الجمعة 29 مارس 2024 09:10 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وصفى هنرى يكتب من فيينا : وداعا أسد النيل

الكاتب الصحفى وصفى هنرى
الكاتب الصحفى وصفى هنرى

عندما تزوجت سوزى Susanna Stirton " أم الأولاد " وهى زوجتى الاولى فى يوليو 1984 و وعندما انتقلت معى إلى منزلى كانت حينئذ فى التاسعة عشر من عمرها , وعندما بدأت فى ترتيب كتبها على الرفوف لمحت غلاف كتاب عليه صورة فتاتان احداهمه ملثمة بكوفية تشبه الكوفية الفلسطينية والثانية عارية الشعر فسألتها عن اسم الكتاب فأجابت Tschador , وهو يعنى الحجاب بالالمانية ثم أردفت أن لديها كتابان آخران مترجمان عن العربية Ich bin eine Frau aus Ägypten " سيدة من مصر " لجيهان السادات ورواية نجيب محفوظ Die Midaq-Gasse زقاق المدق .. سألتها عن مؤلفة كتاب الحجاب فأجابتنى انه للكاتبة نوال السعداوى فهتفت مهللا صارخا تملكين كتابا للسعداوى فأجابتنى انها من اشد المعجبين بها لأنها من اشرس النساء المدافعين عن حقوق الإنسان والديموقراطية وحرية المرأة وخاصة المرأة العربية وأنها قد قرات لها كتابين من قبل احدهما مترجم للإنجليزية والثانى بالألمانية .. جدير بالذكر ان سوزى كانت قد فرغت لتوها من الثانوية العامة و كانت تنتظر البدء فى دراستها الجامعبة .
بعدها بسنتين فى سبتمبر 1986 نشر مقالا عن نوال السعداوى فى احدى الصحف الآلمانية بعنوان أسد النيل Nawal el Saadawi: Die Löwin vom Nil ذٌكر فيه ان بعض كتبها ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة وان شهرتها ذاعت ليس فى الوطن العربى فحسب لكن على مستوى العالم أجمع .
مر ميلاد هذه السيدة العظيمة مرور الكرام فقد ولدت فى 27 أكتوبر من العام 1931 , وقد إنتهت من دراستها فى كلية طب القصر العينى 1955 وعينت كطبيبة امتياز ونائبة جراحة وتخصصت فى الامراض الصدرية لكن ما لبثت ان اصدرت وزارة الصحة 6 قرارات بفصلها من عملها وذلك لأفكارها المتحررة ومع ذلك لم يثنيها ذلك عن عزمها والمضى قدما فى نشر آرائها التى لم تحيد عنها فقد ثبتت على مبادئها ودافعت عنهاحتى الآن .
كنت ادرس فى نهاية المرحلة الابتدائية فى كتب التاريخ عن قاسم أمين محرر المرأة 1863- 1908 وهو يعد بحق أحد رواد تحرير المرأة ثم تلته أسماء لنساء لامعات فى هذا المجال مثل صفية زغلول , نبوية موسى , هدى شعراوى وسيزا نبراوى ثم تلتهما درية شفيق وغيرهن كثيرات
لو لم نزيف التاريخ ولم يتمكن الغزو الوهابى من تغيير مناهج التعليم لكانت كتب الدكتورة نوال السعداوى تدرس الآن فى كل مراحل التعليم أو هكذا كنت اتمنى . نتفق او نختلف على ما تطرحه السعداوى من قضايا يصف البعض بعض كتابتها بالشطط لكن الحقيقة هى تعتبر علم من أعلام الأدب المدافع بصفة خاصة عن حرية المرأة ثقافتها العالية وفلسفتها فى الحيةو جرأتها وثباتها على مواقفها وشراستها فى الدفاع عن آرائها المتعلق بحرية المرأة طوال اكثر من ستين عاما .. جعل صحيفة المانية تطلق عليها منذ 30 عاما لقب "أسد النيل "
الدكتورة (نوال السعدواي) رحلت الان فى التسعين من عمرها وهى التى اختارت من بداية حياتها المصالحة مع الذات .
دكتورة نوال السعداوى ستظلين فى القلب