرج لأن الهواء لا يحمل العنزة ، ولكن الهواء كان يحمله هو من شدة نحافته رضي الله عنه وأرضاه ، فلا يستطيع أن يسرح بالأغنام خوفاً أن يطير من شدتها فسمي (رويعي الغنم) ، ولنأخذ صورة ثانية صادقة عن نحافته وصغر جسمه وكيف كان ملفت للنظر في أعين الناس !! لما هاجر النبي صل الله عليه وسلم إلى المدينة وكان واقفا في بستان أبي طلحة الأنصاري ،فوقع نظر الحبيب على قطف رطب ،فيدرك ذلك أبو طلحة ، يعني الرسول رأى قطف رطب على النخلة ، من نظرته عرف الصحابة أن النبي أحب ان ياكل منه، فقال أبو طلحة : بأبي أنت وأمي يارسول الله هل أحضره لك ؟!
قال له النبي صل الله عليه وسلم : نعم لا بأس ،فأسرع ابن مسعود مسرعاً قبل أبي طلحة ليكون هو من يحضر القطف للنبي صل الله عليه وسلم ،فصعد للنخلة متسلقاً عليها ، وهو يتسلق عليها والصحابة كلهم ينظرون إليه ،
فلما إرتفع فوقها كشف عن ثوبه فرأوا ساقي إبن مسعود (وكأنهم إصبعين وليس رجلين من نحافتهم)، فضحك الصحابة بصوت مسموع ، فقال النبي صل الله عليه وسلم لأصحابه : أتضحكون من دقة ساقي عبد الله ؟ قال :والذي نفس محمد بيده لساق عبدالله بن مسعود أثقل عند الله من جبل أحد ،ساق واحدة من سيقان عبد الله بن مسعود في ميزان الرجال عند الله يوم القيامة أثقل من جبل أحد ، عبد الله بن مسعود كان له منزلة كبيرة عند النبي صل الله عليه وسلم ، هذا الصحابي المعروف بضعف جسده وقصر قامته ، إجتمع الصحابة وقالوا : لم يجهر بالقرآن في قريش إلا رسول الله صل الله عليه وسلم ، هل من أحد منا يقرأ عليهم قالوامن يقرأ؟ ، فقال عبدالله بن مسعود : أنا أسمعهم القرآن !!
قالوا : لا .لا .نريد رجل أقوى منك يتحمل إيذاء قريش ويكون له عشيرة تمنعه إن لزم الأمر، قال :أنا بإذن الله سأتحمل ،وذهب إلى الكعبة وهو في الطريق ينادي يا آل فلان يا آل فلان .. ينادي على قبائل قريش ، لما سمعوا صوته قالوا :هذا إبن أم عبد كان يعرف بهذا اللقب لأن هو إسمه عبدالله وأمه تكنى به ، قالوا : هذا إبن أم عبد من أصحاب محمد لعله ارتد عن محمد ، وانطلقوا مسرعين خلفه ، وهم فرحين مسرورين ، لأن قريش يأسوا من أصحاب محمد ، رغم التعذيب والقتل لا أحد منهم يرتد عن هذا الدين فأعتقدوا أن ابن مسعود إرتد عن دين محمد، فأسرعوا جميعا ليسمعوا الخبر ، والذي كان عاجز عن الحضور كبير في السن أرسل غيره ليسمع له الخبر ،
فلما اجتمعوا حوله
والجميع يسأل هاتِ ما عندك يا ابن مسعود ؟ما الأمر ؟؟
فوقف رضي الله عنه على باب الكعبة وصعد أول الدرج وكان لها درج للباب ،وإجتمع الناس
وقال : إسمعوا مني ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم:
*{ الرَّحْمَن() عَلَّمَ الْقُرْآنَ() خَلَقَ الإِنسَان() عَلَّمَهُ الْبَيَانَ () الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ()وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ () وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ() أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ() وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ() وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ() فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ() وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ() فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }*
إلى آخر الآيات قرأ بالترتيل الذي شهد له فيه النبي صل الله عليه وسلم غضاً طرياً كأنهم يسمعون القران من لسان جبريل
قالوا : ما يقول هذا ؟؟
فقال البعض : كأنه يقرأ كما يقرأ محمد
فقام إليه فرعون هذه الأمة أبو جهل لعنه الله ،وكان أقواهم على الشر وأحبهم إليه ، فمشى حتى اقترب منه ، فلما رأى عبدالله بن مسعود أبو جهل يتقدم نحوه
تراجع وصعد على درج الكعبة ليكمل القراءة ، ولم يتوقف
فصعد أبو جهل ووقف أمامه ونظر إليه لا يعرف كيف يضربه فهو لا يتحمل الضرب ، فأمسك بأذنه ثم رفعه من على الأرض وهو يحمله من أذنه ،وكان أبو جهل ضخم الجثة رفعه من أذنه وقال : يا إبن أم عبد ، يا رويعي الغنم ، لم نسمع هذا من محمد بن عبدالمطلب حتى نسمعه منك أنت ؟؟!
ثم إنتشله فخرجت أذن عبدالله بن مسعود بيد أبو جهل وسقط جسده على الأرض (يعني قطع أذنه)، ثم ألقى إليه أذنه وقال :خذ هذه لعل محمد ينفعك، فحمل أذنه المقطوعة بيده ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجاء بها إلى النبي صل الله عليه وسلم والدماء تسيل على خده ، ودخل ونظر إلى النبي محزون ماذا يصنع ، وإذا بالنبي صل الله عليه وسلم يستقبله ضاحكاً وقال : هاتِ يا إبن مسعود ، فأعطاه إياها والحزن على وجهه فنظر النبي إليه وهو يبتسم ،أخذ الأذن ووضعها في مكانها ثم بل إصبعه الشريف بريقه ومشى به على آثار الجرح .. فإلتئم الجرح فوراً ،لذلك سطرت السيرة النبوية أن أول من جهر بالقرآن هو الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه .

طارق محمد حسين ( الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه) الجارديان المصرية .