أسامة محمد يكتب : هل نعيش تحضراً حقيقياً أم مجرد وهم.؟!


في عالم يشهد أحداثاً متسارعة من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية نواجه تساؤلاً مهماً هل نحن حقاً نعيش في تحضر حقيقي؟ نسمع عن تقدم التكنولوجيا والمدن الذكية والتطورات الطبية التي قد تغير حياة البشرية وابتكارات في مختلف المجالات أحدثت طفرة غير مسبوقة ولكن في ذات الوقت نرى الحروب والنزاعات تتفجر من جديد وتملأ الأزمات أنحاء العالم فهل نحن في طريقنا إلى تحضر حقيقي؟ أم مجرد غطاء حضاري يخفي تحته كثيراً من التناقضات؟
ولو تأملنا المفهوم التقليدي للتحضر نرى أنه لا يتوقف عند التطور المادي بل يمتد ليشمل تحسن سلوكيات الإنسان وقيمه وحقوقه لا يمكننا أن نتحدث عن تحضر حقيقي في عالم يعاني من كل هذه الأحداث المتناقضة والمختلفة وعلى الرغم من أن التكنولوجيا قد تسهم في تقدم المجتمع على المستوى المادي فإن تحضر الإنسان لا يتحقق إلا عندما يتعامل مع هذه التحديات بشكل أخلاقي وإنساني فعلى سبيل المثال نجد أن العديد من الدول المتقدمة قد توصلت إلى أحدث الأساليب التكنولوجية لكنها ما زالت تعاني من مشكلات اجتماعية.
لنرجع بالتاريخ قليلاً إلى الوراء إلى بدايات القرن العشرين في الحرب العالمية الأولى ثم في الحرب العالمية الثانية لعب العلماء دوراً كبيراً في تطوير تقنيات العسكرية المختلفة ولكن هذا التقدم لم يخدم الإنسانية بل أدى إلى تدميرها.
واليوم ورغم ما نملكه من تطور تكنولوجي مدهش لا نزال نرى الحروب تدور والانقسام يتزايد والفجوة بين الفقراء والأغنياء تتسع إن تحضر الإنسان لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن مقروناً بقيم أخلاقية وإنسانية من وجهة نظري لنحمي هذا التقدم من التحول إلى وحش يهدد العالم والبشرية بأكملها.
ولذلك، لا يكفي أن نعيش في عصر التكنولوجيا والسرعة دون أن نرتقي بأرواحنا وسلوكنا التحضر الحقيقي هو أن نحيا بقيم التسامح والمساواة والكرامة وأن نستخدم العلم لا لتدمير الآخر بل لبناء عالم أفضل وإذا استمررنا في السعي وراء التطور التكنولوجي فقط فإننا سنبقى في دائرة الوهم مهما بلغت إنجازاتنا.
فالتحضر لا يقاس بما نملك من تقدم مادي، بل بما نمنحه من وعي وسلوك فهو يبدأ من الإنسان ذاته حين يعلي من شأن القيم ويجعلها جوهر كل تطور.