الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : جائحة ثقل الروح !!


أنبئوني بربكم : هل تستطيع أية جهة رصد وتعداد ثقلاء الأرواح في المجتمع ؟
أزعم بأنه ليس في مقدور أي جهة القيام بهذه المهمة الشاقة ، لعدة أسباب .أولها :أن الرجل أو المرأة قد يكون حسن المظهر ، ولكنه عند التعامل معه والحديث إليه يظهر ما يخالف ما عليه من مظهر !!
وعليه ، فلا يظهر ثقل الروح إلا التعامل والتحاور ، وثقيل الروح هو ثخين الطبع، المخالف في المشرب، البارد في تصرفاته، البغيض الذي لا يحسن في كلامه ، ولا يحسن في انصاته ، ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها !!
ورحم الله الإمام الشافعي حين قال: «ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر» !!
ولما لا ؟ أليس من أسباب الكدر والنكد مجالسة الثقلاء ، ألم يقال من قبل : "من نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته ومخالطته، ؟ فمن ابتلي بذلك فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا».!!
فاسمعوا وعوا ، وإذا وعيتم فانتفعوا ، إن مجالسة الثقلاء تجلب الأسقام وتضعف الأبدان وتورث الأحزان وتهد الأركان
وأن لكل شيء حمى وحمى الروح النظر إلى الثقلاء. والثقيل هو ليس ثقيل البدن بل هو من يكون ثقيلا على الأرواح و القلوب من حيث طبعه وكلامه وعمله ومنظره. وقد يكون ثقيلا على النفس في المعنى كثقل الصخر على الأجسام.
وللثقلاء عدة صفات وهي الفضول وقلة الحياء والسؤال عما لا يعنيه مما يؤدي إلى إحراج الآخرين، وكثرة الضحك ومواجهة الناس بالكلام المؤذي فيكسر قلوبهم ويجرح مشاعرهم ، وغيرها من الصفات المذمومة.
.يروى إن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ان الثقلاء ذكروا في اية من القرآن الكريم.، حيث قال تعالى : “فإذا اطعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث” وورد في الحديث الشريف في ذم الثقلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أن ابغضكم إلى الله ابغضكم إلى الناس”
لذا يجب على الإنسان أن يكون خفيف الظل لطيف الروح رقيق الحاشية ، بحيث تكون مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة. وتكون مخالطته كالدواء يحتاج اليه عند المرض والحاجة ، فلا يثقل على إنسان بزيارته في وقت غير ملائم ، ولا يثقل في الطلب ، ولا يسأل بسماجة ووقاحة ، فإن المؤمن لا يكون ثقيلا أبدا ، بل المؤمن كما قال رسول الله عليه وسلم : هين لين ، والمؤمن هش نش ، والمؤمن إلف مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ، وقديما كان السلف يعتبرون الشخص الثقيل لعنة ونكبة ، فكان الواحد منهم إذا رأي ثقيلا قال : اللهم اغفر له وأرحنا منه ، وقال آخر عنهم : إذا كان عن يسارك ثقيل وأنت في الصلاة فتسليمه عن اليمين تكفيك ، وقال ثالث في معرض إجابته عن سؤال : هل تمرض الروح ؟ قال نعم ، تمرض من ظل الثقلاء ، من ( ظل) وليس بالشحم واللحم وثقل الدم !!
أفهم ويفهم غيري , أن كل إنسان تعجبه طباعه ، ويحس بخفة في روحه ، ولا يعد نفسه البتة من الثقلاء ، وقديما قال البلك بضم الباء وهو ( رجل كبير كنت أجالسه في شبابي كان معروف بنقمته علي الثقلاء) ثقيل الدم سمج ، تتورم الأنف من ريحته ، وتضطرب المعدة من جلسته !!
فتعوذوا بالله من أن تكونوا من ثقلاء الأرواح ، لأن عناية العلي القدير إذا لاحظت فريقا من الناس سمت بهم وخفت أرواحهم ، وباعدت بينهم وبين ثقل الروح ، .
تبقي كلمة ؛
أليس عاراً من صميم العار أن يتبوأ ثقلاء الأرواح المنصات الإعلامية ، وجل القنوات التلفزيونية ، في وقت دعت فيه القيادة السياسية إلي الإهتمام بالاعلام والإعلاميين .
ويساق العار موفورا مكررا لكل قناة أو منصة إعلامية تبقي علي مذيع أو كاتب ثقيل الروح للمحاباة والمجاملة ، فكم طالبنا مراراً بتنقية الأجواء الإعلامية من ثقلاء الأرواح ولكن هيهات هيهات!!؟