دكتور رضا محمد طه يكتب : عدوي فيروسية تسبب عيوب خلقية في المواليد


طفل من كل 200 مولود في الولايات المتحدة الأمريكية يولد مصاب بعدوي خلقية بسبب الفيروس المصخم للخلايا Cytomegalovirus (CMV) ومن بين الأطفال المصابون سيصاب طفل من كل خمسة بعيوب خلقية، مثل فقدان السمع أو سيعاني من مشاكل صحية طويلة الأمد فضلاً عن الولادة المبكرة. أما العدي بالنسبة لمعظم البالغين بهذا الفيروس تكون بدون اعراض، لكن العدوي اثناء الحمل تشكل خطراً كبيراً علي الجنين وقد تكون قاتلة للأشخاص الذين يعانون من كبت المناعة بمن فيهم متلقي زراعة الأعضاء، وينتقل الفيروس عبر الاتصال المباشر وعير سوائل الجسم ومن خلال المشيمة من الأم للجنين مسبباً ولادة مبكرة، هذا وتبدو اعراض المرض علي الأطفال الرضع في صورة انخفاض في الوزن واصفرار الجلد أو العينين وتضخم في الكبد والطحال والتهاب الرئة.
الفيروس المصخم للخلايا ينتمي لمجموعة فيروسات الهربس يسبب تضخيم الخلايا المصابة معطيا إياها شكلا مميزا ومسؤول عن العيوب الخلقية الخطيرة، ويتبع الفيروس استراتيجيةللاختباء من مواجهة مناعة الجسم مستخدماً بروتين كقناع ومن ثم يستطيع أن يتسلل للخلايا وتفادي الجهاز المناعي ولذلك فإن التعرف عليه يجعل العلماء يضعون أيديهم علي المفتاح الذي سوف يوقف نشاط الفيروس. جاء هذا الكشف في بحث جديد أجراه باحثون من كلية الطب بجامعة بيتسبرج ومعهد لا جولا لعلم المناعة ونشر في مجلة نيتشر ميكروبيولوجي Nature Microbiology حيث اظهرت النتائج عن فرصة علاج فعال للفيروس المضخم للخلايا السبب الرئيسي للعيوب الخلقية، وكانت المحاولات السابقة لإنتاج لقاح ضد هذا الفيروس قد باءت بالفشل.
اكتشف الباحثون آلية جديدة يستخدمها الفيروس المصخم للخلايا من فيروسات الهربس والذي يصيب غالبية سكان العالم البالغين، يدخل الفيروس من خلالها الخلايا المبطنة للأوعية الدموية والمساهمة في أمراض الأوعية الدموية، وتوجد آلية مشتركة بين جميع فيروسات الهربس، الجديد ان الفيروس المصخم للخلايا يستخدم مفتاحاً جزيئيا آخر يسمح للفيروس بالتسلل عبر بوابة جانبية والهروب من دفاعات الجسم المناعية الطبيعية، ما يفسر فشل الجهود المبذولة لتطوير علاجات وقائية ضد هذا الفيروس حتى الآن.
تسلط هذه الدراسة الضوء على آفاق جديدة لتطوير أدوية مضادة للفيروسات في المستقبل بعد هذا الاكتشاف، كما تشير إلى أن فيروسات أخري من عائلة الهربس مثل فيروس ابشتاين بار وفيروس جدري الماء أو الجديري والتي يمكن أن تستخدم بروتينات أو هياكل جزئية في التخفي بهدف الانتشار من خلية مصابة إلي أخري مع تجنب اكتشافها من قبل جهاز المناعة.
أطلق فريق البحث علي البروتين إسم GATE والذي يستخدمه الفيروس المصخم للخلايا لاختراق الخلايا للأوعية الدموية والتسبب في تلف داخلي، مع منع الجهاز المناعي بالجسم من التعرف على علامات العدوي لذا يأمل الباحثون في تحسين استراتيجية جديدة تستهدف GATE وهي الفرصة الكبيرة لمكافحة عدوي هذا الفيروس بحيث يمكن تطوير لقاحات مضادة للفيروسات تمنع دخول الفيروس للخلايا وكذلك سوف يسمح بمكافحة العديد من الأمراض التي يسببها هذا الفيروس سواء لدي الأجنة أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.