الخميس 25 سبتمبر 2025 11:57 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

المحلل السياسي محمد الشافعى يكتب : البلطجى والمختل وجنون الحرب

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

إنَّ فكرة مقارنة بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب تحت وصفي "مجنون الحرب" و"مريض جنون العظمة" ليست مجرد توصيفات إعلامية حادة، بل هي محاولة لاستكشاف سمات القيادة الشعبوية المتطرفة وتأثيرها المدمر على السياسة العالمية ومنطقة الشرق الأوسط. يشترك الرجلان في أسلوب حكم فردي متصلب، وشبكة علاقات سياسية متقلبة، والقدرة على تحدي الأعراف الدبلوماسية والسياسية.
​نتنياهو: "مجنون الحرب" والمخاطر الوجودية
​يمكن النظر إلى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل الأطول خدمة، من منظور أنه "مجنون الحرب" نظرًا لسياسته القائمة على التصعيد العسكري المستمر واللجوء إلى القوة كأداة أساسية في التعامل مع النزاعات الإقليمية، خاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتهديد الإيراني.
​سمات الأسلوب:
​عسكرة السياسة: يرى نتنياهو الأمن من منظور عسكري ضيق، حيث يُعتبر العمل العسكري في كثير من الأحيان هو الخيار الأول وليس الأخير. هذا النهج يغذي دوامات العنف ويُعمق حالة عدم الاستقرار.
​تحدي المجتمع الدولي: لقد دأب على تجاهل القرارات الدولية والمخاوف العالمية بشأن الاستيطان، واستهداف مناطق محددة، مما يضع إسرائيل في عزلة متزايدة، ويؤدي في النهاية إلى "رفع البطاقة الصفراء" عالميًا بوجه سياسته.
​البقاء السياسي: غالبًا ما تُفسر قراراته المتشددة على أنها مرتبطة بحاجته إلى الحفاظ على ائتلافه اليميني المتطرف والبقاء في السلطة، خاصة في ظل مواجهته لقضايا فساد، ما يجعل المخاطر الأمنية الكبرى تُتخذ بدوافع سياسية شخصية.
​ترامب: "مريض جنون العظمة" وهزُّ أركان السياسة
​أما دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، فيمكن وصفه بـ "مريض جنون العظمة" في سياق يركز على الأنا المتضخمة، والتركيز على شخصه فوق المؤسسات، وازدراء الخبراء والأعراف. إنه يرى نفسه دائمًا محور أي قرار، ونجاح أمريكا مرتبط بنجاحه الشخصي.
​سمات الأسلوب:
​الذات فوق الدولة: يتمحور أسلوبه حول الشخصنة المطلقة للسياسة. فالعلاقات الخارجية، مثل علاقته بنتنياهو، تُبنى على الولاء الشخصي بدلًا من المصالح الاستراتيجية الثابتة. وعندما يتبدل هذا الولاء، كما حدث في بعض الفترات بينهما، تنقلب المواقف الحادة.
​تقويض المؤسسات: ظهر جنون العظمة لديه في سعيه الدائم لتقويض المؤسسات التي لا تخدم مصالحه الشخصية أو التي تنتقده، سواء كانت إدارات داخلية، أو وكالات دولية، أو حتى حلفاء تاريخيين.
​التفاوض والصفقات: نظرته للعالم قائمة على مفهوم "الصفقة" الفردية. لقد كان مستعدًا لتغيير المعادلات الإقليمية، مثل نقل السفارة الأمريكية أو دعمه لخطط إسرائيلية، لتعزيز نجاحه الشخصي أو للحصول على "انتصار عظيم" ينسب إليه.
​تقاطع المصالح والأضرار المشتركة
​التقاء هذين الزعيمين لم يكن صدفة، بل كان التقاء لـ شعبويتين متطابقتين تستندان إلى أقصى اليمين. لقد وجد كل منهما في الآخر غطاءً استراتيجيًا ضروريًا:
​ترامب دعم نتنياهو: لتعزيز قاعدته الإنجيلية واليمينية في أمريكا، ووفر غطاءً لسياسات نتنياهو الأكثر تطرفًا.
​نتنياهو استغل ترامب: لتحقيق مكاسب استراتيجية (كالقدس والاستيطان) كان من المستحيل تحقيقها في ظل رؤساء أمريكيين تقليديين.
​لقد أدت هذه الشراكة إلى تغيير معادلة الشرق الأوسط بشكل جذري، حيث ارتفعت وتيرة التوتر الإقليمي، وتضاءلت فرص الحلول الدبلوماسية، وشهدت المنطقة محاولات متكررة لفرض أمر واقع بقوة الأمركة والإسرائيلية. إنها فترة عكست كيف يمكن للقيادة المتطرفة والمدفوعة باعتبارات شخصية ونفسية، أن تُلحق أضرارًا جسيمة بالاستقرار الإقليمي والعالمي.
​هذه المقاربة، على الرغم من حدّتها، تسلط الضوء على أن السياسات الكبرى في العصر الحديث لم تعد تُدار بالضرورة بحكمة ودبلوماسية، بل قد تحركها في بعض الأحيان دوافع شخصية، تغلفها الشعارات الوطنية والتهور غير المحسوب.

المحلل السياسي محمد الشافعى البطجى والمختل وجنون الحرب الجارديان المصرية