الجمعة 29 مارس 2024 12:27 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الكاتبة الكبيرة نور قزاز تكتب : ( لن اكرر نفس الفشل مرتين )

الكاتبة نور قزاز
الكاتبة نور قزاز

عادت معه الى منزله إذ لم يكن من الممكن أن تعود الى بيت العجوز خشية أن تفوح منها رائحة الخمرة. أدخلها إلى غرفة نوم الضيوف وقال لها: إليكِ غرفتكِ، ثم طوَّق خصرها. ظل ينظر في عينيها فاحمرّت خجلاً. التصق بها وهمس بصوت خفيض رقيق :
إذا شعرت وحدك بالبرد تعالي
وتركها وغادر إلى غرفته.
ارتبكت في حيرة وشعرت بمشاعر متضاربة بعد سماعها كلماته، فأوحت اليها بهجتها أن هذا ليس كل شيء فانتابتها رغبة جارفة بتذوق المزيد وبعد دقائق لحقت به وكان في فراشه وقد برقت في عينيها جرأة دخيلة فقالت: أشعر بالبرد، فرفع الغطاء فاتحاً ذراعيه قائلاً: تعالي. ارتمت بين ذراعيه ورفع فوقهما الغطاء.
استيقظت صباحاً ووجدت نفسها بقربه وأدركت ما حدث بينهما من علاقة. أخذت تصرخ وتلومه وقامت بلف الغطاء على جسدها وبدأت في البكاء وهي في حالة هستيرية. اقترب منها وضمها بقوة ليهدئها: كفى عزيزتي هدئي من روعك، شربتِ بإرادتك وكنت هنا بإرادتك وكل شيء كان بإرادتك، تعلّمي ان لا تندمي واغتنمي لحظات المتعة، اللحظات السعيدة تنساب بسرعة وعلينا الشعور بها وتذوق حلاوتها
- ما هذا الذي تقوله؟ انك تعيش كما يحلو لك دون حسيب أو رقيب، أنت مخيف ليس لك رادع. ظننتك ستساعدني لأكون أقوى لا أن اصبح عاهرة
- العهر هو أن تبيعي جسدك من أجل المال أو أية مصلحة ما. ولكنك كنت صادقة جداً، كنتِ بقربي بإرادتك واستمتعنا كثيراً، ألم اقل لك سابقاً دعك من مصطلحات المجتمع ومن العادات والتقاليد، ومن الصح والخطأ؟ انها تعاريف تم وضعها لضبط المجتمع فقط وسهولة السيطرة لتنظيم الجموع البشرية كما يحلو لهم، العاهرة يا ليليا من ضاجعت رجلا وهي له كارهة حتى إن كان زوجها ضاجعته كشرطٍ من شروط إستمرارعقدٍ بدعوى أنها لا تتحمل تبعات فسخه مجتمعياً وعائلياً لفظ العاهرة ينطبق على كل امرأة سلمت روحها وجسدها لذكرٍ لا تحبه ولو كان زوجها...
ما أكثر الجواري وما أقل سيدات الخصب...
بسبب عادات مجتمعها الذكوري وتقاليده، بسبب نفاقها وخوفها من كلام الناس، في مجتمعنا يُستَخدَمُ لقبٌ العاهرة للنيل من كل امرأةٍ حرة رفضت المشي مع القطيع..
ان لحظات المتعة الحرة هي اللحظات الحية النابضة في حياة الانسان ويقاس عمره بها ، كنتِ مذهلة، شعلة من الرغبة، وأخذ يلاعب شعرها ويقربها منه: إن ما نشعر به من مشاعر جميلة قادر على أن يقلب الخطأ إلى صح ، فقامت بدفعه بقوة قائلة:
- إن لم تبتعد سأقتلك، حقير، لو تركتني أن أختار ذلك بوعي وليس تحت وطأة تأثير الخمر، لا أنكر أني كنت معجبة بك ولكن ليس لدرجة أن أمنحك جسدي. جميعكم كلاب، أنانيون تحبون أنفسكم فقط.
نهض غاضباً وألقى ببضع كلمات قتلتها معنوياً:
- الحرية لا تليق بكِ. خُلقتِ لتكوني جارية ليست قادرة على قيادة نفسها ورغباتها، لقد نلتِ تربية العبيد والجواري ولا تقدرين إلا ان تكوني خاضعة لأفكار متخلفة تم تلقينك بها وأصابت فكرك بالجمود، كنتِ سعيدة جداً البارحة لانك كنتِ حرة من سيطرة الفكر، كنتِ على فطرتك. حاولت أن أفهمك بأن كل ما يتناغم مع رغباتك هو صحيح ومناسب لك، يتوجب عليك التماشي مع قراراتك الجديدة وتصرفاتك الجديدة طالما اردت التغيير، ان المغفلين وحدهم يعتمدون بأفكارهم على ملصقات مسبقة عن الصح والخطأ بخصوص علاقاتهم ، يجب ان تحرري عقلك اذا أردت نسق الحياة الغربي فمن المستحيل أن تعيشي أنصاف النماذج، كان عليك أن ترتاحي بالنموذج الشرقي للمرأة التابعة وكان عليك أن تقبلي بأن تكون لك شريكة في زوجك ،أنت الان محطمة لأنك في عقلك الباطن أردت لعلاقتنا نموذجاً غربياً ولكن لم تستطيعي أن تكملي كل أجزائه وتريدين نهاية شرقية، قرّبتك مني لما أملاه علي قلبي تجاه مغناطيسيتك القوية، التمست عندك طاقة قوية تحتاج للصقل لكنك لم تطيقي معي صبراً.
استعد للذهاب وتابع قائلاً: ابحثي عن عمل آخر، انتهت فرصتك معي، لانك تجرأت عليّ بوقاحة. أنا لم أجبرك على شيء، جئت لفراشي بإرادتك ثم تلقين عليّ التهم وتشتميني. لن أرد عليك الآن لأن ما يشغلني أهم منك بكثير.( قد أفشل ولكن لا يمكنني أن أكررنفس الفشل مرتين ) جيفارا
غادرها وهي تبكي بمرارة فانهالت بكتابة رسائل شتائم اليه في برنامج الوتس اب : "مهما كتبت لن أوقظ فيك النخوة. أنت شخصية غريبة، كريم ورقيق بلا حب ولا تعلق كيف تستطيع أن تفعل ذلك. بذلت جهدي أن أجعلك تحبّني لكنك غريب جداً. لقد عانيت وتذوقت في حياتي اقسى مشاعر الخذلان ولكن وقعها كان أخف علي من شعوري بأن شرفي قد تدنس. سأفضحك لانك استغليت ضعفي وسذاجتي" .

#رواية( ليليا.. رحلة البحث عن الذات )

#نورقزاز