الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب: قرار حكيم وهام لمجابهة التعدي على الهوية المصرية


مما لاشك فيه أن الدراما تعتبر من بين أدوات التعبير المثلى في المجتمعات التي بلغت درجة متقدمة من نضج الوعي الثقافي، والتي تمتلك هامشا كبيرا من الحرية تمنح بموجبه لأفرادها فرصة التعبير الحر عن ما يدور في خلجاتهم ، وأن يستخرجوا مكنوناتهم ومكبوتاتهم، وأن يفجروا إمكاناتهم الكامنة، وأن يضعوا كل ما في المجتمع من أمراض سيكولوجية واجتماعية على محك النقد والتقويم طالما التزم ذلك بصدق التوجه ، وطالما كان أسلوب العرض والنقد أسلوباً راقياً.
وعليه : فإن الدراما تعد قوة ثقافية مؤثرة فى المجتمع لا يستهان بها وذلك بسبب انتشارها الواسع وقدرتها على تحريك مشاعر المتلقين ، حيث تنفذ الرسالة الدرامية إلى جماهيرها وتؤثر فيهم بإسلوب غير مباشر.، وفي كثير من الأحيان تسهم في عملية البناء القيمى للإنسان بشرط أن
تشتمل على مضمون جيد وهادف يعكس واقع القضايا والمشكلات في المجتمع.
لذا قامت الدولة بدعم هذا القطاع الهام أملأ في في نشر الوعي وبث القيم والسلوكيات الإيجابية الداعمة لضبط السلوك العام علي بوصلة القيم المجتمعية.
ونظر لتزايد أعباء الدولة وارتفاع إنتاج الدراما تدخل القطاع الخاص في الإنتاج ، ورغم نجاحه في صناعة محتويات جيدة إلا أنه ـ وللأسف الشديد ـ وقع في فخ خطير وعميق ـ سواء عن عمد أو بغير عمد ـ الانجراف إلي إنتاج محتويات تعلي من سلوكيات معادية لما فطرت عليها الشخصية المصرية التي تجذرت فيها منذ القدم المسحة والصبغة الدينية والأخلاقية ، حتي بات معظم المخرجات الدرامية مدعمه بالتحلل الخلقي وأصبح العامل المشترك لكل الأعمال الدرامية متعلق بالبلطجة والفجور وأشياء دخيلة علي المجتمع المصري بشكل فج !! والأنكي من ذلك الإدعاء بأن سبب إنتاج هذا الأعمال جاء نتيجة توافقية لما يحبه الجمهور !! ولعمري أنه جرم بحق غالبية الشعب التي تري فيه خروجاً علي الثوابت .
الأمر الذي جعل دراسة ما تقدمه الدراما الاجتماعية أمر ضروري وهام للوقوف علي الإيجابيات و السلبيات الحالية والمستقبلية لمحتوي المخرجات الدرامية ، وليت الأمر ليتسع ليشمل المخرجات الإعلامية ( برامج ، إعلانات) بحيث يكون كل محتوي تلك المخرجات مصوب تجاه زيادة النضج واكتساب الوعي واعلاء القيم الأخلاقية.
أستطيع أن أقول وأنا مرتاح الضمير أن القرار الحكيم للقيادة السياسية ببحث مخرجات الدراما ومدي توافقها مع إرساء دعائم الهوية الوطنية ، قرار حكيم وشجاع ولا يقل بحال من الأحوال عن القرارات المصيرية ،بل أنها تدخل في حيز القرارات (بالغة الأهمية) لتعلقها بالأمن القومي الفكري الذي يحافظ علي الشخصية المصرية المعتدلة من الاستلاب والمسخ !
افهم ويفهم غيري بأنه تشكيل لجنة لبحث محتوي ما تقدمه الدراما لا يستهدف من قريب أو بعيد وضع الأغلال أو تقليم اظافر أو كسر أجنحة الدراما، وانما يستهدف الحفاظ على الهوية والانتماء المصرى ، ويستهدف أيضا ألا تكون الدراما أداة طيعة تستجيب لأفكار مموليها ، بعيداً عن الثوابت الوطنية الحاكمة والضامنة والمحافظة على الهوية المصرية.
تحية إكبار لأولي الأمر الذين فطنوا إلي طبيعية المرحلة وما تتطلبه من قرارات تجابه محاولات التعدي علي الهوية الوطنية ذات الأبعاد الأخلاقية.