الخميس 15 مايو 2025 07:01 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد الشافعى يكتب : زيارة ترامب لدول الخليج... صفقات وهدايا مقابل الحماية

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

عندما زار الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" دول الخليج في مايو 2017، كانت الزيارة الأولى له خارج الولايات المتحدة بعد توليه الرئاسة، مما أبرز الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في السياسة الأمريكية. لكن الزيارة اتسمت بالبهرجة والصفقات التجارية والعسكرية الضخمة، بينما غابت عنها مناقشة القضايا الإقليمية الملحة مثل الصراعات في ( غزة، اليمن، ليبيا، السودان، وأزمة سد النهضة الإثيوبي).

فهل كانت الزيارة مجرد صفقة تجارية أم بحثًا عن تحالف استراتيجي؟ وأين كانت هذه الزيارة من الأزمات الإقليمية المشتعلة؟

** الصفقات الخليجية: هدايا مالية وعسكرية ضخمة

ركزت زيارة ترامب على الجانب الاقتصادي، حيث أعلنت "المملكة السعودية" وحدها عن صفقات أسلحة أمريكية بقيمة 110 مليار دولار، مع وعود باستثمارات تصل إلى 350 مليار دولار على مدى سنوات. كما حصلت الإمارات وقطر على صفقات عسكرية كبيرة. في المقابل، لم تقدم دول الخليج هذه الصفقات مجانًا، بل كانت تبحث عن ضمانات أمريكية، سواء في مواجهة " إيران" أو في تعزيز شرعية نظمها السياسية. ، وقد وصلت الهدايا الخليجية لترامب وأمريكا لأكثر من ترليونى دولار وهدايا أخرى .

** لكن السؤال الأهم: هل كانت هذه الصفقات مقابل تحالف استراتيجي أم مجرد شراكة مؤقتة؟ الواضح أن ترامب رأى في الخليج سوقًا مربحًا للسلاح والنفط، بينما رأت الدول الخليجية في الولايات المتحدة حاميًا ضد أي تهديدات إقليمية أو كما يردد ترامب دائما أنه يحمى دولا عديدة ويطلب منهم الصفقات .

** غياب الحلول للأزمات الإقليمية

على الرغم من أن الشرق الأوسط كان يعاني من أزمات كبرى خلال فترة ترامب، إلا أن زيارته تجاهلت تمامًا مناقشة حلول جذرية لأي منها:

- ( غزة ) : لم يقدم ترامب أي حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سوى "صفقة القرن" التي تجاهلت حقوق الفلسطينيين.

- ( اليمن ) : استمرت الحرب بدعم أمريكي دون أي ضغوط جدية لوقف إراقة الدماء. ، وما يقوم به الجوثى المدعوم من ايران فى القرن الأفريقى وتهديد الملاحة البحرية بالبحر الأحمر .

- ( ليبيا والسودان ) : لم تكن هناك رؤية أمريكية واضحة لإنهاء الصراعات هناك حيث قامن قبل وصول ترامب نزاعات عرقية داخل ليبيا ، ومن قبلها ما يفعله الصراع داخل السودان بدعم من بعض الدول فى المنطقة .

- ( أزمة سد النهضة) : لم يتدخل ترامب بشكل فعال لضمان حقوق مصر والسودان المائية، مما يزيد من تعقيد الأزمة. وهو الذى كان له رأيا قويا ضد أثيوبيا وكان موقفه وموقف إدارته فى صالح الحقوق المائية لمصر والسودان ، لكنه لم يتطرق أو يتحدث فى تلك الأزمة التى هى الحياة لأكثر من 160 مليون نسمه فى أكبر المناطق اشتعالا وهو رئيس ما يسمى بالعالم .

** فلماذا لم تناقش الزيارة حلولًا لهذه الأزمات؟

السبب الرئيسي هو أن إدارة ترامب نظرت إلى الخليج من منظور " اقتصادي-عسكري" بحت، وليس من منظور حل النزاعات. أولويات ترامب كانت:

*تعزيز الصناعة العسكرية الأمريكية عبر صفقات السلاح.

*تقوية التحالف مع إسرائيل ومواجهة إيران دون الاهتمام بتداعيات ذلك على المنطقة.

*تجاهل القضايا الإنسانية مثل حرب اليمن أو أزمة غزة أو مايحث بالسودان وليبيا لأنها لم تكن ضمن أجندته السياسية.

** وفى الأخير هى زيارة للربح لا للسلام

زيارة ترامب للخليج كانت نموذجًا للسياسة الأمريكية التي تتعامل مع المنطقة كسوق للسلاح وكمصدر للنفط، دون أي التزام حقيقي بحل النزاعات أو تحقيق الاستقرار. التحالف الذي قدمته دول الخليج كان مبنيًا على التصدى لأطماع إيران الصامنة الآن وليس على شراكة استراتيجية طويلة الأمد.

والنتيجة؟ مزيد من التسلح، ومزيد من الصراعات، وغياب أي رؤية أمريكية لسلام حقيقي في الشرق الأوسط.

ويبقى .. متى ستتحول العلاقة بين أمريكا والخليج من علاقة بيع سلاح وشراء حماية إلى شراكة حقيقية لصنع السلام فى المنطقة