الأربعاء 10 سبتمبر 2025 10:49 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

عصام بيومى يكتب: ”جهاز السامسونج العالمي” يتعطل.. إعلاميون يهود ينتقدون إسرائيل!

الكاتب الكبير عصام بيومى
الكاتب الكبير عصام بيومى

كنت قد انتهيت من مقال آخر في تتبع عملية تنفيذ خطة "إعادة الضبط العالمي" (global rest)، لكن صادفتني تفاعلات لقاء مهم بين إعلاميين يهوديين لهما وزن كبير. اللقاء يفيد، إذا لم يكن مصنوعا لذر الرماد في العيون، بأن فكرة "جهاز السامسونج العالمي" التي ناقشتها سابقا قد تتعطل. وتتلخص الفكرة في أن "جهاز السامسونج" الذي يوجه الإعلام ليس في بلد بعينه ولكن في جميع أنحاء العالم.
وقد تعطل هنا تحت تأثير الإجرام الصهيوني الإسرائيلي غير المسبوق في تاريخ البشرية، وفي ظل استمرار حرب التجويع والإبادة في غزة، التي لا يستطيع تجاهلها إلا الشياطين.
اللقاء تم قبل نحو شهر بين المذيع الأمريكي الساخر جون ستيوارت وبيتر بينارت، محرر موقع "تيارات يهودية"، لمناقشة كتاب لبينارت بعنوان "أن تكون يهوديًا بعد تدمير غزة: وقفة للمحاسبة"، 2025. لكن كانت له تفاعلات كبيرة وهاجمته مواقع يهودية حيث حفل، ومن خلال مناقشة محتوى الكتاب، بالهجوم على جرائم إسرائيل، وبالسخرية من فكرة الشعب المختار، وبالمطالبة بالمساواة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبمحاسبة النفس قبل فوات الأوان. هذا جانب منه:
ستيوارت: أنت يهودي، وأنا يهودي. الناس يصرخون في وجهي عندما أتحدث دعما لفلسطين، ويصفونني بأني "يهودي سيء". أنا لا أعرف كل خفايا التاريخ، لكنني أعرف ما أراه. ومن منطلق أخلاقي فإن ما أراه خطأ.. ما يحدث في غزة خطأ.. لطالما نظرت إلى فكرة "الشعب المختار" على أنها غريبة بعض الشيء. هل يصرخون في وجهك أيضا؟
بينارت: مسؤوليتنا هي أن نتذكر ما فُعل بنا.. كنا ننتظر مساعدة الناس لنا. لا أقول إن ما يحدث في غزة معادل للمحرقة (الهولوكوست)، ولكنه شيء سيء جدا.
ستيوارت: قرأت مقالًا في صحيفة التايمز لـ "بريت ستيفنز" يقول: إن هذه ليست إبادة جماعية لأن إسرائيل قوية جدًا ويمكنها قتلهم بسرعة أكبر"! وأعتقد أن هذا أكثر وصف مثير للسخرية لحصار عسكري وتجويع متعمد رأيته في حياتي.
بينارت: حتى منظمة "بيتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، أصدرت تقريرًا تقول فيه إن هذه إبادة جماعية.
ستيوارت: لقد هز هذا الأمر كياني. أشعر وكأنني مجنون، أو أشاهد شيئًا غير إنساني ومروع. ويُطلب مني أن أصمت لأنني أعرض الدولة اليهودية للخطر بالتحدث علنًا.. على العكس.. هم الذين يعرضون بقاء الدولة اليهودية للخطر. أعتقد أنهم هم الذين يعادون السامية.. بحسب تعريف معاداة السامية، يجب على نتنياهو أن يفجر نفسه. إسرائيل فشل للإنسانية!
بينارت: سيكون اليهود الإسرائيليون آمنين فقط إذا كان الفلسطينيون آمنين. ولا يمكن للفلسطينيين أن يكونوا آمنين إلا إذا كانوا أحرارًا. إنهم يعيشون في ظروف وصفتها، حتى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، بأنها فصل عنصري، حتى قبل 7 أكتوبر. يجب أن يعلموا كآدميين.
