دكتور رضا محمد طه يكتب: الأسبرين وفائدة كبيرة لمرضي سرطان القولون


عوامل الخطر المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم عديدة، منها الوراثي والبيئي، ونمط الحياة مثل الإكثار من تناول اللحوم الحمراء والمصنعة والتدخين والتعرض للتلوث بجسيمات البلاستيك الدقيقة نظراً لتزايد منتجات البلاستيك في حياة الإنسان، والتي ثبت وجودها في أعضاء الجسم المختلفة حتي المخ، ويؤدي تواجدها في الأمعاء إلي تغيير في درجة الحموضة pH حيث تؤثر على التمثيل الغذائي وتسبب خلل في التوازن الميكروبي ومعها مشاكل صحية بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم، الأمر الذي يسعى العلماء في استحداث علاجات جديدة، والتي أكتشف منها مؤخرا الأسبرين.
الأسبرين عرف منذ عقود واستخدم في علاج وتخفيف الألم والحمي والالتهاب حيث يحتوي على حمض استيل ساليسليك وينتمي إلي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية NSAIDs ويبدأ مفعوله في غضون نصف ساعة ويستخدم بجرعات منخفضة تجنباً لحدوث تجلط في الدم، وأغلب آثاره الجانبية الشائعة تتمثل في مشاكل بالمعدة وزيادة احتمالية النزيف لذا يحذر العلماء الأشخاص الذين يعانون من قرحة المعدة أو اضطرابات النزيف أو الربو بأن عليهم تجنب تناول الأسبرين قدر الإمكان، ونظراً إلى أنه متوفر ورخيص يتم استخدامه دون وصفة طبية من ثم يجب الحذر خاصة عند وجود عوامل أخرى لتخفيف الدم أو الكحول.
مؤخرا كشف العلماء أن الأسبرين علاج مذهل لسرطان القولون والمستقيم وسوف يحدث نقلة نوعية في رعاية مرضى السرطان، وهذا ما أكدته دراسة اسكندنافية أجريت في معهد كارولينسكا ومستشفى الجامعة هناك، ونشرت في مجلة نيو انجلاند الطبية ، أكد الباحثون فيها أن الأسبرين يقلل من خطر عودة سرطان القولون والمستقيم لدي المرضى ذوي الاستعداد الوراثي، ووصلت نسبة نجاح الأسبرين في التقليل من خطر عودة السرطان إلى النصف بعد الجراحة خاصة للمرضى الذين يعانون من نوع معين من الطفرات الجينية في الورم تسمي طفرات مسار إشارات بي أي كيه PIK3، وتوجد هذه الطفرة لدى 40% من مرضى سرطان القولون ، ولأن هذه الجينات تقوم بتنظيم عمليات خلوية رئيسية مثل النمو والانقسام، وأي طفرة فيها تؤدي إلى خلل في العمليات الخلوية مسببة انقسام خلوي غير منضبط وتطور السرطان.
أكثر من 2 مليون شخص يتم تشخيصهم بسرطان القولون والمستقيم كل عام، 20-40% منهم يحدث لهم إنتشار المرض أي النقائل ما يجعل العلاج صعباً ويفاقم من خطورته، إذا قام فريق البحث باختيار مفعول جرعة يومية من الأسبرين 160 ملليجرام لمدة ثلاث سنوات علي مرضى سرطان القولون والمستقيم بعد الجراحة والذين يحملون طفرة PIK3، حيث انخفضت لديهم الخطر في تكرار الإصابة بنسبة 55% مقارنة بالذين لم يتناولوا الأسبرين ، حيث يعمل الأسبرين على تقليل الالتهاب وتثبيط وظيفة الصفائح الدموية وتقليل نمو الورم مما يؤدي إلى إيقاف السرطان.
في هذا السياق حذر الباحثون من أن الأسبرين حتي في الجرعات المنخفضة ليس حميداً كما يظن البعض، حيث لوحظ آثار جانبية خطيرة مرتبطة بالأساس بحدوث نزيف بنسبة 5.2% أعلي في مجموعة المرضى الذين تناولوا الأسبرين مقارنة بمجموعة الدواء الوهمي لذلك ينصح بعدم تناول جرعات زائدة منه واستشارة الطبيب.