ستيوارت ساخرا من فكرة المسْكَنة:
نحن يهوديان، نرى الوضع بشكل متشابه للغاية. لقد صوروا لنا تاريخنا دائما وكأننا على وشك الفناء، ثم فجأة يتغلب "المكابيون".. وننتصر، أليس كذلك؟
بينارت: هذا صحيح.. وإذا قرأت التوراة والتلمود حقًا، ستجد أننا بشر عاديون يمكن أن نكون مظلومين، لكن يمكن أن نكون أيضا ظالمين، ضحايا وجلادين.
ستيوارت: كيف لا يتدخل العالم بشكل صحيح لوقف هذه الفظائع؟ لا أفهم هذا.. إنه يربك عقلي.!
بينارت، ملقيا اللوم على أمريكا: الأمر أسوأ من مجرد عدم التدخل. إنها أسلحتنا (الأمريكية) هي التي تفرض الحصار والتجويع الجماعي. في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جريمة حرب التجويع. وردت أمريكا بمعاقبة المحكمة. وكانت الرسالة التي تلقتها إسرائيل: يمكنكم الإفلات من العقاب بما هو أسوأ، وهكذا، ومنذ وقت مبكر هذا العام، قطعت إسرائيل عن غزة كل الطعام والأدوية والمياه.
ستيوارت: إنه حصار.. إنه حصار عسكري.
بينارت: نعم، نحن متواطئون فيه بشدة. لا يمكن أن يحدث هذا بدوننا.
ستيوارت كأمريكي: فلماذا لا نستخدم نفوذنا؟ وعندما قال ترامب إنهِ المهمة.. ما المهمة التي يتحدث عنها؟
بينارت: خطة ترامب واضحة تمامًا وهي الطرد الجماعي لكل الفلسطينيين من غزة.
ستيوارت: هل تعتقد أن شعب إسرائيل سيوافق على ذلك؟
بينارت: هناك إسرائيليون كثيرون يؤيدون هذا بالتأكيد.. المشكلة هي أنه عندما يتمكن شخص مثل نتنياهو من الإفلات بجرائمه مرارًا وتكرارًا، فهذا يجعله أقوى. يمكن فقط إضعاف نتنياهو بأن يرى الإسرائيليون أن الوحشية ضد الفلسطينيين، لها عواقب فعلية.
ستيورات: هذه حتى لا يمكن تسميتها حربا، إنها مجرد مجموعة من "الثوار" في مواجهة جيش حقيقي مزود بالطائرات والقنابل.
بينارت: نحن ندين ما فعلته حماس في 7 أكتوبر. لكن كيف تتصرف أمريكا عندما يحارب الفلسطينيون من أجل حريتهم بطريقة أخلاقية؟! في عام 2018، خرجت مسيرة جماهيرية سلمية تمامًا في غزة اقتداء بغاندي، فهل صفقت لهم إسرائيل؟ لا، بل وضعت قناصة بأسلحة أمريكية على الجدار العازل وأطلقت النار على الألاف. وعندما يلجؤون إلى المقاطعة السلمية، نجرم المقاطعة. وعندما يتوجهون إلى المحكمة الجنائية الدولية، نفرض عقوبات عليها. نحن في الأساس نرسل رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن الاحتجاجات السلمية والمقاومة الأخلاقية لا تجدي نفعًا. وهذا يبرر لحماس ما قامت به في 7 أكتوبر. لن يفهم العالم معاناة الفلسطينيين إلا عندما يذهبون إلى هناك.
ختاما، ورغم كل ذلك الهجوم على إسرائيل وأمريكا، لا يُستبعد أن يكون هذا اللقاء مصمم فقط لتنفيس الغضب العالمي إزاء الجرائم الصهيونية والدعم الأمريكي لها، وأظن أن هذا هو الأقرب للحقيقة.

[email protected]

”جهاز السامسونج العالمي” يتعطل.. إعلاميون يهود ينتقدون إسرائيل! عصام بيومى الجارديان المصرية